ما بين الثالثة والنصف والرابعة فجرًا، كان رهبان دير السيدة العذراء المحرق بأسيوط يستعدون لصلوات التسبحة اليومية بكنيستهم الأثرية، يسيرون واحدًا تلو الآخر من القلاية (سكن الراهب) وحتى الكنيسة، إلا أن الراهب القس "زينون المقارى" الذى انضم حديثًا لهم، لم يظهر، فما كان منهم إلا أن ذهبوا لقلايته يدعونه للصلاة.
أحد رهبان الدير قال لليوم السابع، إنهم وجدوا الراهب زينون يعانى آلاما شديدة فى البطن، فأبلغوا الخبر للأنبا بيجول رئيس الدير الذى أمر بنقله فورًا لمستشفى سانت ماريا المملوكة للدير بمدينة أسيوط، وهى التى اعتاد الرهبان أن يتلقوا علاجهم فيها.
يقول الراهب، إن رهبانا اصطحبوا أخيهم الراهب "زينون" للمستشفى بأحد سيارات الدير، وبينما كانوا يقطعون الطريق الزراعى من قرية المحرق بالقوصية وحتى مدينة أسيوط، كان "زينون" يفقد وعيه تدريجيًا حتى لفظ أنفاسه بينهم قبل الوصول للمستشفى الواقعة فى قلب المدينة، حيث يستغرق الطريق ما يقرب من الـ60 دقيقة.
من هو الراهب القس زينون المقارى؟
زينون المقارى أحد رهبان دير الأنبا مقار بوادى النطرون الذى شهد واقعة مقتل الأنبا ابيفانيوس رئيس الدير قبل شهرين، وتمت ترقيته لدرجة القس فى الـ13 من فبراير عام 2010 بيد البابا شنودة الثالث، فى أعقاب سيطرته على الدير وإعادته لسطوة الكنيسة مرة أخرى عقب وفاة القمص متى المسكين الأب الروحى لرهبان الدير، حيث كان الدير مستقلا بشكل إدارى عن الكنيسة القبطية وتدار فيه الحياة الرهبانية بواسطة القمص متى المسكين، والأنبا ميخائيل مطران أسيوط رئيس الدير المقيم خارجه.
وكان زينون ينتمى لجبهة الرهبان الشنوديين، الذين اعتادوا افتعال المشاكل مع رئيس الدير المقتول الأنبا ابيفانيوس، حيث تنقسم خريطة دير الأنبا مقار لفريقين الأول من تلاميذ القمص متى المسكين، والثانى من رهبان يميلون لمدرسة البابا شنودة الثالث الرهبانية.
كان الراهب القس زينون المقارى، هو أب اعتراف الراهب إشعياء المقارى المتهم الرئيسى فى قضية مقتل رئيس الدير مع زميله فلتاؤس الذى حاول الانتحار وفشل بعد اتهامه فى القضية ومازال يتلقى العلاج حتى اليوم فى عنبر المحبوسين بمستشفى القصر العينى.
ما علاقة زينون المقارى بقضية مقتل الأنبا ابيفانيوس؟
ورد اسم الراهب القس زينون المقارى ضمن أوراق تحقيقات قضية مقتل رئيس الدير وفى أقواله قال الراهب «برناباس المقارى» المسئول عن المطبخ والحدائق فى الدير إنه يشتبه فى تورط الرهبان أشعياء وأنطونيوس وصليب وزينون بالتحريض على قتل الأنبا ابيفانيوس، بينما أقر الراهب أرسانيوس المقارى بوجود خلافات سابقة بين المجنى عليه ومعارضيه من رهبان الدير، ويعتقد أن هناك مَن استخدم المتهمَين أشعياء وفلتاؤس فى ذلك العداء.
وبعد قضية مقتل رئيس الدير الأنبا ابيفانيوس، أصدر البابا تواضروس الثانى 12 قرارا حملوا اسم قرارات ضبط الرهبنة، من بين تلك القرارات الحاسمة تحديد عدد رهبان كل دير وتنظيم الحياة الرهبانية فيها، القرار استتبعه قرارا آخر يقضى بنقل 4 من رهبان دير أبو مقار مثيرى الشغب لأديرة أخرى.
وفى الحياة الرهبانية، يعتبر نقل الراهب من دير إلى آخر ضمن إجراءات العقوبة التى تسمى بقانون الراهب، حيث يرتبط الراهب بديره الذى ترهب فيه ويحمل اسمه فيسمى الراهب بالمقارى نسبة إلى دير أبو مقار، وبالتالى فإن قرار النقل لدير آخر يتم شريطة الالتزام والتوبة والبقاء تحت إشراف رئيس الدير المنتقل له، وفى حالة عدم الطاعة والاستجابة يخضع الراهب لتحقيقات أخرى قد تنتهي بتجريده من رهبانيته نهائيا.
وقبل مقتل الأنبا ابيفانيوس رئيس الدير، وتحديدا فى فبراير عام 2017 صدر قرار بنقل الراهب إشعياء المقارى لدير الزيتونة بالعبور، وهو دير حديث تشرف عليه الكنيسة قبيل إجراءات الاعتراف به، ولكن إشعياء رفض تنفيذ القرار وجمع توقيعات من زملائه الرهبان يطلب فيها التوبة والخضوع، كان "زينون المقارى" من بين من وقعوا على تلك الحملة التى حملت توقيع 45 راهبا، تم تسليمها للأنبا ابيفانيوس الذى حاول بدوره إثناء البابا عن قرار نقل "إشعياء" ومنحه فرصة أخيرة للتوبة، ومر الوقت حتى صار "إشعياء" متهما مع زميله "فلتاؤس" بقتل الأسقف الأنبا ابيفانيوس ومازالت القضية التى هزت الرأى العام منظورة أمام محكمة جنائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة