فى أحضان الجبال تصاعد صوت المنشدين ممزوجا بأنغام الترانيم، فى جو روحانى لايمكن أن يوجد له مثيل، إلا فى بقعة واحدة على وجه الأرض، تلك الأرض المقدسة التى تجلت فيها الذات الإلاهية تنفيذا لرغبة النبى موسى عليه السلام، تلك الجبال التى احتضنت عيسى ومريم العذراء عندما ضاقت بهم الأرض، إنها سانت كاترين.
هذا الإحساس الذى سرى بداخل قلوب آلاف الحضور، الذين جمعهم ملتقى السلام العالمى سانت كاترين، فاختلط الأجانب بالبدو والمسئولون بالعامة، فى تلك الحالة الروحانية التى يفرضها المكان الفريد والأنغام المتسقة مع طبيعته، فكانت النشوة واحدة بين الجميع لم تفرق بين من يتحدث العربية ومن لا يفهمها، وعلت مشاعر المحبة والسلام على اختلاف الجنسيات والقبليات.
"معا نصلى".. الملتقى الذى يعقد للعام الرابع على التوالى تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، ليس مجرد احتفالية أو مكان للإلتقاء والحديث عن الشعارات، بل هو أفضل برنامج دعاية سياحية لمدينة ليس لها مثيل حول العالم، والتى تقع فى قلب أرض الفيروز، وقالث مكان نزلت به الأديان بعد مكة المكرمة والقدس الشريف.
الترويج السياحى لأى مقصد لا يحتاج سوى صورة حقيقية من الواقع، تنقل تفاصيل الطبيعة الخلابة، وما يحتوية من عوامل جذب تجعله اختيار أوحد لا ينافسة آخرون، وتجربة إيجابية ينقلها من عاشوها بالفعل، وهذا بالضبط ماوفره ملتقى سانت كاترين، الذى ضم حوالى 30 سفيرا من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، استمتعوا خلالها بالطبيعة الساحرة لسانت كانترين، وخاضوا تجربة الأكل البدوى الفريد، فى انتظار لمردود سياحى كبير من هذا الملتقى.
خلال الاحتفالية، قدمت شاشات العرض بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة عرضا لمقاصد مصر السياحية الفريدة، بداية من سيناء وحتى الأقصر وأسوان، في ترويج كبير لحضور متنوع ومختلف التوجهات والرغبات.
البدو أهل المنطقة والذين تمثل لهم السياحة لهذه المدينة المقدسة مصدر رزق، تفانوا فى خدمة الوفود والضيوف، هذا يشرف على العشاء البدوى، وهذا يقدم الشاى على الحطب، وآخر يرشد الراغبين لطريق صعود جبل موسى، معربين عن أملهم فى تدفق الحياة السياحية على المدينة ليتدفق معها الخير.
اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، والذى باشر تفاصيل الإحتفال منذ اللحظة الأولى أن محافظة جنوب سيناء، أكد أن سانت كاترين تعد من أهم المناطق السياحة فى العالم، مؤكدا أن المنطقة تستحق المزيد من الاهتمام لتعود السياحة إلى سابق عهدها.
ولمن لا يعلم، تحدث اللواء فودة فى افتتاح الملتقى عن المقوماتة التى تحتويها المدينة، سواء دينية أو آثرية عريقة، موضحا أن تنظيم ملتقى سانت كاترين السلام العالمى يهدف إلي تسليط الضوء على عملية التقارب والمحبة بين الديانات على أرض مهد الديانات.
الملتقى أرسل للعالم ثلاث رسائل قوية كفيلة لاستعادة المكانة السياحية المتميزة لها، حيث قال المحافظة أن الرسائل هى رسالة سلام ورسالة أمن ورسالة تعايش، لافتا إلى أن مصر بلد الأمن والسلام تفتح أذرعها للجميع، وتحتوى كافة الأديان والثقافات المختلفة.
وأضاف "فودة" خلال كلمه له فى ملتقى سانت كاترين السلام العالمى "معا نصلى"، أن الملتقى رسالة سلام للعالم أجمع، مشيرا إلى أن أصل العلاقات بين الأشخاص والعلاقات الإنسانية هو السلام، هذا بخلاف الرسالة السياحية الكبرى التى وصلت من الملتقى عن روعة سانت كاترين، بجبالها ووديانها، وجوها الروحانى الذى ليس له مثيل، والحياة البدوية التى لازالت المدينة محتفظة بها فى كافة معالمها وحياتها، والصورة الآمنة التى صدرها الملتقى عن مصر وقدرتها على استضافة كل هذا الكم من المسئولين فى بقعة واحدة فى قلب سيناء، فى دعوة مفتوحة للجميع "إدخلوها بسلام أمنين".
وعن السلام، تحدث الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى كلمته بافتتاح ملتقى سيناء للسلام العالمى، مؤكدا إيمان المصريين بالعيش المشترك بين الاديان من مدينة السلام سانت كاترين رمز السلام ورمز الاديان، ونشارك جميع دول العالم فى إيصال رسالة السلام لايصال رسالته للجميع.
وأكد وزير الأوقاف، أن رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الملتقى، إنما هى رسالة سلام تأتي فى إطار إيمان الدولة المصريه بالسلام المبني على الحق والعدل ، وفي إطار ترسيخ أسس العيش الإنسانى المشترك بين البشر جميعًا واحترام آدمية الإنسان – لكونه إنسانًا – بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو عرقه أو لغته ، وفى إطار حرص مصر على ترسيخ أسس الدولة الوطنية وتحقيق مبدأ المواطنة المتكافئة ، والعيش بين جميع أبنائها بسلام.
وأضاف: "من هنا من سانت كاترين رمز تسامح الأديان، حيث تعانق المسجد والدير عبر القرون والعصور في تسامح إنساني فريد من مدينة السلام سيناء، وبلد السلام مصر ، وملتقى السلام العالمى الذى يجمعنا والذى يشرفنا فيه أكثر من خمسة عشر سفيرا ومستشارا ثقافيا وأسرهم من مختلف دول العالم".
وقال "جمعة": " نجتمع اليوم لنرسل معًا رسالة سلام للعالم كله، مفادها أن مصر بلد السلام، وأننا دعاة سلام، وأن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه يأكل من يصنعه ومن يدعمه ومن يموله ومن يحتضنه ومن يأويه، وأننا هنا فى مصر نقف بشجاعة وحسم فى مواجهة قوى الشر والظلام والإرهاب، بعقل واع مستنير يكشف زيغ الإرهابيين، وزيفهم وضلالهم وإضلالهم، وبقوات مسلحة باسلة وشرطةٍ وطنية عظيمة يواجهان بشجاعة وبسالة وإقدام وحسم خفافيش الظلام وعناصر الجماعات الإرهابية الضالة والمتطرفة، بغية الوصول إلى عالم بلا إرهاب ولا إجرام، وهو ما تجمع عليه الديانات السماوية قاطبةً ، فتحية لقواتنا المسلحة الباسلة ، وتحية لشرطتنا الوطنية الباسلة ، وتحية لضيوف مصر الكرام ، وتحية خاصة للسادة السفراء وأسرهم الذين يشرفوننا في هذا الملتقى، وتحية لأهالي سيناء وقبائل سيناء وشيوخ سيناء ، ولكل محبي السلام في العالم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة