أهم التطورات التى تبرز فى حضارات العالم القديم هى العمارة، وأهمها الأهرامات المصرية، سور الصين العظيم، التى تصنف ضمن عجائب الدنيا السبع وهى الوحيدة التى لا تزال قائمة.. مفارقة لابد لها من مدلول أو هى رسالة إلينا من أجدادنا العظماء يخبروننا أن هناك تشابهًا ما.
هنا لابد أن نلتفت إلى التشابه الكبير بين مصر والصين، حيث مرت الحضارتان بفترات صعبة وظروف قاسية وفى الوقت نفسه جاء لهما زعماء يستطيعون استغلال تلك الظروف لتطوير بلدانهم وتجاوز الأزمة والعودة بالشعب والوطن إلى جذوره التى تمتد إلى أبعد نقطة فى التاريخ، وعودة شعوب هذه الحضارات لا تحتاج سوى لباعث لها من أولادها المخلصين، مستغلًا طاقات هذا الشعب صاحب الحضارة، ولدينا هنا على سبيل المثال الزعيم الصينى «دنج شياوبينج» «22 أغسطس 1904-19 فبراير 1997» الذى تولى قيادة الصين «بين عامى 1978 و1992» والرئيس عبدالفتاح السيسى الذى استطاع العودة بمصر من طريق اللاعودة إلى طريق التقدم، ووضع اللبنة الأولى على طريق بناء مصر الحديثة من خلال مشروعات تمت فى سنوات قليلة.
هنا بينج والسيسى اعتمدا على مبدأ الكفاءة، حيث إن الشخص يعامل وفقًا لكفاءته وقدراته، أيضًا بعث الإحساس بالانتماء، حيث إن الدولة تعامل موظفيها على أنهم جزء لا يتجزأ منها، أشعرنا السيسى أن مصلحة المجتمع ومصر قبل مصلحة الفرد، بالطبع تتواجد العديد من الأسباب الأخرى.
نعود للصين التى كانت قد مرت بفترة صعبة ومعقدة حتى باتت الأوضاع مستقرة فى نهاية السبعينيات تقريبًا، الأمر الذى هيأ للقيادة السياسية للبلاد، وفى القلب منها دنج شياو بينج، الذى تطلع لتحرير العقول وإطلاق المبادرات المبدعة لبناء صين جديدة.
مصر أيضا مرت بفترة فوضى لسنوات تلاها اختطاف لعام قبل أن يطالب الشعب المشير عبدالفتاح السيسى بنزول الانتخابات واستعادة البلاد.
رأى «بينج» أنه لا بد أولًا من تحرير الاقتصاد المخطط شديد المركزية الذى تتولى الحكومة فيه التخطيط والتنفيذ والتدبير والمسؤولية عن كل شىء تقريبًا فى هذا البلد الكثير السكان، خاصة مسؤولية توفير الطعام فيما يسمى بالصين فى حينه «قدر الطعام الكبير الواحد» فى إشارة إلى أن الحكومة توفر الطعام للجميع على حد سواء، المنتجون وإن اختلفت درجات إنتاجهم، واللامنتجون، وإن اختلفت درجات اعتمادهم على قدر الأرز الذى توفره الحكومة، كانت الأرضية الفكرية جاهزة، والأفكار التحررية نحو البناء والإبداع تلقى قبولًا بين القيادة السياسية وبين أبناء الشعب، فى وقت لم يأل فيه «دنج شياو بينج» جهدًا للدعوة والترويج لأفكاره الإصلاحية، مؤكدًا أن الظروف باتت مهيأة لإطلاق العنان للناس ليعملوا ويبدعوا وينتجوا كما يفعل العالم المتطور.
التجربة المصرية قد تكون أكثر إثارة من حيث سرعة الأداء والتنفيذ فى المشروعات القومية الكبرى، حيث حفلت فترة الرئاسة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى والتى امتدت من عام 2014 إلى عام 2018 بزخم كبير من الإنجازات فى المشروعات القومية العملاقة والمتنوعة، حيث تم خلال تلك الفترة إنجاز 11 ألف مشروع على أرض مصر، بتمويل يصل إلى 2 تريليون جنيه، «مع العلم بأن الأرقام نقلًا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط واليوم السابع»، ومن أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة إضافة إلى 13 مدينة أخرى، وإقامة 100 ألف صوبة زراعية، وتربية مليون رأس ماشية، و40 ألف فدان من المزارع السمكية.
وخلال تلك الفترة ودع المصريون عصر انقطاع الكهرباء، ويجرى العمل حاليًا على إنشاء شبكة لنقل الكهرباء تتكلف من 60 إلى 70 مليار جنيه، وتم توقيع 62 اتفاقية بحث واستكشاف ضمن خطة تنمية قطاع البترول، وتضاعفت الاحتياطات المضافة من اكتشافات الغاز الطبيعى 8 أضعاف عن مثيلاتها خلال الفترة من 2010 إلى 2014 لتصل إلى 36.8 تريليون قدم مكعب، وتم تنفيذ مشروعات لتنمية حقول الغاز الطبيعى باستثمارات بلغت 12.6 مليار دولار ليصل إنتاجها إلى 5 ملايين قدم مكعب فى اليوم بزيادة %130 عن الفترة من 2010 إلى 2014.
وفى مجال الطرق والكبارى، تم إنشاء 7 آلاف كيلو من الطرق بتكلفة تتجاوز الـ85 مليار جنيه، وإقامة نحو 200 كوبرى بتكلفة تقارب 25 مليار جنيه، وزيادة الرقعة الزراعية بإضافة 200 ألف فدان زراعى، وبنهاية عام 2019 سيكون هناك مليون فدان زراعى.
واقتصاديًا، ارتفع الاحتياطى النقدى، وانخفض ميزان العجز التجارى فى العامين السابقين بمقدار 20 مليار دولار، وزادت الصادرات بمقدار 4 مليارات دولار، وانخفضت الواردات بمقدار 16 مليار دولار فى العامين السابقين، وتمت زيادة المرتبات منذ عام 2011 حتى الآن من 80 مليار جنيه إلى 230 مليار جنيه، بنسبة 300 فى المائة، وزيادة المعاشات بنسبة 15 فى المائة ليصل الحد الأدنى إلى 630 جنيهًا، ابتداءً من شهر يوليو الماضى، ووصول حجم الاستثمارات فى مشروعات التنمية منذ منتصف 2014 لنحو 400 مليار جنيه.
وعلى صعيد البعد الاجتماعى ارتفع إجمالى مخصصات المعاشات الضمانية من 6 مليارات جنيه منذ ثلاث سنوات إلى 17 مليارا و250 مليون جنيه لتغطى 10 فى المائة من أبناء مصر فى الأسر الأكثر احتياجًا.
وبلغت نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان %15 لأول مرة فى تاريخ مصر، ووصل تمثيل المرأة بالحكومة إلى %20، وتم مد شبكة الصرف الصحى لتغطى %16 من القرى المصرية.
وعلى مستوى التعليم، تمت زيادة عدد الفصول والمعامل الدراسية بأكثر من 41 ألف فصل و5 آلاف معمل فى مراحل التعليم الأساسى المختلفة، وتم إنشاء 9 جامعات حكومية وخاصة جديدة على مدى أربع سنوات، وارتفع عدد الكليات من 292 إلى 450 كلية.
وفى مجال الصحة، تم إقرار قانون التأمين الصحى لتغطى مظلته جميع المصريين، وتم حصار «فيروس سى»، من خلال تقديم العلاج إلى 1.4 مليون مريض بتكلفة 3.7 مليار جنيه، وتم إجراء مسح طبى لنحو 5 ملايين مواطن.
كما ارتفع عدد المستشفيات الجامعية من 88 إلى 109 مستشفيات بنسبة %23، وارتفعت أعداد المشروعات البحثية بنسبة %232، وارتفع أعداد الأبحاث العلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة