فجأة، اندفعت السفارة الإسرائيلية فى الهجوم على «اليوم السابع» والأهرام واتهمت الصحيفتين بالترويج لما سمته بـ«الكراهية»، وطبعا كلمة الكراهية وحدها لها جرس يرن فى الأذن ويستدعى للأذهان مجموعة الجرائم الجديدة التى تستخدمها إسرائيل وغيرها لوصف خصومها، لأنها لا تجد ما تدينهم به، والحقيقة أن سفارة الدولة العبرية تأكدت من هزيمة الأصوات الشاذة فى مصر التى حاولت إحياء الكذبة القديمة عن التهجير القسرى لليهود من مصر، ولذا قررت أن تكشف عن وجهها وتدخل هذه المعركة وتقصف جبهة «اليوم السابع» و«الأهرام» وتوزع عليهما الاتهامات، نظرا لموقفهما فى فضح كذبة التهجير القسرى ليهود مصر وفى فضح ارتباط الأصوات المروجة لها بأطراف خارجية معروفة.
هل تحاول السفارة الإسرائيلية إرهابنا مثلا باتهامنا بالترويج للكراهية؟ هل تحاول أن تقول لنا اسكتوا ولا تتناولوا الحملة المنظمة التى نديرها من الخارج ومن داخل مصر لنشر الوعى الزائف بوجود تهجير قسرى ليهود مصر؟ وهل تتصور سفارة إسرائيل أنها عندما تدخل معنا فى سجال أو توزع علينا الاتهامات الجزافية أننا سنكش ونتراجع عن مواقفنا؟
الأسئلة السابقة كلها منطقية، ولكن إجاباتها كلها ليست على هوى السفارة الإسرائيلية ومن فيها ومن يديرون الإعلام بها، فمسألة الكراهية التى تحاول أن توصمنا بها، اتهام زائف لا يؤثر فينا، لأننا نعلم تماما أننا من أنصار التسامح والتعايش وقبول الآخر المسالم شريكنا فى الوطن أو فى الإنسانية، لكننا فى الوقت نفسه نكره الظلم والاحتلال والعدوان واغتصاب الحقوق، فإذا كانت السفارة الإسرائيلية تمثل الظالمين والمعتدين والمحتلين لأراضى الغير ومغتصبى الحقوق، فنحن نكرهها، أما إذا كانت تمثل المسالمين والمؤدين للحقوق والراغبين فى التعايش والذين يردون المظالم، فنحن نحبها.
وإذا كانت سفارة إسرائيل باتهاماتها العبيطة لنا بالترويج للكراهية، تحاول أن تقول لنا «اسكتوا عن الحملة المزيفة التى أحاول الترويج لها بوجود تهجير قسرى لليهود المصريين، وأن أثبت الوعى الزائف بهذه القضية حتى أستطيع أن أبنى عليها سياسيا فى المستقبل»، سنقول لها «العبى غيرها، فنحن لن نسكت أبدا عن هذه القضية وعن تلك المزاعم وسنواصل فضح الأساليب التى تتبعينها أنت وذيولك فى الخارج أو فى الداخل فى تل أبيب أو فى الأراضى المحتلة أو فى أى من العواصم الدولية، نحن لك بالمرصاد وإياك أن تعبثى معنا».
وإذا كانت سفارة إسرائيل تتصور أنها عندما ستخل معنا فى سجال، سنتراجع ونعيد التفكير فى مواقفنا، نقول لها إن مواقفنا مبدئية لا نتراجع عنها ولا نعدل فيها بصرف النظر عمن يواجهنا، فرد، هيئة اعتبارية، سفارة دولة إلخ، وسنظل ندافع عن الحقائق التاريخية الثابتة حول خروج اليهود المصريين من مصر، حتى لو تم اتهامنا بالترويج للكراهية أو للأفكار الغامضة أو للدعاية غير الديموقراطية أو حتى لرقصة الهيب هوب، فمثل هذه الاتهامات لا تؤثر فينا ولا تجعلنا مواطنين صالحين حسب المقاس الإسرائيلى.
المقاس الإسرائيلى للإنسان المحب والجار الصالح والإنسانى المفرط فى إنسانيته، لا يهمنا فى شىء، لأننا نرى أفعال هذا المواطن فى الدولة العبرية وخارجها، ونراه فى المعارك التى تخوضها تل أبيب وفى كل قطعة أرض عربية تحتلها وتطرد سكانها منها، ونراه أيضا فى أشكال العدوان والتعذيب والقهر التى تواجه بها إخواننا الفلسطينيين على أراضيهم، ونحن فى المقابل لدينا مقاييسنا وقوانيننا وأخلاقنا المتجذرة منذ آلاف السنين عندما كان اليهود يعيشون معنا على هذه الأرض ثم خرجوا منها خروج اللصوص بالليل بعد ما سرقوا ذهب المصريين الأبرياء.
نحن نعلم جيدا كيف خرج اليهود من مصر أولا وكيف خرجوا ثانيا، وفى المرتين للمصريين ألف حق وحق، وسيأتى وقت ترد فيه الحقوق لأصحابها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة