السلطان العثمانى المزيف رجب أردوغان وأركان نظامه ذاكروا جيدا دروس مدينة السينما الأمريكية وكبريات الشركات فى هوليوود، وعرفوا أن الأفلام الدعائية والمسلسلات المبهرة فى التصوير والملابس والديكور يمكن أن تكون سلاحا أكثر فتكا من الطائرات القاذفة وقوات المشاة المدرعة، لأنها تعمل من خلال ترويج الأكاذيب باستمرار على ترسيخها فى عقول مشاهديها المنبهرين بجمال الصورة والغافلين عن الرسائل المسمومة داخل العمل الفنى.
استطاعت هوليوود من خلال القصف الناعم لأفلامها ومسلسلاتها أن تغسل أيدى الساسة الأمريكيين والأوربيين من دماء الهنود الحمر، وأن تصورهم كمجموعات من البرابرة المغفلين الذين يستحقون ما جرى لهم، كما استطاعت فرض صورة مشابهة للعربى المسلم على أنه شرير بطبعه وحقود وزير نساء ولا يحترم المرأة وضد الحضارة والمدنية، بل استطاعت الأفلام الهوليودية أن تكون المدافع المتقدمة لقصف أعداء الولايات المتحدة ومنافسيها التجاريين على السواء من الاتحاد السوفييتى إلى الصين، ومن كوريا الشمالية إلى السخرية من الأوربيين الحلفاء الأكثر قربا.
أردوغان الديكتاتور الإخوانجى، يحلم باستعادة مجد سلاطين الدولة العثمانية الذين اجتاحوا أوروبا والمنطقة العربية خلال القرون الوسطى بحد السيف ونهبوا الكنوز المصرية والعربية ونقلوا خيرة الصناع والكتاب والفنيين والحرفيين والمعماريين إلى إسطنبول وأنقرة ليقيموا الصروح المعمارية وليؤسسوا النهضة التركية على أنقاض المجتمع المصرى والعربى.
وهو فى سبيله لاستعادة مجد أجداده من السفاحين والنهابيين العثمانيين، يسعى إلى إعادة تقديمهم إلى الملايين العرب بصورة جميلة مبهرة، من خلال المسلسلات الممتدة الزاخرة بقصص الحب والمغامرات ومؤامرات القصور، ووسط هذه الدراما المتشابكة يدس فريق العمل المكون من أعضاء بأجهزة المخابرات وأساتذة التاريخ القوميين المتعصبين وكتاب الدراما المهوسين باستعادة المجد العثمانى الغابر، الرسائل المسمومة التى يراد منها غزو العقول والقلوب العربية، وتمهيد الأرض لاستقبال العدوان التركى، وكأنه استعادة حقوق تاريخية.
نعم الديكتاتور العثمانى ينافس الفرس فى بعث طلائعه إلى قطر فى الخليج وأفريقيا المطلة على البحر الأحمر ويغزو شمال العراق وسوريا الجريحة بدعوى مواجهة الإرهاب الكردى، بينما يتحالف هو مع أسوأ التنظيمات الإرهابية وأكثرها خطرا على العالم ويستخدمها لنهب الثروات الطبيعية واحتلال الأراضى العربية، ثم يحاول تمرير ذلك العدوان من خلال الدراما الناعمة ورواية القصص الملحمية عن عظمة السلاطين العثمانيين ومجدهم الغابر، متصورا أن تقديم تاريخ جديد للسفاحين العثمانيين يمكن أن يكون مقدمة لعودتهم من القبور ممثلين فى شخصه غير الكريم.
انكشفت لعبة أردوغان أو حربه على العقول العربية بالدراما الملحمية المليئة بالحواديت المشوقة، وقررت الدول العربية الكبرى وقف عرض المسلسلات التركية لخطرها على العقول العربية ولاعتبارها سلاحا ثقافيا فتاكا فى يد أحد أدوات الاستعمار الجديد، لكننا بين الحين والآخر نجد قناة عربية أو مصرية تخترق هذا الحظر وتذيع أحد المسلسلات التركية التى تروج لأمجاد العثمانيين القتلة، بل إن بعض صناع السينما المصرية يهرولون إلى الممثلين الأتراك ويحاولون فرضهم على المشاهدين المصريين فى أفلام سينمائية بإنتاج مصرى، متناسين أن هؤلاء الممثلين لم ينالوا شهرتهم بين المشاهدين المصريين إلا من خلال الأعمال الدرامية المسمومة التى تروج لإحياء الدولة العثمانية.
نحتاج إلى يقظة المؤسسات المعنية عندنا لمواجهة هذا العبث أو الهرتلة أو عدم الوعى من بعض القائمين على القنوات العربية والمصرية، ومن بعض صناع السينما والمنتجين المصريين، فإذا كانوا يجهلون طبيعة تلك الحروب الثقافية تنظم لهم دورات توعية، وإذا كانوا يتناسون أبعاد المبادرة الأردوغانية وأدواتها يتم تذكيرهم، أما إذا كانوا متواطئين مع أركان النظام التركى مثل تنظيم الحمدين ورجاله فى قطر المختطفة، فهنا يتم محاسبتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة