لا تندهش ولا تتعجب، احتفال المجرم بالمجرم واجب، وإحياء الإرهابى لذكرى إرهابى مثله أمر طبيعى، فكما قال الأولون من أهلنا «البيض الفاسد يدحرج على بعضه».
طبيعى جدا أن تحتفل فضائيات الإخوان بذكرى إعدام الإرهابى عادل حبارة، الذى قتل 25 جنديا مصريا، وتعتبره شهيدا مدافعا عن الإسلام، هذا هو إسلامهم وتلك حقيقتهم، وهنالك حيث بحور الدم والتطرف توجد أفكارهم.
عقل «حبارة» وكل مجرم إرهابى مثله شرب التطرف من نفس بئر أفكار الإخوان المسلمين ومن معهم، هو ابنهم وهم حاضنته، لذا لم يكن مستغربا أن يترحم عليه الإخوان وشبابهم وقت إعدامه، أو يقيمون الاحتفالات فى فضائياتهم ومواقعهم فى ذكرى مقتله.
حبارة تربى على أفكار الإخوان المسلمين وأفكار سيد قطب، وتدرج فى سلم التطرف والإرهاب فى مدرسة الشيخ محمد حسان، طبقا لاعترافاته هو فى الأوراق الرسمية للتحقيقات بأن أول طريقه نحو الأفكار المتطرفة كانت مجموعة من الكتب اشتراها أثناء مروره بالصدفة أمام مسجد الاستقامة بالجيزة، وهو واحد من أشهر المساجد التى سيطر عليها السلفيون فى عهد مبارك، كانت تميزه «فرشة» تزدحم بمئات الكتب مجهولة المصدر بعضها عن التداوى بالأعشاب وبعضها عن فك أعمال السحر والشعوذة، ولكن الكثير منها كان يتضمن شروحا متطرفة وتأويلا أشد تطرفا لفتاوى وأفكار رموز الإخوان والتيار السلفى فى مصر.
هذه الكتب مجهولة المصدر والمؤلف، فتحت باب الاهتمام أمام حبارة، فبحث عن دروس المساجد التى فتحها نظام مبارك أمام شيوخ السلفيين لحشو عقول أولادنا وأهالينا بالتطرف.
كان الجميع يعرف أن شيوخا مثل محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وأبوإسحاق الحوينى وغيرهم يحتلون مساجد كبرى فى المحافظات يخطبون فيها عن الجهاد، وينطقون بفتاوى ضد المسيحيين، والمجتمع غير الملتزم، وفريضة تطبيق الشريعة الغائبة واستعادة مجد الإسلام، طالما لم يتعرضوا لمبارك والنظام السياسى، ولم يخلفوا وعدهم بخصوص عدم جواز الخروج على الحاكم، بينما شيوخ التشدد والتكفير صابرون يعلمون أن بذرة التطرف الملقاة فى عقول الناس ستنمو رويدا رويدا، وستجد طريقها للخروج، وهذا نصا ما حدث مع عادل حبارة الذى يخبرنا فى اعترافاته بأن تربيته كإرهابى متطرف بدأت هناك فى المنصورة حيث مسجد التوحيد ودروس محمد حسان.
يقول حبارة فى أوراق التحقيق: «فى عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان، وأنه يلقى درسا كل يوم أربعاء بعد صلاة المغرب فى مجمع التوحيد، اللى موجود فى المنصورة، فكنت أذهب بصفة دورية لحضور تلك الدروس، وتعلمنا فى تلك الدروس أن الديمقراطية كفر ولا توجد أحزاب فى الإسلام، وفى ناس اتعرفت عليها وأنا راكب القطار ورايح الدرس، لأنهم كانوا بيركبوا القطار معايا من أبوكبير، وبيروحوا يحضروا الدروس بتاعة الشيخ محمد حسان، وعلاقتى تطورت بهم فى فترة حضور الدروس، وقاطعتهم بعد ثورة 25 يناير لأنهم غيروا مبادئهم، وعملوا ما كانوا يستنكرون على الإخوان المسلمين عمله، و«راحوا دخلوا فى حزب النور على الرغم من أنهم عارفين إن الأحزاب ليست من الإسلام».
ثم يخبرنا حبارة فى أوراق التحقيقات عن المرحلة الثالثة فى صناعة الإرهابى على يد الشيخ حسان قائلا: «الدروس التى كان يلقيها الشيخ محمد حسان كانت تتناول دروساً فى السيرة النبوية الشريفة، والغضب من أن الشريعة غير مطبقة فى مصر، وخلال تلك المحاضرات أهم ما تعلمته الأصول الثلاثة وهى النسك، والولاء والبراء، ومبدأ الحاكمية، التى يجب على كل امرئ مسلم الإيمان بها جميعاً، والمقصود بمبدأ الولاء والبراء به، إيضاح ما يحب المسلم وما يبغض، وللأسف أن القائمين على الحكم فى البلاد يجب بغضهم لتعطيلهم أحكام الله، وهذا سبب من أسباب الكفر البواح الذى أجمع عليه علماء المسلمين، وكذلك يجب بغض الجيش والشرطة، بل إنهم من الكفرة الطغاة المحاربين لشرع الله، والمحاربين لأولياء الله، وكذلك النصارى يجب بغضهم فهم من الكافرين وهم على نوعين، من حيث معاملاتهم لقتالهم أو عدم قتالهم، أما فيما يتعلق بمبدأ الحاكمية، فهو يقوم أساساً على تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى، من الظلم أن يتدخل غير الله فى ملك الله سبحانه وتعالى..وكل الأدلة التى ذكرها الشيخ حسان عن مبدأ الحاكمية تؤكد كفر من لم يحكم بشرع الله».
هنا صنع حبارة فى مدرسة محمد حسان وسيد قطب وغيرهما من رموز الأفكار الإخوانية والسلفية، تعلم الدروس النظرية عن ضرورة بغض الأقباط وقتالهم، وعن كفر الجيش والشرطة والقائمين على حكم البلاد لأنهم لا يطبقون الشريعة، ثم استكمل تعليمه لينتقل من المرحلة النظرية إلى مرحلة التنفيذ بعد دخوله السجن.
دخل حبارة السجن ليستكمل تدريبات تطرفه وإرهابه على يد الجماعات الإسلامية داخل السجون، ثم يهرب حبارة من سجن وادى النطرون فى أحداث اقتحام السجون، ويحصل الإرهابى على عفو فى زمن الإخوان وينتقل إلى سيناء لتطبيق ما تعلمه من محمد حسان وكتب الأرصفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة