ليس عيبا أن تواجه أى دولة فى العالم أزمة اقتصادية ما، فكثيرا من الدول تواجه تحديات اقتصادية محدقة، وتتخذ إجراءات استثنائية لكى يتعافى اقتصادها، لكن الطامة الكبرى هو أن يبيع المسئول عن هذه الدولة الوهم لمواطنيه وهو ما حدث بالفعل مع الأتراك بعد عدد من الوعود الزائفة والواهية التى أطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى أعقاب هبوط الليرة التركية لأدنى مستوياتها فى شهرى يونيو ويوليو الماضيين، ووصل سعر صرف الليرة التركى أمام الدولار 7 ليرة ونصف.
ولم يجنى الأتراك من هذه الوعود سوى الوهم، وأكبر دليل على ذلك، ما أعلنته وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن تصنيفها الائتمانى لتركيا هبط ليكون (BB)، مع نظرة مستقبلية سلبية، وأكدت الوكالة أنها تتوقع ألا تحقق تركيا المستويات المستهدفة فى خطتها للترسيخ المالى فى العامين 2019 و2020 بسبب تأثير اقتصاد ضعيف على الإيرادات.
وأضافت الوكالة فى تقريرها الذى يكشف كذب "أردوغان" على شعبه، إن السياسة النقدية لتركيا أثبتت لفترة طويلة أنها غير قادرة على تثبيت التضخم عند مستويات فى خانة الآحاد، متوقعة أن يبقى التضخم فى تركيا بخانة العشرات حتى نهاية 2020.
وقال "أردوغان" فى خضم الأزمة الاقتصادية التركية التى أدت إلى هروب المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب وهبوط سعر الليرة وارتفاع التضخم إن جميع هذه الأزمات سيتم حلها فى القريب العاجل، من خلال عدد إجراءات اتخذها مع مستشاريه.
الليرة التركية
فى حين، أقر وزير الخزانة والمالية التركى بيرات ألبيرق، أن بلاده بحاجة لأن ترى ارتفاعا فى قيمة عملتها، مشددا على ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية بدون أن يعطى حلول جذرية للخروج من الوضع الكارثى للاقتصاد التركى.
وتأتى تصريحات صهر الرئيس التركى، مناقضة لسلسلة طويلة من التصريحات الحكومية، التى أرجعت الأزمة الاقتصادية إلى تأثيرات خارجية على سوق العملات.
ولم تتوقف أزمة أسواق وأسعار الصرف فى تركيا عن تأثيراتها الحادة على الاقتصاد المحلى، للشهر الخامس على التوالى، وسط ضبابية فى إمكانية تحسن السوق المحلية.
وبلغ التضخم بتركيا فى يوليو الماضى 16% وهو أعلى مستوى منذ 14 عاما، وتظل نسبة البطالة أيضا 11%، مما يعنى عدم قدرة الحكومة على زيادة عائدات الضرائب لتغطية العجز فى الميزانية، البالغ 50 مليار دولار.
كما عبرت مؤسسات التصنيف الائتمانى الرئيسية فى 2018 فى تقاريرها الأخيرة عن مخاوفها من مستقبل الوضع الاقتصادى لتركيا، وبالتالى خفضت تصنيفها لديون أنقرة واعتبرت تركيا الثانية من بين الاقتصادات الصاعدة التى تعانى الهشاشة.
الركود فى تركيا
ولم تتوقف سياسات أردوغان عند هذا الحد، إذ سارع بعد توليه أول رئاسة تنفيذية فى يوليو الماضى، إلى تعيين صهره برات ألبيرق، وزيرا للمالية، وهو قرار زعزع ثقة المستثمرين الذين تربطهم علاقات مع الوزير السابق محمد شيمشك، الذى كان يعانى قبل إقالته من تقليص صلاحياته، وعبر المستثمرون عن قلقهم جراء غياب شيمشك، الذى يعتبر مؤيدا لاقتصاد السوق ومعارضا لسياسة التدخل فيه كما يرغب أردوغان.
وكان المستثمرون الأجانب سحبوا 771 مليون دولار من الأسهم المدرجة فى البورصة التركية خلال الربع الأول من 2018، وفقا لبيانات من الودائع المركزية التركية للأوراق المالية، كما تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر فى تركيا فى 2017 بنسبة 19%، وفق أرقام وزارة الاقتصاد التركية، ويعزى ذلك إلى حالة عدم اليقين التي سيطرت على البلاد فى أعقاب محاولة الانقلاب منتصف عام 2016 وما تبعها من اضطرابات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة