قال المهندس أيمن قرة، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، إن مصر خامس دولة فى إنتاج محصول الطماطم حيث تنتج 8 ملايين طن سنويا، يدخل منها 4 – 5% فقط فى عمليات التصنيع، فى حين يصل الفاقد من المحصول إلى 40%، مؤكدا وجود فرص كبيرة فى التصنيع وتقليل الفاقد.
وأوضح قرة، خلال ندوة عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية اليوم الأربعاء، بعنوان: "الخدمات فى سلسلة القيمة للمنتج الصناعى: المحرك المهمل"، إن هناك مشكلة تتعلق ببعد مناطق التصنيع عن الزراعة، فى حين أن هناك أراضى مبورة وغير مستغلة يجب إقامة مناطق تصنيع زراعى عليها.
وأشار عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، إلى أن الثقة مفقودة بين المنتج الزراعى والمصنع، مدللا على قوله بأنه عندما يرتفع سعر محصول الطماطم لا يورد المنتج الزراعى الكميات المتفق عليها بالكامل للمصنع، وإذا انخفض السعر بصورة كبيرة لا يشترى المصانع كافة الإنتاج، وهو ما يتطلب ضرورة تفعيل عقود الزراعة التعاقدية المتزنة.
وأوضح قرة، أن المحصول الزراعى يتضاعف سعره فى المرحلة من المنتج إلى المستهلك مرة واحدة على الأقل، لعدم جود أسواق جملة، وتحميله بتكلفة نقل مرتفعة جدا علاوة على طريقة التعبئة.
ودعا عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، إلى إيجاد آلية لتحسين وتطوير العملية الإنتاجية بتعاون جميع الأطراف من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى، مع ضرورة تحديد مسئوليا ودور كل قطاع حتى يحدث التأثير المطلوب.
وقال الدكتور عبد الحميد ممدوح كبير مستشارى شركة King & Spalding الدولية للمحاماة، ومدير قطاع التجارة فى الخدمات فى منظمة التجارة العالمية سابقا، إنه قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية، لم يكن هناك ما يعرف بتجارة الخدمات، ولم يكن دور الخدمات فى القطاع الصناعى واضحا، لافتا إلى أن الدور لازال غير واضح للكثير من الحكومات من حيث حجمه فى الاقتصاد ومساهمته حيث يحدد القدرة التنافسية للدول.
ودلل عبد الحميد، على أهمية دور القطاع الخدمى فى أنه يشكل 83% من الناتج القومى للولايات المتحدة الأمريكية، وأشار إلى دراسة أعدتها الصين حول تكلفة رغيف الخبز كشفت أن الخدمات تشكل نسبة 72% من تكلفة إنتاجه، وبالتالى فإن تحسين الخدمات يترتب عليه زيادة جودة المنتج وانخفاض سعره وزيادة قدرته التنافسية.
وضرب مدير قطاع التجارة فى الخدمات فى منظمة التجارة العالمية سابقا، مثالا على أهمية دور قطاع الخدمات فى تحسين كفاءة الأداء الاقتصادى، بقوله إن مصر تحتل المركز السادس عالميا بين الدول المنتجة للخضروات الطازجة، ورغم ذلك لا تنعكس هذه القدرة الاقتصادية الكبيرة على التصدير أو حتى على كفاءة السوق المحلى من حيث توافر السلعة، وهو ما أرجعه لغياب الخدمات فى مراحل الإنتاج المختلفة من عمالة مدربة وقطف وتعبئة وتغليف ونقل وتوزيع.
وبحسب الخبير الدولى، أظهرت دراسة أجريت عام 2010 عن الفاقد فى إنتاج الخضروات فى مصر أن نسبته تبلغ 30 – 40% من إجمالى حجم الإنتاج، وترتفع إلى 60% فى محصول الطماطم لأنه سريع التلف، مؤكدا أن غياب الخدمات فى مراحل الإنتاج تسبب فى هه النتيجة، مؤكدا أن قطاعى الخدمات والصناعة متكاملان ومتداخلان مع بعضهما البعض.
وعرض المركز دراسة أعدها حول مساهمة الخدمات فى سلاسل القيمة وتكلفة المنتج دراسة حالة لصناعتى الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والتصنيع الزراعى، وكشفت الدراسة أن مصر تعانى من عدم كفاءة فى تقديم العديد من الخدمات الخاصة بصناعتى الملابس الجاهزة والغذائية، مثل الخدمات الجمركية، وإدارة خدمات الإنتاج، وخدمات النقل والتخزين، وضعف عمليات التصميم، وخدمات الإرشاد الزراعى، وخدمات الحصاد، وخدمات التجميع والتخرين بالنسبة للصناعات الغذائية، وغيرها، وهو ما ترتب عليه ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض تنافسيته.
وقالت الدراسة إن نصيب الخدمات من تكاليف الإنتاج فى صناعة الملابس الجاهزة يتراوح ما بين 22 – 24%، فى حين تصل هذه النسبة إلى 49% فى الصناعات الغذائية، وجدير بالذكر هنا إن 97% من منشآت صناعة الملابس الجاهزة فى حالات الدراسة منشآت صغيرة، و89% من الصناعات الغذائية صغيرة.
وعن الخدمات التى تخدم كافة الصناعات والتى يجب أن يكون لها الأولوية فى التركيز، أشارت الدراسة إلى 4 خدمات هى: النقل واللوجستيات، والجودة واختبارات المعامل، والخدمات الحكومية، والخدمات لزيادة تنافسية المنشآت.
وقدمت الدراسة مجموعة من المقترحات لتحسين أداء هذه الخدمات تتمثل فى:
تشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص PPP في مجال البنية التحتية للطرق، وضع برنامج لتشجيع الشركات المالكة للأساطيل النقل البري لتحديث تلك الاساطيل، مد خطوط للسكك الحديدية بين الموانئ والمناطق الصناعية، وتشغيل القائم منها
توصيل خطوط النقل العام إلي المناطق الصناعية، العمل علي تنفيذ القانون فيما يتعلق بالحمولات الزائدة وفرض الغرامات، مراجعة أسعار خدمات الموانئ المعلنة بموجب القرار الوزاري رقم 488 لعام 2015 و 800 لعام 2016، بالإضافة إلى تشجيع الشركات على تطبيق مواصفات الجودة، وتوزيع منشور يتضمن قائمة بكافة المعامل المعتمدة والاختبارات التى تقوم بها علي جميع الشركات عند قيامها بالتسجيل للحصول على الرخص الصناعية.
كما تشمل المقترحات: مراجعة وتبسيط إجراءات التصدير والاستيراد، مراقبة تنفيذ القانون رقم 15 لعام 2017 للتأكد من تطبيق القانون فيما يخص تبسيط الإجراءات الخاصة برخص التشغيل، مراجعة وتبسيط كافة الإجراءات الحكومية، وزيادة مشاركة صغار المصدرين في البعثات التجارية، ورفع كفاءة مكاتب التمثيل التجاري في مجال دراسات السوق وأنشطة التوفيق بين المصدرين والمستوردين، وإنشاء قاعدة بيانات لكافة منتجي كل صناعة، بجانب تصميم برنامج لتقديم الدعم الفني لصغار المنتجين للحصول على شهادات الجودة، وكيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات في إدارة المخزون وإدارة الإنتاج والجودة وزيادة القدرات الإدارية لتلك المنشآت.
وبالنسبة للخدمات ذات الأهمية القطاعية، دعت الدراسة للتركيز على تحسين جودة خدمات التصميم، وخدمات تنمية رأس المال البشرى، وخدمات المعامل بالنسبة لصناعة الملابس الجاهزة، أما الخدمات ذات الأهمية للصناعات الغذائية فتتمثل فى الخدمات المرتبطة بالإنتاج الزراعى، والخدمات التمويلية، والنقل واللوجستيات، وخدمات التوزيع، وخدمات الجودة وتقييم المطابقة، والمرافق.
ومن أهم مقترحات الدراسة لتحسين الخدمات المذكورة، فدعت إلى إنشاء صندوق لتأمين الحاصلات الزراعية، وتطبيق مبادرة من البنك المركزي لتوفير التمويل للاستثمارات الزراعية، ووضع نظام مبسط لتسجيل الأراضي الزراعية، وتخصيص مناطق لوجستية في مواقع استراتيجية في المحافظات متضمنه مناطق للتخزين المبرد، ونقاط للتجميع ومراكز للتعبئة، وإنشاء مناطق صناعية للصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي بالقرب من المناطق الزراعية، و حصر وتسجيل كافة القائمين على عملية التوزيع، ووضع خطة تفصيلية لمبادرة جهاز تنمية التجارة الداخلية الهادفة إلي إنشاء مناطق تجارية ولوجستية في المحافظات، وتشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص PPP في مجال المرافق.
وقال المهندس هانى سلام عضو مجلس إدارة المجلس التصديرى للمنسوجات وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة الملابس ورئيس مجلس إدارة شركة سلامتكس، إن مصر لديها فرصة فى عمل سلسلة قيمة متكاملة فى مجال صناعات الملابس الجاهزة، لافتا إلى أنه عند النظر إلى صناعة الملابس لابد من التفريق بين المصانع التى تقوم بعمل منتجات نمطية أو غير نمطية بها نوع من الموضة، فقد لا تحتاج الشركة الإنفاق على التصميم.
وأوضح سلام أنه إذا أنفقت مصر مبالغ كبيرة على تطوير خدمات التصميم فى صناعة الملابس سيترتب على ذلك هدر كبير، لأنه يتطلب تطوير قطاع التصميم فى القماش والخيوط وهذا غير موجود.
ودعا سلام للاهتمام بالتدريب الفنى للعمالة، والتركيز على أولويات النقل الداخلى لسهولة وصول العمالة إلى المناطق الصناعية.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، إن بداية الحل هو التعرف على محركات التغيير، مؤكدة أن المستقبل لقطاعات الخدمات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يجب التركيز عليه.
واوضحت عبد اللطيف أن هذه الدراسة هى مجرد بداية، داعية لضرورة تعاون الشركات لإجراء الدراسة على العديد من القطاعات مثل الصناعات الهندسية، والكيماوية، والأخشاب وغيرها، للتعرف على التكلفة الحقيقية للخدمات فى سلسلة القيمة للمنتج الصناعى، والتركيز عليها لحلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة