أتمنى أن تتجسد كل المعارك التى خاضها الجيش المصرى دفاعا عن الأرض والعرض فى السينما، وأن تمتلئ مكتباتنا السينمائية بالمشاهد الأروع فى تلك المعارك التى تجسد معانى الشرف والتضحية والفداء، لأن ذلك يعنى ضمن أشياء كثيرة، حصانة للأجيال الطالعة من كل شائعة مسمومة أو فتوى شاذة أو تفسير مغرض حول النصر المتحقق فى أكتوبر 1973.
ومثلما كانت حرب أكتوبر المجيدة نتيجة تدريب شاق وتخطيط عبقرى وبسالة منقطعة النظير من كل عناصر القوات المسلحة المشاركة، كانت معاركها الفاصلة شاهدا على ما تلقاه الجندى والضابط المصرى من تدريب وتأهيل وإعداد، وعلى التوظيف الأمثل لكل الإمكانات المتاحة لمواجهة الترسانة الحديثة الأمريكية المتاحة باستمرار للعدو الإسرائيلى.
ومن أكثر الأفلام التى تناولت جهود القوات المسلحة فى الإعداد لنصر أكتوبر بطريقة متخصصة على غرار الأفلام العالمية، فيلم «حائط البطولات»، الذى يسجل بطريقة درامية واحترافية عالية كيف استطاعت قوات الدفاع الجوى قطع اليد الطويلة لإسرائيل ومنع عربدتها فى الأجواء المصرية، عن طريق بناء حائط الصواريخ المضادة للطائرات تحت ظروف شديدة الصعوبة.
عندما قررت مصر عدم الاستسلام لهزيمة 1967 واستئناف الحرب بهدف استنزاف قوات العدو فى سيناء وعلى طول الضفة الشرقية للقناة، استطاع جنودنا البواسل قتل وأسر العديد من جنود وضباط جيش الاحتلال، وكذا تنفيذ عمليات فدائية بطولية فى معركة رأس العش التى تمت بعد أسابيع قليلة من هزيمة يونيو ومعركة شدوان وتدمير أكبر مدمرة إسرائيلية إيلات بواسطة لنش صواريخ، لكن العدو الإسرائيلى رد بقصف العمق المدنى المصرى ليجبرنا على وقف أعمال الكرامة وتحرير الأرض، وكان لا بد من إنشاء حائط صواريخ ضخم لمنع تقدم الطائرات الإسرائيلية فى العمق المصرى، وهنا يظهر الفيلم المعاناة التى شهدتها القوات المسلحة وقوات الدفاع الجوى لإنشاء قواعد الصواريخ وتثبيتها فى النقاط المتفق عليها، خاصة أن العدو الإسرائيلى استهدف ضرب هذه القواعد أولا بأول لمنعنا من امتلاك السلاح الرادع لقواته الجوية.
فيلم «حائط الصواريخ» يحكى عن هذا النوع من المعاناة والإصرار لأبطال القوات المسلحة فى تحقيق أهدافهم المقدسة، دون أن ينسوا أنهم بشر، فالمقدم جلال يسعى لإتمام زواجه من حبيبته، وهو يعلم أنه قد ينال الشهادة فى أى لحظة، والشاويش مجاهد الذى قتل العدو الإسرائيلى ابنه التلميذ فى مدرسة بحر البقر، يقسم على الثأر لابنه من الطيار الخسيس الذى قرر قصف المدرسة وتدميرها على رؤوس الأطفال الأبرياء، وفى هذه الأثناء ينجح الأبطال فى تثبيت قواعد الصواريخ فى نقاطها المحددة ليتمكنوا من تكبيد العدو أول هزيمة تكنولوجية بإسقاط طائرة الاستطلاع المتقدمة للغاية من طراز «كورزا»، ليعلن الجندى المصرى انتهاء عصر العربدة الإسرائيلية فى السماوات المصرية.
من أسباب حبى لفيلم «حائط البطولات» أيضا، إيمان صناع الفيلم بإبداعهم، المؤلف إبراهيم رشاد، والمخرج والسيناريست محمد راضى، والمنتج عادل حسنى، والفنانون محمود يس، وفاروق الفيشاوى، وخالد النبوى، ومصطفى شعبان، وسميرة محسن، وأحمد بدير، وحنان ترك، وندى بسيونى، هؤلاء الأبطال الذين جاهدوا لصناعة فيلم شديد الوطنية وعلى مستوى احترافى عال، ولم ييأسوا بعد منع عرض الفيلم طوال 20 عاما لأسباب غير معلنة، وهم الآن يفخرون بأنهم أضافوا للمكتبة المصرية والعربية تحفة سينمائية تضاهى أفلام الحرب العالمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة