إذا كنت من متابعى المسلسلات الأجنبية، فلعلك من متابعى مسلسل " Vikings"، والذى يستعد لعرض موسمه السادس مطلع العام المقبل، المسلسل من تأليف مايكل هيرست، وتم تصويره فى أيرلندا، وبدأ عرضه فى كندا وأمريكا يوم 3 مارس 2013، ويرصد قصصا مستوحاة من حياة أوائل الإسكندنافيين (الفايكنج)، الذين عاشوا فى العصور الوسطى، حروبهم وتجارتهم واكتشافاتهم للبلاد الأخرى، وبروز شخصية راجنار لوثبروك بطل عصره، الذى استطاع اكتشاف بلاد أخرى لغزوها مثل انجلترا وفرانكيا "فرنسا".
ويطلق مصطلح فايكنج على ملاحى السفن وتجار ومحاربى المناطق الإسكندنافية الذين هاجموا السواحل البريطانية والفرنسية وأجزاء أخرى من أوروبا فى أواخر القرن الثامن إلى القرن الحادى عشر (793م-1066م)، وتسمى بحقبة الفايكنج.
وخلال هذه الفترة خاضت تلك الشعوب العديد من الحروب الضروس، إلا أن ملكا واحدا هو من استطاع أن يواجه تلك القبائل، ويحطم اسطورتهم، وقضى على جزء كبير من قوتهم، ليستحق الرجل لقب الملك العظيم، وهو الملك ألفريد العظيم، ملك بريطانيا.
وألفريد العظيم، هو ملك أنكلوسكسونى حكم مملكة ويسيكس من 871 وحتى 899. اشتهر بدفاعه عن مملكة الأنكلو ساكسون فى مواجهة الفايكنج ليصبح الملك الإنجليزى الوحيد الذى حصل على لقب "العظيم"، وكان أول الملوك الذى أطلق عليهم ملوك الأنكلو ساكسون.
وبحسب كتاب " تاريخ أوروبا فى العصور الوسطى" للدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، فأنه لم ينقذ بقية إنجلترا من خطر الدانيين (لقب الفايكنج عند الإنجليز)، وتوسعهم سوى جهود ألفريد العظيم، ملك ويسيكس حتى أن سنة ارتقائه العرش صارت ذات أهمية بالغة فى تاريخ إنجلترا، ذلك أن الملك ألفريد أبلى بلاء حسنا فى الدفاع عن بلاده ضد الدانيين حتى أنه اشتبك معهم فى تسعة مواقع حربية أثناء السنة من حكمه، الأمر الذى جعلهم يقتنعون بعقد الهدنة ويولون أبصارهم شطر مرسيا.
ويوضح كتاب "موسوعة تاريخ أوروبا: الجزء الأول" للدكتور مفيد الزيدى، أن انتصار ألفريد العظيم لم يكن بسهولة، حيث كانت تعتمد تلك العناصر عنصر المفاجأة فى الهجوم، والذى يحتاج لتنظيم عسكرى غير تقليدى، لذلك قام ألفريد بتسليح أكبر عدد من المواطنين وكانت عملية استدعائهم تتم فى فترات وجيزة، كما قام بتحصين الأماكن الاستراتيجية ووفر لها وسائل الدفاع اللازمة، وأخيرا شيد السفن للتصدى للعناصر المغيرة، وقد جهزت هذه السفن على طريقة سفن الفايكنج، فكان بها 60 مجدافا، ونجح بأسطوله هذا فى ضرب المهاجمين فى عام 896م.
ويذكر المؤلف أيضا عن ألفريد العظيم، أنه اهتم بنشر المسيحية، وارتبط بالباباوية كثيرا وزار روما عدة مرات، كما اهتم بالتعليم، فأسس المدارس وأولها مدرسة القصر التى استدعى لها العلماء من أوروبا، بل وشجع حركة الترجمة للكتب اللاتينية الشائعة فى عصره، وعلى رأسها كتاب التاريخ الكنسى للأمة الإنجليزية، وكتاب التاريخ للمؤرخ أورسيوس، والعناية الربانية للبابا جريجورى، وسلوى الفلاسفة لبوثيوس، واعتنى ألفريد بالإدارة المدنية وأعاد سلطة القانون بعد أن جمدتها الحروب، وأمر بجمع القوانين وإعادة تصنيفها، وثم أدخل عليها تعديلات بما يتلاءم مع المسيحية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة