أمين مجلس كنائس مصر: لجنة الحوار اللاهوتى معطلة.. وإعادة المعمودية جرح فى قلب الكنيسة.. والخلافات بين "الأرثوذكس" و"الكاثوليك" ليست جوهرية.. والكنيسة الكاثوليكية لا تعتبر المسيح "شخصين"

بشفافية كبيرة، تحدث الأب بولس جرس أمين مجلس كنائس مصر فى تلك الدورة عما أسماه "جرح الكنيسة"، لكنه أكد فى الوقت نفسه إن كل الأرثوذكس المصريين حاليا كانوا كاثوليك من قبل، حتى إن القديس انطونيوس أبو الرهبان هو قديس كاثوليكى وكذلك القديس اثناسيوس الرسولى، كما يرى إن الوصف كنيسة جامعة لا ينطبق على الكنيسة الأرثوذكسية، على حد تعبيره، وإلى نص الحوار:

لماذا توقفت أنشطة مجلس كنائس مصر فى تلك الدورة ؟

 فكرة كنائس الشرق الأوسط كانت تضم كل الكنائس إلا أن توقف نشاط المجلس دفع قداسة البابا شنودة للتفكير فى كيان بديل، ومن هنا نشأت فكرة مجلس كنائس مصر، كأساس للحوار بين الطوائف، وهو مكون من عدة لجان، أهمها لجنة الحوار اللاهوتي التى لم تفعل، ولم تقم بعملها منذ تأسيس المجلس وحتى اليوم.

لماذا لم يتم تفعيل عمل لجنة الحوار اللاهوتى بالمجلس؟

قال أعضاء المجلس إن هناك معوقات، أو بعض الاعتراضات على الشخصيات التى ترشحها الكنائس لعضوية مجلس كنائس مصر، أو اعتراض على القضايا المطروحة، ولكنى مهتم جدًا بعمل هذه اللجنة، فكيف لنا أن نمارس كل أنشطة المجلس ولا نقترب من المشكلة الحقيقية؟، فنجد إننا لا نفعل شيئًا، فى الثمانينات حضرت لجان للحوار مع البابا شنودة، وكان هناك جلسات جادة فى قضية الحوار اللاهوتى، ومع الأنبا بيشوى وكان هناك تفاعلات إيجابية

ما هى طبيعة الموضوعات التى تفكر فى طرحها بلجنة الحوار اللاهوتى؟

يمكننا أن نفكر فى قضية الأسرار المقدسة وطريقة ممارستها، وإعادة المعمودية بين الطوائف المسيحية لأن تلك القضية جرح فى قلب الكنيسة، تاريخيًا، كانت الكنيسة تحرم هراطقة من أسرارها ولكنها لا تعيد معموديتهم أبدا، وفي فيديو مسجل للأنبا ابيفانيوس يعرض وثائق تاريخية للباباوات المصلحين من القرون الأولى، يعرض فيها إجراءات زواج الأرثوذكسي بغير الأرثوذكسي، ولم تكن إعادة المعمودية من بين تلك الإجراءات، وهناك الكثيرون ظنوا إن مقتله بسبب توجهاته الانفتاحية.

هناك من يرى إن الخلاف التاريخى الشهير وانقسامات الكنائس كانت بسبب أخطاء فى ترجمة المجامع المسكونية، ما رأيك؟

الخلاف فى مجمع خلقيدونية، كان بسبب طبيعة المسيح واحدة أم إثنين، وبالفعل ليس هناك خلاف جوهرى، الكنيسة الكاثوليكية ترى إن المسيح هو كلمة الله الأزلى وله طابع إلهى وتجسد وله طبيعة بشرية، والأرثوذكسية تقول فى قانون الإيمان إن لاهوته لم يفارق ناسوته فالكنيستان يقران مبدأ الطبيعتين، والترجمة افهمت الطرف المصرى وقتها، إن المسيح فى شخصين وهو طبعًا أمر بعيد عن المناقشة لأن المسيح أكيد ليس لديه "شيزوفرانيا"، ولكن لا نستطيع أن نعزى للترجمة وحدها أسباب الانقسام بل إن هناك أفراد لعبت على ذلك، ونجح الشيطان فى ذلك، البابا شنودة وبولس الثانى وقعا اتفاقية فى روما وقال البابا شنودة إن المسيح كامل فى لاهوته وناسوته، ونشر نص الاتفاق فى جريدة وطنى وقتها ثم اختفى ولم يتم تفعيله.

لماذا دفن هذا الاتفاق بين الباباوين شنودة وبولس؟

لأسباب داخلية، فى كل كنيسة هناك تيارات، حضرت مجمع كاثوليكى فى أكتوبر، وبالفعل هناك تيارين الأول مع البابا فرنسيس وهو إصلاحى متساهل مع أبناء المطلقات ومع حالتهم، وهناك تيار يريد أن يطبق القانون وينادى إن كل من يعيش بلا زواج فهو يعيش فى الزنا، تعدد التيارات ظاهرة حيوية.

لكن بعض آباء الكنيسة الكاثوليكية ينادون بضرورة إتاحة الزواج المدنى، ما تقديرك؟

أى زواج خارج إطار الكنيسة فإن الكنيسة لا تعترف به، وهو ليس سرا مقدسا، فلن يعيش الزوجين فى سر مقدس من الكنيسة، كنا نناقش فى الكنيسة بالفاتيكان هل نعترف بالعيشة المشتركة بين رجل وامرأة أم لا؟ وحسب قانون الكنيسة هذا الأمر غير مناسب، وقال الكاردينال توران وقتها إن ذلك هو زنا، ولكن كيف نستوعب هؤلاء؟، الزواج المدنى ليس سهلًا، ولكن يجب إتاحته لمن لا يريد أن يتزوج بالأسرار الكنسية.

لماذا لم يشعر الشعب المسيحى بدور المجلس أو عمله؟

هناك 13 لجنة لو تم تفعيلها جميعا ستعطى زخم لدور المجلس، وفى لقائى التمهيدى مع رؤساء الكنائس أكدت إن العمل لازم يمتد لكافة ربوع مصر، والمشكلة إنه لم يخرج من القاهرة والناس فى الصعيد والإسكندرية والدلتا لا يشعرون به، نعم الناس لم تشعر بمجلس كنائس مصر لأن المجلس مش حاسس بالصعيد مثلًا، وكان هناك حوارات وشجارات فحين تتهم كنيسة بقية الكنائس بخطف رعيتها،من الممكن جدا إن يكون كل الكاثوليك الحاليين أرثوذكس سابقين.

ماذا تعنى بمقولة إن كل الأرثوذكس كانوا كاثوليك سابقًا؟

الأرثوذكس قبل القرن الرابع كانوا جميعا كاثوليك، و"مكنش في أرثوذكس"، وحين يأتى لى أحد لأشرح له، هذه صورة الأنبا انطونيوس فيسألني " أليس الأنبا انطونيوس أرثوذكسيا؟"، فأقول له الأنبا انطونيوس قديس كاثوليكي فلم يكن وقت ظهوره كنيسة أرثوذكسية، والقديس اثناسيوس مثلا كان مصرى ولكنه لم يكن ارثوذكسيا، وارثوذكس يعنى مستقيم، فالقديس اثناسيوس مستقيم ولكن ليس معناها إنه منفصل عن الكنيسة الكاثوليكية، ولكنه كان قائد المجمع الكاثوليكي، الكنيسة ينطبق عليها الوصف "مقدسة واحدة جامعة رسولية"، ومستحيل إن ينطبق هذا الوصف على الكنيسة الأرثوذكسية.

لماذا لا ينطبق الوصف "جامعة" على الكنيسة الأرثوذكسية مثلما تقول؟

لا يمكن أن ينطبق عليها الوصف جامعة لأنها كنيسة محلية مصرية ولا تجمع كل الشعوب، مع حبي وتقديري وتقديسى للكنيسة الأرثوذكسية، وشروط الكنيسة الجامعة إنها تجمع كل الشعوب، الشهر الماضى صليت فى إيطاليا وبرشلونة وفرنسا، فى كنيسة جامعة تجمع كل الأمم، بينما الأرثوذكسى لكى يصلى لابد له أن يبنى كنيسة وأن يأتى براعى أرثوذكسى ليصلى به.

هل تؤمن بضرورة ضم الطوائف الأخرى مثل الشهود يهوه والأدفنتست لمجلس كنائس مصر؟

علينا أن نعود للتعريف، من هو المسيحى، من يعترف بما جاء فى قانون الإيمان هو مسيحى ،أما غير ذلك فهم غير مسيحيين.

وما هي موارد مجلس كنائس مصر؟

من اشتراكات الكنائس الأعضاء، ولا نحصل على أى تمويلات خارجية

المجمع الفاتيكانى الثانى مر عليه أكثر من 60 سنة،هل تحتاج الكنيسة لمجمع جديد يجدد علاقاتها بالكنائس الأخرى؟

الكنيسة دائما فى حاجة للتجديد، الكنيسة جسد مكون من ملايين الخلايا والأعضاء ولا شك أن مجمعا أينما كان سيكون مفيدا ويكفى اللقاء فى حد ذاته، لكننا إلى اليوم لم نستنفذ معطيات المجمع الفاتيكانى الثانى، ولم تصل إلينا فى مصر والشرق إلا بنسب بسيطة جدا

إلى أى مدى ترى إن الخطاب المسيحى يحتاج للتجديد؟

أى شئ وكل شئ يحتاج إلى التجديد،الكنيسة كجسد لابد أن تشهد تطويرا، التكنولوجيا تخطو خطوات واسعة إن لم تلاحقها الكنيسة ستفوتها، حين بدأنا نعرض أفلام فى الكنائس كان هناك اعتراضات وتكفير وكانت قضية كبيرة، ثم بدأنا نؤسس نوادى ومسارح فى الكنيسة، فى أوائل سنوات خدمتى فى طهطا عملت اجتماع مشترك للبنين والبنات، تم مقابلة ذلك كأنها دعوة لإقامة شاطئ عراة، هناك مقاومة ولكن التقدم يفرض نفسه دائمًا وهى سنة الحياة، ويجب أن يأخذ التطور مداه، وحين يخرج الإنسان من الطفولة يفرغ سلة القيم ويفرضها وهو أمر طبيعى.