أنهى الرؤساء الثلاثة، جمال عبدالناصر، والسودانى جعفر نميرى، والليبى العقيد معمر القذافى اجتماعاتهم فى طرابلس يوم 27 ديسمبر - مثل - هذا اليوم - 1969.. ووفقا لفتحى الديب «أمين الشؤون العربية برئاسة الجمهورية»، فإن هذه الاجتماعات بدأت يوم 26 ديسمبر بعد وصول عبدالناصر إلى طرابلس، قادما من مؤتمر القمة العربية المنعقد فى العاصمة المغربية الرباط ومعه الرئيس السودانى جعفر نميرى، وكات الزيارة الأولى لعبدالناصر إلى ليبيا بعد قيام الثورة بقيادة القذافى فى الأول من سبتمبر 1969.
يؤكد «الديب»، أن اجتماعات طرابلس حضرها الرؤساء الثلاث والوفود المرافقة وأعضاء مجلس قيادة الثورة الليبية لمناقشة مشروع ميثاق ثلاثى، يهدف إلى البدء فى اتخاذ خطوات إيجابية كمرحلة أولى لتوحيد القوات المسلحة والاقتصاد والتعليم على طريق الوحدة الكاملة للدول الثلاث، وتحمس الليبيون بشكل كبير لذلك، لكن الوفد السودانى لم يتحمس وبرر موقفه بالمشاكل فى جنوب السودان، وعدم إمكانية إقناع شعب الجنوب بقبول تلك الخطوة، بالإضافة إلى معارضة الأحزاب السودانية لمثل هذه الخطوة طالما لم يتم التمهيد لها.
يكشف «الديب»، أن الموقف السودانى أصاب الليبين بخيبة أمل كبيرة، فلجأوا إلى الرئيس عبدالناصر، مطالبين بإتمام وحدة فورية مع مصر بصرف النظر عن موقف السوادان، لكن عبدالناصر طالبهم بعدم الانفعال، مؤكدا: «أهمية عدم ترك السودان ليكون فريسة فى أيدى أعداء الأمة العربية إذا ما شعر بعزلته فى مواجهة التيارات المتصارعة على الساحة العربية والأفريقية».. يتذكر «الديب»: «استطاع عبدالناصر بلباقته وسعة أفقه أن يتمكن من السيطرة على الموقف خلال جلسات الاجتماع الثلاثى، ليصل إلى ضرورة الاتفاق على صيغة للتعاون فى صورة ميثاق عمل تعقد من خلاله اجتماعات دورية للرؤساء الثلاثة، تمهيدا لإيجاد نوع من التنسيق فى كل المجالات كمرحلة أولى على طريق تهيئة المناخ الطبيعى، لاتخاذ خطوات إيجابية وحدوية نابعة من الدراسات الموضوعية العميقة».
يذكر «الديب»: «كان الجانب الليبى غير مقتنع بالأسباب التى طرحها الجانب السودانى، إلا أنه تمشى مع أسلوب الرئيس جمال فى معالجة الموقف مع إصراره على أن يتم اتخاذ خطوات إيجابية فى المجال الثنائى بين مصر وليبيا، بصرف النظر عن العمل فى الإطار الثلاثى الذى سيسيرون فيه تماشيا مع رأى الرئيس عبدالناصر الذى أقتنعوا به»، يضيف «الديب»: «استغرقت الجلسات يومى 26 و27 ديسمبر، وتم الاتفاق بعد جهد كبير على إصدار بيان ثلاثى مساء يوم السابع والعشرين ليعلن على الرأى العام العربى والدولى عن طريق أجهزة الإعلام، وتم الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة على تعينى «محمد فتحى إبراهيم الديب»، أمينا عاما لميثاق دول طرابلس، على أن أقوم بإعداد خطة العمل لتنفيذ الخطوات الأولى، ووضع جدول أعمال للاجتماع الأول للجنة الثلاثية المزمع عقدها فى القاهرة».
يضيف «الديب»، أنه بعد انتهاء اجتماعات الرؤساء الثلاثة، التقى عبدالناصر برؤساء القبائل الليبية والشخصيات العامة، والضباط الليبيين من أعضاء التنظيم الذى قاد الثورة وغيرهم فى حديث طويل.. أما البيان الذى صدر عن الرؤساء الثلاثة وعرف بـ«ميثاق دول طرابلس»، فتم الإعلان عنه مساء 27 ديسمبر، وجاء فيه: «اجتماع القادة الثلاث ضرورة تاريخية فرضتها قيام الثورات فى كل من السودان وليبيا لتلتقى بالثورة المصرية الرائدة، انطلاقا من أن قيام هذه الثورة الشعبية حققت تحالفا ثوريا وثيقا يرتبط جذريا ورحيا بحركة النضال الشعبى العربى وتطلعاته إلى هزيمة مخططات الاستعمار الحديث والصهيونية، وصولا إلى تحقيق التغيير الاجتماعى والتقدم والاشتراكية لمصلحة الجماهير العربية، الأمر الذى يوفر الشروط الموضوعية لتحقيق الوحدة العربية أمل أمتنا المناضلة».
أضاف البيان: «القادة الثلاث وهم يجتمعون فى ليبيا الثورة، والتى تمكنت بفضل ثورتها، ونضال وتصميم طلائعها الثورية، من تصفية القواعد العسكرية الأجنبية، يؤكدون بأن لقاءهم يوسع فى جبهتنا القتالية فى وجه العدو الذى يدنس أرضنا، وبه يتسع ميدان النضال ضده من القاهرة إلى طرابلس إلى الخرطوم، حيث تحشد وتكثف كل الطاقات والإمكانيات وهى كبيرة، وصولا إلى النصر وتحرير الأرض العربية، ويرى الرؤساء أن مسؤولية مواجهة التحديات الصهيونية، والاعتداءات الإسرائيلية هى مسئولية مشتركة يجب أن تساهم فيها كل الدول العربية، ولذا فمن الواجب والضرورى مواصلة الجهود من أجل حشد كل الطاقات العربية لخوض المعركة المصيرية التى تواجه الأمة العربية».
واختتم البيان بإعلان: «عقد اجتماعات دورية للرؤساء الثلاثة كل أربعة أشهر لمتابعة تحقيق الأهداف الموحدة لشعوبهم، والمبادئ المعلنة لثورتهم، والأمانى والتطلعات لأمتهم العربية المجيدة فى الحرية والاشتراكية والوحدة.. ثانيا: إنشاء لجان مشتركة فى كل المجالات لوضع الأسس الكفيلة لتحقيق التعاون والتكامل بين الأقطار الثلاثة، بما يعود بالمنفعة المتبادلة لشعوبهم».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة