أجمع العديد من الخبراء الصينيين والعرب المشاركين بالدورة الأولى لمعرض الصين الدولى للاستيراد والمقام بمدينة شنغهاى الصينية، على أن اختيار الصين لمصر ضيف الشرف الوحيد عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يحمل دلالة كبيرة حول تميز وأهمية العلاقات المصرية- الصينية.
وقال الخبراء –فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن اختيار مصر ضمن ضيوف شرف المعرض يرجع أيضا لأهمية مصر على المستويين الاقتصادى والتجارى الذى هو محور المعرض، والثقل السياسى لمصر على المستويين الإقليمى والعالمى وتفرد موقعها الاستراتيجى ومتانة وتناغم العلاقة بين القيادتين فى البلدين، الأمر الذى يترجم ما قاله الرئيس الصينى شى جين بينج خلال مأدبة ترحيبية أقامها للمشاركين فى المعرض، موجها كلامه لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى قائلا: أن "مصر شريك رئيس للصين، وإن الرئيس السيسى صديق مقرب".
فمن جهته، أكد الدكتور شوى تشينغ قوه الخبير فى الشؤون العربية بجامعة بكين الدولية للغات أن إقامة الصين لمعرض الواردات بشنغهاى رسالة صينية واضحة إلى العالم، مفادها أن الصين ستواصل سياسة الانفتاح على العالم واحتضان العولمة الاقتصادية بالرغم من التحركات المضادة للعولمة التى ظهرت فى السنوات الأخيرة فى العديد من الدول، وأن الصين مستعدة لتقاسم فوائد نموها الكبيرة مع مختلف دول العالم.
وأضاف الخبير الصينى أن مشاركة مصر فى المعرض بوفد رفيع المستوى وحضور اقتصادى وتجارى كبير تعنى أن مصر مهتمة بفتح قنوات جديدة للسوق الصينية التى تعتبر أكبر سوق فى العالم، ما سيحقق مزيدا من التوازن فى الميزان التجارى بين البلدين، وسيجلب الفوائد للشعبين الصينى المصري.
وأوضح أن العلاقات الصينية المصرية نموذجية على كافة المستويات: سياسيا واقتصاديا وثقافيا وغيرها، فهناك التوافق الصينى المصرى قيادة وشعبا لتعزيز هذه العلاقات وتطويرها، لأن تطوير هذه العلاقات مفيد للجميع، مشيرا إلى أن مشاركة مصر تأتى فى هذا المعرض كخطوة مهمة فى التعاون الصينى المصرى لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق.
ولفت تشينغ قوه إلى أنه بالإضافة إلى تبادل السلع، يمكن استغلال فرصة المعرض للتباحث فى استكشاف طرق وقنوات جديدة للتجارة والاستثمار بين البلدين، ودعم التبادلات الثقافية والسياحية بين أصحاب حضارات قديمة وعريقة.
واتفق معه فى الرأى لى يوان تشينغ خبير الشؤون الدولية والمستشار التجارى السابق للصين بعدد من الدول العربية الذى قال أن مشاركة مصر فى معرض الصين الدولى للاستيراد هذا العام أمر مهم جدا بإعتبار مصر أول دولة عربية وإفريقية أسست علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية فى بداية خمسينيات القرن الماضي, كما أن مصر استمرت فى احتفاظها بعلاقات سياسية وإقتصادية متميزة مع الصين مهما كانت تغيرات الوضع العالمى.
وأضاف أن العلاقات الصينية المصرية شهدت تطورات كبيرة فى الفترة الأخيرة خاصة بعد انعقاد المؤتمر الوطنى 18 للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى عام 2012 ونجاحات زيارات القمة المتبادلة بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه العلاقات ستتطور باستمرار فى المستقبل خاصة فى إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتى تشمل كافة المجالات سياسيا، وإقتصاديا، وتجارى، وثقافيا، وعلى المستوى البشرى إضافة لكل الأمور المتعلقة بمصلحة البلدين وشعبيهما.
وأوضح أن إقامة المعرض ومشاركة مصر الصديقة فيه يساهم أكثر فى فتح آفاق جديدة وواسعة النطاق لمزيد من التعاون والتنسيق فى المستقبل فى ظل تطورات العولمة الإقتصادية فى العالم، والتغلب على كافة العراقيل والتيارات المعاكسة التى تعوق تطور العلاقات التجارية والاستثمارية، مع الدفع بمبادرة "الحزام والطريق" من خلال موجة جديدة من التبادلات حيث كانت مصر ومازالت تلعب دورا مهما فى هذا النطاق فى التاريخ البشرى، مرورا بتحول التعاون الثنائى المصرى الصينى من العلاقات بين طرفين إلى علاقات بين أطراف متعددة إقليميا وعالميا استغلالا للعلاقات الجيدة التى تجمع كل دولة منهما بدول العالم فى مختلف المناطق الجغرافية.
من جانبه، اعتبر حسام المغربى خبير الشؤون العربية بشبكة الصين الدولية أن إقامة المعرض الدولى للاستيراد بشنغهاى يعكس التزام الصين بزيادة وفتح سوقها للتجارة والاستثمار ودعم تحرير التجارة ودفع العولمة الاقتصادية، ومواكبة احتياجات المستهلكين الصينيين المتزايدة على المنتجات والخدمات عالية الجودة، إلى جانب تجديد الثقة فى اقتصادها رغم الاحتكاكات التجارية مع الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الصين ذات أكبر تعداد وثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وظلت ثانى أكبر مستورد للسلع فى العالم لمدة تسع سنوات متتالية بنحو 2ر10% من إجمالى واردات العالم فى عام 2017.. وتتوقع السلطات الصينية أن تضيف 10 تريليونات دولار من السلع لحجم وارداتها فى السنوات الخمس القادمة، وهو ما يعد لدول مثل مصر أمرا مهما لدفع هذا التعاون لخدمة مصالح الطرفين على المستوى التجاري.
وأضاف أن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الأربعين لتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، وكذلك الذكرى الخامسة لطرح مبادرة الحزام والطريق، ولهذا فإن معرض الاستيراد يتمتع بأهمية خاصة، حيث يتناغم ذلك مع مقولة الرئيس الصينى شى جين بينج "إن أبواب الانفتاح الصينية لن تغلق، بل ستفتح على مصراعيها"، وهو ما يظهر أن الصين بصفتها دولة كبيرة ومسؤولة، تتمسك بمبدأ الانفتاح والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، والدعوة إلى بناء مجتمع المصير المشترك، لدفع الرخاء العالمى وخلق المزيد من فرص التنمية لجميع دول العالم.
وأكد المغربى أن المعرض فرصة حقيقية لخفض العجز فى الميزان التجارى مع الصين، من خلال زيادة الصادرات المصرية إلى جميع الأسواق العالمية، لاسيما السوق الصينية التى تبلغ قوامها نحو مليار و300 مليون مستهلك، فيما تظهر مشاركة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى الأهمية البالغة للعلاقات المصرية الصينية فى ظل رغبة وإرادة قيادتى البلدين للعمل على الارتقاء بمسارات الشراكة الثنائية والاستفادة من المكتسبات التى حققها البلدان خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن المشاركة فى المعرض تهدف إلى دعم الصادرات المصرية والترويج للصناعات والمنتجات الوطنية فى ذلك المحفل العالمى، وكذلك إتاحة الفرصة للشركات المصرية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة للتواصل مع نظرائها من الشركات ورجال الأعمال الصينين والدول الأخرى حيث تشارك نحو 3600 شركة من 172 دولة ومنطقة ومنظمة دولية فى المعرض الذى يستقبل أكثر 160 ألف مشتر من أكثر من 80 ألف شركة محلية وأجنبية.
وأشار المغربى إلى أن اختيار مصر كضيف الشرف العربى الوحيد يؤكد عمق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، وتقديرا لدورها الريادى ومكانتها الدولية والإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها مؤخرا كونها متواجدة وبقوة على الخريطة العالمية، موضحا أن الحكومة تضع على رأس أولوياتها خلال الفترة القادمة تحويل مصر من دولة "مستهلكة ومستوردة" إلى دولة "صناعية ومصدرة"، وذلك من خلال اتخاذ قرارات وإجراءات إصلاح اقتصادى وتدابير احترازية بهدف جعل مصر تحصل على الاستفادة القصوى من موقعها كمحطة مهمة على طول مبادرة "الحزام والطريق" وتحقيق التنمية الداخلية المطلوبة والحفاظ على دور مصر الريادى فى محيطها الإقليمي.
وقال المغربى أن الرصيد الكبير الذى تراكم للعلاقات الصينية المصرية على مدى العقود الماضية يمكن أن يكون قاعدة انطلاق لعلاقات أكثر قوة وتنوعا فى المستقبل، خاصة وأن الجانبين يؤمنان بأن "السلام والتنمية" هما تيار العصر، وأن حجم المصالح المشتركة بينهما يتنامى بشكل كبير.
وأضاف أن قناة السويس تعد محورا مهما على الطريق البحرى لمبادرة "الحزام والطريق" سواء كشريان ملاحى أو كإقليم اقتصادى ومنطقة صناعية، ما يعكس الأهمية الكبيرة لمصر على المبادرة، حيث أنه وللاستفادة القصوى من موقعها الجغرافى كمحطة مهمة على "الحزام والطريق"، فإن التصدير من مصر يضمن تكاليف إنتاج وتصدير وشحن أقل للمستثمر الصينى إضافة إلى ميزة المرتجع الضريبى، مقارنة مع الانتاج والتصدير والشحن من الصين، وبالتالى ففى حالة إقدام المستثمر الصينى على تنفيذ مشروع صناعى فى مصر، فسيستفيد من السوق المحلى (أكبر تعداد مستهلكين فى المنطقة 102 مليون نسمة)، إضافة إلى جنى الثمار من التصدير للأسواق الإقليمية العربية والأوربية والأفريقية من بوابة مصر.
ولفت المغربى إلى أن مجال تصنيع الإلكترونيات يعد نافذة مهمة للشركات الصينية لدخول السوق المصرية والتصدير منها إلى باقى الأسواق الإقليمية، ما يضمن تحقيق هدف نقل التكنولوجيا لمصر وزيادة أرباح المستثمرين الصينيين وفتح فرص أوسع للتصدير، وتعزيز تنافسية المنتج المحلي.
من جانبها، تقول الدكتورة فايزة كاب رئيسة القسم العربى بصحيفة الشعب الصينية أن مصر تذخر بالعديد من الموارد والتى تأتى على رأسها الموارد البشرية والكفاءات فى مختلف المجالات وهو ما يساعد على أن تكون سوقا واعدا للتصدير إلى جميع أنحاء العالم بما فيها الصين، موضحة أن العلاقات المصرية- الصينية تمضى بخطوات سريعة وتتطور على كل الأصعدة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر، حيث تتوجه مصر بشكل صائب نحو الشرق لتعزيز العلاقات مع ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
وأضافت أن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين عام 2014 يعد نقطة البداية للانطلاق بالعلاقات إلى مستوى أعلى يستهدف تحقيق التنمية والرخاء وتنسيق سياسات البلدين تجاه مختلف التحديات الدولية، فيما أثبتت العلاقات الصينية المصرية أنها قادرة على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية والداخلية، ومؤشر مهم للجهود التى يبذلها الجانبان للدفع بالعلاقات بين الجانبين إلى أُفق أرحب.
وأشارت كاب إلى أنه على صعيد الاستثمارات، هناك تحرك كبير للشركات الصينية نحو مصر خاصة بعد انضمامها إلى مبادرة "الحزام والطريق" التى فتحت آفاقا أوسع للعلاقات المصرية ـ الصينية مستقبلا، لافتة إلى أن انضمام مصر إلى المبادرة وبنك التنمية الآسيوى، والبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية وغيرها من المؤسسات الأخرى يعود بالمنفعة الكبرى عليها خاصة فى ظل موقعها الجغرافى المتميز، وامتلاكها فرصة العمل كـ"محور" للمبادرة فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأوضحت أن قناة السويس من أهم المناطق التى تستهدفها الاستثمارات الصينية بهدف التصنيع من أجل التصدير، لذلك كان من الضرورى مشاركة الدول الكبرى اقتصاديا مثل الصين فى التنمية بقناة السويس التى تعد جزءا مهما لمبادرة الحزام والطريق وإحياء طريق الحرير البحرى القديم التى كانت تمر البضائع عبره من آسيا إلى أوروبا، مشيرة إلى أن محور القناة سيكون قاعدة تجارية وصناعية ولوجيستية بالغ الأهمية على المستوى العالمى، ما يعنى أنها ركيزة استراتيجية للتعاون بين البلدين فى إطار "الحزام والطريق".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة