خالد أبوبكر يكتب: هنا فرنسا: يبقى الحفاظ على الوطن أهم من احترام القانون..بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية خسارة بالمليارات فى أيام..والشعوب لا تعرف سوى المصلحة الاقتصادية وانتهكت الحريات فى أعرق الحضارات

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018 07:00 م
خالد أبوبكر  يكتب: هنا فرنسا: يبقى الحفاظ على الوطن أهم من احترام القانون..بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية خسارة بالمليارات فى أيام..والشعوب لا تعرف سوى المصلحة الاقتصادية وانتهكت الحريات فى أعرق الحضارات خالد أبو بكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يا الله.. أربعة أيام قضيتها فى باريس لمتابعة تظاهرات السبت الخامس عشر من ديسمبر الجارى، بما يسمى بتظاهرات أصحاب السترات الصفراء، الذين يشتكون من ارتفاع الضرائب.
 
كنت ذاهبًا لباريس محملًا بمشاعر من الحزن على هذا البلد العريق الذى تعلمت فيه، وقضيت فيه سنوات طويلة من عمرى.
 
كانت مشاهد الشوارع الرئيسية فى باريس وأنا أراها خأوية على شاشات التليفزيونات تصيبنى بالدهشة، وكانت أعمال التخريب تصيبنى بالحسرة، لذلك اتخذت قرارًا أن أذهب لأكون فى الشوارع الباريسية يوم السبت، لأرى وأسمع من ألفرنسيين أنفسهم مإذا يحدث؟؟؟
 
 
البداية.. حتى يوم الجمعة مساء، كانت الأمور تسير بشكل طبيعى شارع الشانزليزيه فى أبهى صوره وجنسيات من كل أنحاء العالم لكن ليست بنفس الأعداد، وألفنادق نسبة الإشغال فيها ليست كالمعتاد والمطاعم ليست مزدحمة وحركة البيع ليست ككل سنة فى هذا التوقيت، وبحلول الساعات الأولى من يوم السبت، بدأت أرى انتشارًا غير طبيعى لقوات الشرطة المدججة بالسلاح، وبدأت المحلات تضع حواجز خشبية على واجهاتها وتستعين بأمن خاص إلى جانب الشرطة.
 
وبدأ الحديث عن أن حدثًا كبيرًا سيحدث طوال يوم السبت، استيقظت صباح السبت، فى التاسعة صباحًا لأجد درجة البرودة تصل إلى الخامسة تحت الصفر والشوارع خالية تمامًا من المارة، وكانت باريس أصبحت ملكًا لى وحدى بدأت أتجول لأشاهد هذا المشهد الذى لم يمر على من قبل وما هى إلا دقائق وبدأت ألمح قوات الشرطة تتمركز فى مواقعها بشكل ذكى ويبدو أنه كان لديهم خطة.
 
ذهبت إلى الأسواق لأسأل ألفرنسيين الذين أعربوا عن ضيق الحال تمامًا «وطبعًا الناس هنا فى مصر مش هاتصدق» هل فرنسا سادس اقتصاد على العالم يشتكى مواطنوها من ضيق المعيشة؟
 
الإجابة: نعم.
 
 
هناك فرنسيون يعيشون فى ظروف صعبة للغاية بل إن وصلات الغاز لم تصل إلى بعض البيوت حتى الآن، والبطالة هى مشكلة المشاكل وحلم التوظيف بـ1200 يورو «الحد الأدنى القانونى» بات حلمًا عند كثير من الشباب.
 
أما الضرائب فهى شريك لكل فرنسى يعيش على أرضها فأنت تدفع ضريبة على كل شىء حتى التليفزيون وتذكرة المترو والإيجار الشهرى والكهرباء أهم الأشياء التى يعانى منها البيت ألفرنسى، وكل ذلك جاء فى حوارات أجريتها فى الأسواق ألفرنسية مع المواطنين العاديين.
 
وبدأت أشعر أن هناك هتافات تأتى من شارع الشانزليزيه وقد منعت قوات الشرطة الخروج منه وسمحت بالدخول إليه فى خطة ذكية تجعل من سيدخله سيبقى وقتًا طويلًا، وبدأ أصحاب السترات الصفراء فى التجمع بأعداد كبيرة فى بداية اليوم لكنها لم تكن مثل باقى أيام السبت فى الأسابيع الماضية.
 
وزادت الهتافات إلى أن وصلت إلى المطالبة برحيل الرئيس ألفرنسى إيمانويل ماكرون، وغلب الطابع اليسارى على كثير من المتظاهرين إلا أنه للحقيقة كانت هناك كل طوائف الشعب موجودة فى الشارع وكان تعامل الشرطة عنيفًا جدًا مع أى محأولة للعنف.
 
 
وبدأت منأوشات وكر وفر بين المتظاهرين والشرطة التى تمركزت فى الطريق المؤدى لقصر الإليزيه «مقر الحكم فى فرنسا»، وأعلن عن اعتقال 33 مواطنًا صباح هذا السبت، ليصل إجمإلى المعتقلين ما يزيد عن 300 معتقل.. والكارثة الحقيقة أن كثيرًا من هؤلاء تم توقيفهم بشكل غير قانونى وتقدمت نقابة الصحفيين بشكأوى للنائب العام ألفرنسى تفيد أن هناك اعتداءات من قبل الشرطة على أعضائها من الصحفيين، وأصبح اختراق القانون مباحًا.
 
هنا فكرت كثيرًا فى أنه جاء اليوم الذى أرى فيه القانون ينتهك فى بلد القانون ولم أكن للأمانة متعاطفًا مع المتظاهرين عكس كثير من أبناء الشعب ألفرنسى، وللأسف وأقول للأسف لم أكن بداخلى منزعجًا فى عدم احترام فرنسا للقانون وآسفت أن هذا الشعور انتابنى وأنا قضيت حياتى كلها فى دراسة القانون والعمل به.
 
لكن انتابنى شعور بالخوف على مقدرات هذا البلد العريق الذى أثق أن الشرطة فيه لا ناقة لها ولا جمل ولا تريد سوى الحفاظ على ممتلكات ألفرنسيين وأنهكت طوال أيام مواجهة طويلة.
 
والتعامل مع الآلاف أمر لم تعهده كل الدول المستقرة، ويحتمل الخطأ فى التصرف واشتكى أصحاب السترات الصفراء من أنهم منعوا من الذهاب إلى الميادين العامة، وأن فرنسا «بجلالة قدرها» ليس بها ديمقراطية «طبعًا أنا كنت بسمع الكلام ده وأنا دماغى كلها فى بلدنا».
 
 
ومضى اليوم ولم تحدث أحداث كبيرة ولكن بقى السؤال:
 
هل الديمقراطية التى تؤدى إلى دمار مقدرات شعب هى حق لا يمكن المساس به؟
 
هل وجود حسنى النية مع أفراد لهم أغراض خبيثة فى الشوارع أثناء التظاهر أمر يمكن السيطرة عليه؟
 
هل يسمح باختراق القانون فى الأحداث الجسام للحفاظ على الاستقرار؟
 
هل لا توجد ديمقراطية فى فرنسا؟
 
هل تستطيع كل المجتمعات تطبيق الديمقراطية؟
 
أسئلة كثيرة لكن بداخلى إجابة أحيانًا أخاف أن أخرجها لأنها تتعارض مع مبادئ تعلمتها، وإن كانت تتفق مع قناعات رأيتها بعينى، وهى أن للديمقراطية وجه قبيح استغلاله يدمر بلاد «يأنهار أسود أنا اللى باكتب كده!!!».
 
مش عارف.. الظاهر أن الواقع شىء وما تعلمناه أو تمنيناه شيئًا لكن الحقيقة الوحيدة التى آمنت بها أن الوطن أهم ومستقبل أبنائى أهم وأمان أسرتى أهم قولوا ما تقولون.. هذه هى الحقيقة حتى لو لم أكن أتمناها أو حتى لا أعرف أن يسألنى أحد وكيف نحكم البلاد؟ وما هو معيار تطبيق الديمقراطية؟ معرفش.
 
ومش عارف أفكر فيها فى ظل الصراع الرهيب اللى جوايا لكن يبقى الحفاظ على الوطن أهم بكثير من الديمقراطية واحترام القانون.
 
 
 
P.6
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة