يبدو أن موضوع تشويه التماثيل فى مصر لن ينتهى أبدا، لأن بعض المؤسسات لا تعرف فكرة «التنسيق» فكثير من الأحياء لا تزال ترى نفسها مسؤولة بشكل مباشر عن كل شىء، لدرجة أنها لن تلجأ إلى وزارات لحل مشكلاتها، فهم يعتبرونها آخر لا يحق له أن يقدم تصورا لتجميل ميدان أو شارع وأن هذا هو تخصص الحى الذى لم يطور أدواته فلا يزال يعرف لونين فقط ويحمل فرشاة ويبدأ العمل.
موظفو الأحياء لا يعرفون شيئا عن وزارة الثقافة، والوزارة نفسها تتعامل بخجل شديد مع هذه المواقف، هى فقط تذهب لتصلح ما أفسده الآخرون، وذلك بعدما تضج مواقع التواصل الاجتماعى وتكتب الصحف وتتحدث وسائل الإعلام، وبعدما تنتهى الوزارة تعود إلى مكاتبها، وتنتظر أن تحدث كارثة أخرى فتتحرك.
الأزمة فى قضية التشويه تكمن فى أنك لا تعرف من الذى ستحاسبه على ما يحدث، وستسأل نفسك ما فائدة كليات الفنون الجميلة فى مصر وما فائدة قطاع الفنون التشكيلية، وما فائدة نقابة التشكيليين، وما الذى يفعله جهاز التنسيق الحضارى فى حياتنا إذا كان موظفو المحليات وطلبة مدارس الصنايع هم من يقومون بترميم التماثيل المهمة، التى من المفروض أن تعكس الجمال فى شوارع المحروسة لكن للأسف بعد أن يقتربوا منها لا تعكس سوى الارتباك والتوتر الذى تمتلئ به أرواحنا؟!
بالطبع مصر لا تنقصها المواهب ولا ينقصها الإبداع، لكن ينقصها التنظيم، وأن يوضع كل شىء فى نصابه، فمنذ تم تشويه تمثال نفرتيتى ومن بعده العقاد، ومحمد عبدالوهاب وغيرهم الكثير، ثم تعاملنا نحن مع الأمر بسخرية، ولم نتوقف غاضبين كما يليق بهذا الموضوع، ولم نفكر فى حسم ينهى هذا الأمر، فلم يتم التشهير بمن فعل ذلك، لذا لم يشعر من فعل ذلك بالخوف، بل ظن أنه يحسن فعلا، وأننا العاجزون عن فهم ما يفعله رجال المحليات، وأكاد أجزم بأن بعض الذين يقومون برش «الدوكو» على تماثيل مصر، لا يعرفون أن لديهم هذه المهمة إلا صباح يوم التنفيذ.
التشويه سيجعلك تمر فى الشوارع مغمض العينين عاجزا عن فتحهما حتى لا يطاردك القبح ويحرق دمك، وحتى يخرج علينا من ينظم هذا الأمر ويرده لأهله، سنظل سائرين «خجلين» من رموز مصر.
يحتاج الأمر إلى خطة قائمة على التنسيق بين جميع المؤسسات وأن يعرف كل منها دوره، كذلك نحتاج أن تقوم وزارة الثقافة بحصر كل التماثيل الموجودة ثم تبدأ فى وضع خطة زمنية لترميمها وإعلام مسؤولى الأحياء بهذه الخطة الزمنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة