- الباز: لست قلقاً على مستقبل الصحافة الورقية.. وكل من يتحدث عن حلول لها يضيع وقته
- محمد الباز: نعانى أزمة صناعة محتوى.. وكتب المذكرات الشخصية بلا قيمة وجزء منها علاج نفسى لأصحابها
- الصحافة مهنة يكرهها الجميع.. ومواقع التواصل «بسّطت» التقارير الصحفية
- ردى على عادل حمودة محاولة للحصول على حقى خلال قضية شيخ الأزهر عام 2008
- السلطة تتعامل مع الإعلام بمبدأ «لا بحبك ولا بقدر على بعدك»
- إعلام الإخوان «متآمر وأهبل» وبيسخنوا على الفاضى
استضاف «اليوم السابع» الكاتب الصحفى محمد الباز، رئيس مجلسى إدارة وتحرير جريدة الدستور، للكشف عن كواليس برنامجه الجديد، ورحلته مع برنامج «90 دقيقة»، ورأيه فى برامج التوك شو، والقضايا التى تشغل مستقبل الإعلام والصحافة فى مصر، بالإضافة إلى رأيه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وغيرها من القضايا.
وخلال الندوة منح الكاتب الصحفى والإعلامى خالد صلاح، رئيس مجلسى إدارة وتحرير «اليوم السابع»، درع مؤسسة «اليوم السابع» للإعلامى محمد الباز، تقديرًا لجهوده فى الإعلام خلال الفترة الماضية، ونجاحه فى برنامج «90 دقيقة»، وإلى تفاصيل الندوة..
بعد عام على توليك إدارة مؤسسة صحفية تحريريًا وإداريًا.. هل لدينا مساحة عجز فى صناعة الإعلام؟
- ليست مساحة عجز، ولكن الإعلام المصرى يعيش الآن حالة يمكن أن نسميها بأنه «عالة» على الآخرين، وخلال فترات سابقة كان الإعلام لديه القدرة على العمل وتحقيق مكسب، لكنه الآن لولا وجود من ينفق عليه لوجدنا أن %85 من الإعلام قد اختفى، وهذا الأمر طبيعى فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد حاليًا بعد تقلص سوق الإعلانات، التى تعد بمثابة الدم الذى يجرى فى شرايين الإعلام، ووفق القواعد التقليدية لصناعة الإعلام فإنه لن يكون مربحًا، وبالتالى نلجأ إلى علاقات جيدة مع أصحاب الثروات، وبالتالى ليس مقبولًا أن يمول لك المؤسسة الإعلامية وأنت تنتقد أفكاره ومشروعاته، ولأمر نفسه مع الإعلام الحكومى، فمن يعمل لدى الحكومة لا يهاجمها، وبالتالى أصبحنا نتحدث عن موضوعية السياق، فمثلًا الجريدة الحكومية تدافع عن الحكومة فى إطار هذه الموضوعية، وكذلك المعارضة، ولن نجد مقالًا فى جريدة الوفد يهاجم السيد البدوى، لأنه رئيس الحزب، وحينها نجد أن سيطرة رجال الأعمال على الإعلام منعت من مهاجمتهم، وفى النهاية عدم وجود مصدر دخل لأى مؤسسة صحفية يؤدى إلى فشلها، والإدارى الجيد هو الذى يستطيع أن يقلل النفقات، بحيث تكون مناسبة للدخل.
هل تنتشر مشاكل صناعة الإعلام الحالية داخل مصر فقط؟
- هذا الأمر ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله، خاصة أنه تم تشويه الإعلام لدى الرأى العام، من خلال كونه أداة يتحكم فيها من يمتلكها، وهناك كثير من رجال الأعمال يدخلون إلى مجال صناعة الإعلام من أجل المكانة الاجتماعية فقط.
كيف تقيم مشاكل الإعلام المصرى فى الفترة الحالية؟
- علينا التأكيد أن بداية الصحافة كانت بسبب الحاجة إلى المعرفة، ولكن الوضع عندنا يختلف، فالسلطة هى من اخترعت الصحافة عندما احتاجت إليها، فمحمد على حين أقدم على إقامة مشروعات احتاج إلى الصحافة، وأول جريدة فى مصر كانت «الوقائع»، وتضم القوانين والقرارات التى أصدرها محمد على، وبالتالى نجد أن الإعلام طوال الوقت هو ابن السلطة بأشكالها المختلفة، سواء السلطة السياسية أو سلطة رأس المال أو السلطة الاجتماعية أو سلطة رجال الدين، وهو ما يسبب معاناة للإعلاميين، وهو ما يعد عيبًا جينيًا، بالإضافة إلى أننا ندافع عن جميع فئات المجتمع، ولكن مع أول خطأ بسيط للصحفيين أو مشكلة بسيطة، تجد أن الجميع يهاجمك، لأننا مهنة ضد التكوين الثقافى، فضلًا عن نظرة بعض رجال الدين بأن الإعلام نفسه حرام، باعتباره وسيلة للنميمة والغيبة من وجهة نظرهم، وكل ما تم من مكاسب مالية حققها الإعلام المصرى طوال تاريخه لم تستغل لتطوير المهنة، أو تدريب الصحفيين، أو إنشاء أكاديميات للتأهيل.. فى الدول الخليجية الأمر معكوس، فخلال المواجهة بين الرباعى الدولى وقطر، وجدنا أن أضعف إعلام فى هذه القضية كان الإعلام المصرى، بسبب التطور الإعلامى الكبير فى السعودية والإمارات.
ومن أبزر المشاكل التى تواجه الإعلام المصرى حاليًا، والذى يملك رصيدًا يمتد لما يقرب من 200 عام، أنه لا يستغل التكنولوجيا بشكل مثالى فى الصناعة، وحين قررنا نشر 100 مقال عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى 100 عام، لم نجد هذه المقالات، وحتى الآن لا نملك ذاكرة للصحافة المصرية على شبكة الإنترنت.
هل ترى أن الصحف القبرصية لها تأثير فى الشارع المصرى حاليًا؟
- لم يعد لهذه الصحف القبرصية أى انتشار على أرض الواقع، مثلما حدث فى السابق، فكرة انتشار الصحف القبرصية كانت محاولة من صفوت الشريف لإفساد الصحافة المصرية أواخر عام 1995، خاصة عقب وقوف الصحفيين ضد قانون رقم 93 لسنة 1995، وكان قرار الدولة لتشويه الصحفيين من خلال فتح الباب للصحف القبرصية، فوجدنا «نقاشين» يتولون رئاسة التحرير، فى محاولة لضرب المهنة، وإظهار أن كل الناس صحفيون وإعلاميون.
وماذا عن الصحف الحزبية والحكومية حاليًا؟
- لم تعد فى مصر صحف حزبية، ويمكننا أن نعلن وفاة الصحافة الحزبية، وحاليًا لا يوجد إلا «الأهالى» و«الوفد»، و«الوفد» تحولت إلى جريدة عامة، والآن تصنيف الملكية إما حكومية أو خاصة، والصحف الحكومية تعرضت خلال ثورة يناير لأزمة تشبه أزمة الإعلام خلال نكسة 1967، وفقدت مصداقيتها، وذلك ليس لأنها وقفت مع نظام مبارك خلال أيام الثورة، ولكن لأنها عقب تنحى مبارك ظهرت لتقول «الشعب أسقط النظام»، وكل من يتحدث حاليًا عن حلول للصحافة الورقية يضيع وقته، لأن الأزمة ليست فى المضمون والمحتوى، ولكن قدرات شرائية وتغير ذوق المتلقى، وأنا شخصيًا لم أعد أشترى جرائد فى ظل انتشار الهواتف الذكية، ولست قلقًا على مستقبل الصحافة الورقية، لأننا يمكن أن نضع أفكارًا لإنقاذها، بالإضافة إلى مشاكل التوزيع على الأرض، فى ظل انهيار جهاز توزيع الصحف الورقية، وصولًا إلى أننا لم نعد ننتج محتوى.
هل تتوقع استمرار الصحافة رغم الأزمات التى تعانى منها حاليًا؟
- رغم الأزمات التى تعانى منها الصحافة، فإنها سوف تستمر، لأن من يكرهها فى حاجة إليها، والصحافة ظلت فى معاناة كبيرة بسبب هذا الكره، وتشهد كثيرًا حالة من توازن الصراعات، وهناك من يرى الإعلام بهذه الصورة، ولكنها لن تنقرض، وأى صحفى يرغب فى النجاح يجب أن يكون لديه اتجاه إيجابى تجاه نفسه وجمهوره، خاصة فى ظل الفوضى التى نعانى منها، فالشعب لم تعد لديه رغبة فى أن يحكمه أحد منذ ثورة يناير، وهو ما أثر على شباب الصحفيين فى ظل تأثير الأبعاد الاجتماعية التى عاشتها الدولة عقب ثورة يناير، فضلًا عن التأثير السلبى لمواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» و«تويتر»، والذى أدى إلى تسهيل وتبسيط الموضوعات.
رغم هذه الأزمات والصعوبات، فالسلطة فى مصر ساندت الإعلام، نظرًا لأهميته فى الدور الذى يقوم به حاليًا فى المعركة ضد الإرهاب، وإظهار دور التنمية التى تشهدها البلاد، والسلطة تتعامل معه الآن بمبدأ «لا بحبك ولا بقدر على بعدك»، وهذا المبرر الوحيد لاستمرار الإعلام حتى الآن.
ما ردك على الانتقادات الخاصة بمقالاتك الأخيرة عن الكاتب الصحفى عادل حمودة؟
- فى عام 2008 كانت هناك قضية لشيخ الأزهر شغلت الرأى العام بسبب صورة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، وحصلنا على حكم قضائى بغرامة كبيرة قدرها 80 ألف جنيه، وخلال هذه القضية كتب عادل حمودة، باعتباره رئيس التحرير، مقالًا من صفحتين دون أن يشير إلىّ، رغم أننى صاحب القضية ومن كتبت المقال الأساسى، ولم أكتب عن هذه القضية، رغم أنه روى الحكاية منفردًا، وبعد أن بدأ كتابة جزء من سيرته الذاتية، بدأت فى سرد ما جرى تفصيليًا، وما فعلته كان محاولة لأحصل على حقى، لأنه خلال هذه القضية لم أقدر على الكتابة وتوضيح دورى فى القضية، وكان يمكن أن أنتظر حين أكتب مذاكرتى، ولكن التساؤل الأبرز حينها: لماذا لم أكتب الآن لأرد عليه، وما كتبته يعد جزءًا من الحقيقة من خلال كتابة عارية لرصد كل ما حدث، والأمر ليس انتقادًا، ونحن أمام جزء من التاريخ، وهو كتب من وجهة نظره، وأنا كتبت من وجهة نظرى، وعلاقتى بعادل حمودة مهنية لم تنقطع حتى الآن، وهو صاحب الفضل الأول والأخير علىّ فى هذه المهنة، وأعطانى فرصة لأنشر كتاباتى ومقالاتى.
وهل شعرت بالظلم عقب كتاباته عما حدث خلال هذه القضية الآن؟
- حين عرفت أنه كتب لم يكن فى نيتى الرد عليه، ولكن حين قرأت ما كتبه قررت الرد، لأن ما حدث يعد تشويهًا لجزء من الحقيقة، وبذلنا جهودًا كبيرة من أجل إنهاء هذه القضية، وبطبعى أنا ضد التضليل، وما حدث فى هذه القضية التى كنت أنا جزءًا منها لم يكن مثل ما كتبه عادل حمودة مؤخرًا، ولم نكن أبطالًا أو نرغب فى دخول السجن.
ما رأيك فى ظاهرة كتابة السير الذاتية للمشاهير والسياسيين؟
- كتب السير الذاتية بلا قيمة، ومن يكتب سيرته الذاتية يظهر نفسه باعتباره محركًا لكل الأحداث، وهناك شروط لكتابة السير الذاتية، منها أنه ليس مقبولًا تسجيل رواية منذ 20 عامًا بوعيك الحالى، وقليلًا ما نجد من يذكر الحقيقة لما حدث، وجزء من هذه المذكرات الشخصية علاج نفسى لأصحابها، وأحيانًا نجد أن ما يكتب يذكر المواقف التى كان يجب أن يفعلها ولم يفعلها، ولا توجد مذكرات حقيقية مجردة إلا القليل، بالإضافة إلى أن السياسيين لا يقولون الحقيقة فى الواقع، وبالتالى لا نجدها فى مذكراتهم.
حدثنا عن تجربتك فى تقديم برنامج توك شو يومى؟
- تقديم برنامج تليفزيونى أصعب من الصحافة، لأنك تتحدث على الهواء مباشرة، وأسعى إلى تقديم صورة جديدة للتوك شو.
ما رأيك فى أزمة تسريبات الإعلاميين الأخيرة؟
- علينا فى البداية التأكيد أنه من الطبيعى للإعلامى أو الصحفى التواصل مع الأجهزة الأمنية، شأنها شأن باقى مؤسسات الدولة ليحصل على المعلومات، وما يحدث من مشاكل فى هذا السياق قد يكون بسبب أن جميع الإعلاميين فى مصر يحتاجون إلى إعادة تأهيل، فمثلًا إذا تحدث صحفى مع مصدره الطبيعى عن التعديل الوزارى الأخير، وأخبره بضرورة الدقة فى نشر الأخبار المتعلقة بهذا التعديل، نجد قنوات الإخوان المضللة تنشر هذا الأمر على أن الصحفى الفلانى يتلقى تعليمات بعدم الحديث عن التعديل الوزارى، رغم أن الأمر طبيعى فى إطار التواصل بين الصحفى ومصدره، وما حدث أن إعلام الإخوان «متآمر وأهبل»، وما حدث أن معدًا إخوانيًا مغمورًا حاول توريط بعض الإعلاميين بشكل غبى من خلال محاولة فاشلة لتوريطهم.
ما موقفك من الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
- أنا متحيز بشكل كامل لمشروع الرئيس السيسى، من خلال قراءاتى الشخصية، لأنه رجل مسؤول ولديه مشروع يجب أن يستكمله، وفى الحرب النفسية التى نخوضها يعد إعلان تأييد النظام «تهمة»، وهذا يجعلك طوال الوقت تظل ترد على هذا الأمر، وفى النهاية من حقى إعلان موقفى بتأييد النظام، و«رجل النظام» مصطلح إذا صح لا يحرجنى.
ما الفارق بين رجلى الأعمال إبراهيم المعلم وصلاح دياب؟
- أرى أن لديهما مشكلة فى اعتقادهما بأنهما أقوى من النظام، وهذا تولد عقب ثورة 25 يناير وحتى 30 يونيو فى مرحلة اللادولة، ومعظم مشاكل رجال الأعمال والإعلاميين أنهم لم يستوعبوا فكرة الدولة وأسسها، وغير مقبول أن نجد فردًا مثل ممدوح حمزة يطالب بتشكيل جمعية لإعداد الدستور، ومنذ 25 يناير حتى العام الأول لحكم الرئيس السيسى لم نكن نعيش فى دولة.
من هم أقوى 5 كتاب رأى فى مصر من وجهة نظرك؟
- لا يوجد، وانتشرت موضة خلال الفترة الماضية يطلق عليها «الكتاب الجدد»، وغيرهم، وهذه المجموعة كانت %95 من كتاباتهم دعائية، والدليل أنهم لم يستمروا لفترة طويلة، وتوجد مجموعة لديهم مقالات جيدة مثل أحمد المسلمانى، كما أن حمدى رزق يمتلك لونًا يحتفظ بقوامه، رغم أنه لم يجدد فى كتابة مقالاته، ولم أقتنع بما يكتبه سليمان جودة.
ماذا عن برنامجك الإذاعى الجديد على راديو 90 90؟
- هذا البرنامج يحمل اسم «باقى من الزمن»، وهو برنامج سياسى متخصص، وراء الخطوط الخاصة بالانتخابات الرئاسية، وكواليس الانتخابات، والأفكار الخاصة بالمرشحين، وتوجد فقرة تحمل اسم «حصل ولا محصلش»، لعرض ما قدمه المرشح خلال برنامجه من خلال تسجيل صوتى، مثل إعداد شبكة طرق أو علاج فيروس سى بشكل موضوعى، وفقرة أخرى «عشنا وشوفنا» من خلال المواقف الطريفة خلال الانتخابات، وبالأساس يهدف البرنامج إلى التعبير عن رأى الشارع ورأيه فى الانتخابات المقبلة، من خلال طريق ثالث، بعيدًا عن عدم التحيز الشديد فى التأييد أو المعارضة، لكنها محاولة لمصلحة البلاد واستقرارها بعيدًا عمن يحاول تفكيكها، والإعلام يجب أن يكون شاهدًا وليس جزءًا من صناعة الحدث، ولكن ندعم استقرار الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة