كانت لحظة فارقة استدعت التصفيق التلقائى من الحضور، عندما سأل الرئيس السيسى اللواء عماد الغزالى، قائد المنطقة المركزية: «الكنيسة فين يا عماد؟»، ورد قائد المنطقة المركزية العسكرية على السؤال: «معملناش يا فندم»، ليتابع الرئيس: «دا تكليف وتوجيه، الموضوع ده ميفوتناش تانى، ده موضوع خلاص قلناه، لو سمحتم نعمل علشان نحقق لكل واحد يعبد زى ما هو عايز». الرئيس لاحظ أن عملية التطوير والإنشاء للمنطقة السكنية الجديدة خالية من كنيسة للإخوة المسيحيين، فكان سؤاله المباشر الذى يشبه العتاب واللوم لكل من خطط ونفذ المشروع، كما كان حزمه فى تأكيد التكليف ببناء دور العبادة فى كل مشروع جديد على قدم المساواة.
الحوار كان دالا على المجتمع المصرى الجديد المراد ترسيخ صورته وعلاقاته الصحية، لا فرق بين مسلم ومسيحى، كلنا مواطنون مصريون ولنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات، الرئيس كرر توجيهه بحزم، هذا لا يصح لابد أن تراعوا وأنتم تنشئون مجتمعا جديدا أن هناك مسلمين وأقباطا وأن من حق الجميع أن يتوجه إلى الله بصلواته فى دار العبادة التى تخصه، وبالفعل أعلن اللواء عماد الغزالى عن بناء كنيسة فى مشروع «أهالينا 2» المجاور للمشروع الأول.
الرئيس فى توجيهه وحديثه وإشاراته كان يؤكد على أمر يضمن سلامة المجتمع وتماسكه، المواطنة، لا يجب أن يفكر المسؤول عن إقامة مجتمع عمرانى جديد فى بناء مسجد مكتفيا بمراعاة مشاعر ومتطلبات المسلمين، لا لابد وأن يتصور بالضرورة أن هناك مسيحيين سيعيشون فى هذا المجتمع وأنهم بحاجة إلى إقامة شعائرهم الدينية ومن حقهم أن يجدوا كنيستهم القريبة من مكان سكنهم مثلهم مثل المسلمين تماما، ومادمنا فكرنا فى إنشاء المسجد فلابد أن نفكر فى إنشاء الكنيسة، كما أننا عندما نتجاهل إقامة الكنيسة فإننا نشعر إخواننا الأقباط أنهم منسيون وهذا لا يصح.
القضية منتهية ومحسومة، الدين لله والوطن للجميع، وعلينا جميعا أن نعمل وفق هذا الشعار، لا يجب ولا يصح أبدا أن يشعر فريق من المصريين بأن حقوقه مهضومة أو أن هناك من يحاول فرض الوصاية عليه أو إعاقته عن عبادة ربه بالصورة التى يراها هو ويرتضيها لنفسه، وليست هذه القضية البديهية هى ما يجب أن يشغلنا، نريد أن نرسخها بصورتها الإيجابية ونمضى للأمام إلى التحديات الحقيقية التى تواجهنا وأن نتصدى لها بتماسكنا وصلابتنا ومصريتنا ومواطنتنا.
وإذا كنا اليوم نشدد على ترسيخ فكرة المواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع، فذلك لأننا خضعنا طوال عقود لتجريف دينى وثقافى وكانت عقول ثلاثة أو أربعة أجيال مستهدفة ببرامج خبيثة لتقسيم المجتمع طائفيا وإثنيا وزرع الكراهية بين أعضائه، حتى إذا حانت اللحظة المشؤومة، خرج غربان الشوم وضباع البر على الكنائس فأحرقوها وعلى أهالينا من الأقباط فاعتدوا عليهم بالسلاح وما هؤلاء الغربان والضباع إلا طلائع الاستعمار الجديد الذين استهدفوا نشر الكراهية والفوضى والحرب الأهلية بين المصريين بالتفريق بين المسلم والمسيحى وإثارة النعرات الطائفية الغبية.
لكننا للحق، خرجنا من تلك المرحلة المشؤومة أقوى مما كنا عليه وأكثر خبرة وإدراكا مما كناه، فلم يعد أحد يمكنه الضحك علينا بشعارات دينية متطرفة ولم يعد بيننا مكان للجماعات المتطرفة المدفوعة من الخارج لتفجير المجتمع المصرى من داخله، كما لم يعد لدينا وقت لمن يسمون أنفسهم بالمشايخ ويحاولون جذبنا إلى ماض متخلف وعصور بائدة ولحظات بربرية على غرار داعش وطالبان والإخوان والجماعات المرتزقة فى سوريا.
الدين لله والوطن لنا جميعا، مسلمين ومسيحيين، كلنا مواطنون مصريون لافرق بين مواطن وآخر إلا بالجهد والعرق والإبداع والإنتاج والتفانى فى محبة هذا البلد الأمين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة