يبدو أن اهتمام المجتمع الدولى ومنظمة الأمم المتحدة بقضية مكافحة الإرهاب هو مجرد أمور شكلية ونظرية لا يتم تفعيلها على أرض الواقع رغم صدور عشرات القرارات والاتفاقيات التى تحمل شعار "الحرب على الإرهاب" أو مكافحته، ويبدو أيضا أنه لا يوجد رغبة حقيقية لدى المجتمع الدولى فى دحر هذه الظاهرة التى باتت تهدد العالم كله وتنتهك أسمى حقوق الإنسان وهو الحق فى الحياة.
فقد تقاعس المجتمع الدولى وآلياته الأممية عن اتخاذ قرارات رادعة تجاه الدول الراعية للتنظيمات الإرهابية والتى تقدم لها الدعم المادى أو اللوجيستى أو تلك التى توفر لها الملاذ الأمن والغطاء الإعلامى والسياسى، مما يفتح الباب إلى العديد من التساؤلات حول موقف الأمم المتحدة من تلك الدول ومدى نفوذ هذه الدول المالى والسياسى داخل أروقة الأمم المتحدة.
أيمن عقيل: بعض المسئولين الأممين يغلب عليهم الهوى السياسى والعقائدى
فى هذا السياق يقول المحامى أيمن عقيل رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وعضو اللجنة الدائمة المعنية بآلية المراجعة الدورية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أنه لم يثبت بالدليل حتى الآن أن المجتمع الدولى لديه رغبة حقيقية فى مواجهة الإرهاب، موضحا أنه لم يتخذ إجراءات صارمة تجاه الدول الداعمة له.
أيمن-عقيل-رئيس-مجلس-أمناء-مؤسسة-ماعت-للسلام
كما أكد عقيل على أن الآليات الأممية فشلت فشلا ذريعا فى حماية حقوق الإنسان ونشر السلام، سواء مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أوالمجلس الدولى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قائلا "وبالتالى على الجمعية العامة الوقوف وقفة جادة واتخاذ قرار بإجبار الدول الراعية للإرهاب، والتى توفر له الملاذ الآمن والغطاء التمويلى واللوجيستى والمنابر الإعلامية على التراجع عن موقفها، أو أن توقع عليها جزاءات صارمة".
وفيما قد يُثار عن وجود شُبهات فساد داخل أروقة الأمم المتحدة وتدخل المال السياسى واستخدام بعض الدول الراعية للإرهابلنفوذها داخل المنظمة الأممية، قال عقيل "لا يمكن الجزم بذلك، لكن هناك بعض المسئولين الأمميين يغلب عليهم الهوى السياسى والعقائدى ومواقفهم السياسية دائما ما تغلب على حيادهم فى معالجة بعض القضايا الحقوقية".
داليا زيادة: المال السياسى هو المحرك الرئيسى لقرارات الأمم المتحدة
من ناحيتها أكدت الناشطة داليا زيادة مدير ومؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة أن الفساد ضرب الأمم المتحدة من الداخل بالفعل، قائلة "هناك فساد أفراد وقيادات، والمال السياسى هو المحرك الرئيسى للأمم المتحدة ويجب فتح تحقيق فى شبهات الفساد".
داليا-زيادة-مدير-ومؤسس-المركز-المصرى-لدراسات-الديمقراطية-الحرة
وتابعت داليا فى حديث لـ"اليوم السابع": هناك دول لديها نفوذ سياسى ومالى تتعامل مع التنظيمات الإرهابية والمرتزقة باعتبارها جيوشا موازية لها، وهذا من أشكال الاحتلال الجديد حتى لا يتم استخدام الجيوش النظامية، فلدينا على سبيل المثال قطر وتركيا مولا داعش بأشكال مباشرة وغير مباشرة، هذا إلى جانب الدعم السياسى من دول مثل أمريكا وبريطانيا".
وأضافت أنه يتم شراء أصحاب المناصب المهمة داخل الأمم المتحدة من جانب هذه الدول، مشيرة إلى أن الحل هو التأكيد على تثبيت الدولة الوطنية كما ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل، وأنه لابد للمجتمع الدولى من محاسبة الأمم المتحدة فى التقصير أداء مهامها، وأنه يجب أن يكون للدول الأعضاء صوت فى وقف هذه المهزلة الدولية داخل أروقة الأمم المتحدة.
كما أكدت الناشطة الحقوقية داليا زيادة على أن هناك خلل بالنظام الدولى، وأن بعض الدول تتعامل مع الجماعات الإرهابية باعتبارها عناصر للضغط على الدول الأخرى، قائلة "وتلك الدول تربى ثعابين لنشرها فى المنازل المجاورة ولا تعلم أنها ستلتهمهم".
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة لم تكتفِ بهذا الموقف السلبى تجاه الدول الراعية للإرهاب إنما أيضا تُصدر بيانات تدين الدول التى تحارب الإرهاب، مستشهدة ببيان الأمم المتحدة الذى أدان حكما بإعدام 20 إرهابيا فى مصر وطالبت فيه بأن تتخلى الدولة المصرية عن عقوبة الإعدام فى مواجهة الإرهابيين، لافتة إلى أن هذا البيان يُقوى الإرهابى فى مقاومة الدولة الوطنية.
كما لفتت أيضا إلى أن المجتمع الدولى يعتبر الإرهاب قضية تخص الشرق الأوسط والعالم الإسلامى فقط، وأنه يُحمل دول المنطقة مسئولية الحرب على الإرهاب ولا يتدخل المجتمع الدولى إلا فيما يخصه، وأنه لا يتم مساعدة الدول العربية فى حربها على الإرهاب دون تدخل فى شئون تلك الدول أو استغلال للموقف، مضيفة "هذا على الرغم من أن 40% من المنضمين لداعش من دول أوروبية وآسيوية وهم من المسلمين الجدد ومن المنضمين حديثا للدين الإسلامى".
حافظ أبو سعدة: قطر وتركيا يمدان التنظيمات بسيناء بصواريخ ذكية تمتلكها الجيوش
قال الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن بعض الدول مثل تركيا وقطر تدعم التنظيمات الإرهابية فى سيناء بالسلاح والأموال، لافتا إلى أنه على الرغم من إبرام اتفاق أمريكى قطرى بوقف دعم التنظيمات الإرهابية، وإعلان دول الرباعى العربى عن قائمتين للإرهاب، إلا أن الدولتين يهددان العديد من المناطق والدول، وتمد التنظيمات الإرهابية فى سيناء بأسلحة نوعية وصواريخ ذكية تمتلكها الجيوش فقط.
حافظ-أبو-سعدة-رئيس-مجلس-أمناء-المنظمة-المصرية-لحقوق-الإنسان
وأوضح أبو سعدة لـ"اليوم السابع" أنه يجب على مجلس الأمن اتخاذ قرار واضح تجاه الدول التى تدعم الإرهاب، مؤكدا أن هناك إقرار بأن قطر ترتكب تلك الجريمة بشكل واضح، مطالبا بإلزامها بتعويض ضحايا الإرهاب وتبنى الأدلة، التى أعلنت عنها الدول الأربعة ضد قطر والتى تثبت تورطها فى دعم وتمويل الجماعات والتنظيمات الإرهابية.
وأضاف أبو سعدة أن هناك قرارات صدرت من مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب، منها قرار صدر عام 2011 بتجفيف منابع التمويل وتتبع مصادر الأموال، إلى جانب تأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب برئاسة مصر، الذى يُلزم الدول بتبادل المعلومات حول الأشخاص والقوائم والبيانات المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية، ومنع الدول من تقديم الدعم المالى واللوجيستى لتلك التنظيمات.
كما وصف رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ما يحدث على المستوى الدولى فى مكافحة الإرهاببأنه ليس نجاحا كاملا، موضحا أنه على الرغم من نجاح عمليات التحالف الدولى فى العراق وتقليص تواجد تنظيم داعش فى المدن العراقية، وما يحدث فى سوريا بعد تحرير الرقة، إلا أن التنظيمات بدأت تنتقل من المواقع التى تم تطهيرها إلى سيناء وليبيا، التى تُعتبر مناطق جاذبة للتنظيمات الإرهابية الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة