"طاولة، كرسيين، كوبين من الينسون"، ثم ريح جافة أحيانا وباردة أخرى تهب من الخلاء الكبير، مشهد يتكرر كل فترة، ركن منعزلا عن روّاد المقهى، يمر الوقت فتتزاحم الأفكار، ينساب الحديث بيننا دون إفراط أو تجاوز، بضعة ضحكات، تعليق على مشهد عبثى .
على بعد أمتار قليلة، تجلس متشّحة بسواد من رأسها، بينما تخفى قدمها النحيلتين تحتها، تجلس على الأرض، أمامها كومة من " طماطم، خضر "، تنصب " إيوانها " قبيل المغرب، عشيّة الثلاثاء و الجمعة من كل أسبوع .، سابقة " السوق " فى الوجود، ناشبة أظافرها فى مكان يرتاده المارة من كل جهة ..
ردّنى صديقى ردّاً جميلاً من شرودى: أراك تٌمعن النظر لتلك البائعة، أزعم أنك تهتم بالمهمشين .!
نحن جميعاً مهمّشون، لا يغرّنك تلك الملابس التى نرتديها، أو هذه الكراسى التى نتوسّدها، فكلُّ منّا يتشبث بمكان فى هذه الحياة، يخشى زواله، أنظر لتلك المسكينة .، أشرت إليها بيدى فأتبعها بعينيه ..
يثقل رأسها من النعاس، تجلس جلستها هذه قرابة يوم كامل، تخشى القيام منه، فإن فعلت لن تجده مرة أخرى,
هزّ رأسه بأسى: كأنك تقصد أنها مرغمة على فعلها هذا؟
قلت = بين التشبث و التخلّى، وهم نسميه حياة ..
كانت المرأة ترمقنا من بعيد، لعلّها تقولها علانية فى سرّها: " الحال من بعضه ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة