أكثر ما لفت انتباهى فى بيان الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، بشأن تحريم التعامل أو تداول عملة «البتكوين»، سواء من خلالها البيع أو الشراء إو الإجارة، أو غيرها من التعاملات المالية، تأكيده أنه استعان بعدد من الخبراء وأهل الاختصاص وعلماء الاقتصاد فى عدة اجتماعات، من أجل التوصل إلى حقيقة هذه المسألة، ومدى تأثيرها على الاقتصاد، ومن ضمن ما انتهوا له أن عملة «البتكوين» تحتاج إلى دراسة عميقة، لتشعبها وفنياتها الدقيقة، كشأن صور العملات الإلكترونية المتاحة فى سوق الصرف، إضافة إلى الحاجة الشديدة لضبط شروط هذه المعاملة والتكييف الصحيح لها.
ما قاله المفتى فى بيانه يعد رسالة موجهة لكل المؤسسات المالية فى مصر، لكى تعكف على دراسة هذه العملة، وألا نرتكن فقط لفكرة تحريمها شرعًا، حيث إن تداولها بين المواطنين فى تزايد، خاصة بعد القفزات المتتالية فى أسعارها، التى وصلت إلى 19 ألف دولار للعملة الواحدة، بعدما كانت فى بداية 2017 بـ900 دولار فقط، وهو ما أغرى الكثيرين لشرائها على أمل حدوث نمو فى أموالهم.
المفتى فى بيانه تحدث عن الرأى الشرعى وفقًا لما وصله من معلومات عن العملة من المختصين بالشأن الأقتصادى، وقال إنه لا يمكن اعتبارها كوسيط مقبول للتبادل من الجهات المختصة، «ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ فى مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدى إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول»، مع الإشارة إلى أن عملة «البتكوين Bitcoin» من العملات الافتراضية «Virtual Currency»، التى طرحت للتداول فى الأسواق المالية فى سنة 2009، وهى عبارة عن وحدات رقمية مشفرة ليس لها وجود فيزيائى فى الواقع، ويمكن مقارنتها بالعملات التقليدية كالدولار أو اليورو مثلًا، وهذه الوحدات الافتراضية غير مغطاة بأصول ملموسة، ولا تحتاج فى إصدارها إلى أى شروط أو ضوابط، وليس لها اعتماد مالى لدى أى نظام اقتصادى مركزى، ولا تخضع لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية، لأنها تعتمد على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية «الإنترنت» بلا سيطرة ولا رقابة.
ومن خلال هذا البيان لحقيقة عملة «البتكوين»، يتضح أنها ليست العملة الوحيدة التى تجرى فى سوق صرف العملات، بل هذه السوق مجال لاستخدام هذه العملة ونظائرها من عملات أخرى تندرج تحت اسم «العملات الإلكترونية».
وأشار بيان المفتى إلى أنه «تتم عملياتُ تداول هذه العملة من محفظةٍ إلى أخرى دون وسيطٍ أو مراقبٍ من خلال التوقيع الإلكترونى عن طريق إرسال رسالة تحويل مُعَرّف فيها الكود الخاص بهذه العملة، وعنوان المُستلم، ثم تُرْسل إلى شبكة البتكوين حتى تكتملَ العمليةُ وتُحْفَظَ فيما يُعرف بسلسلة البلوكات Block Chain، من غير اشتراط للإدلاء عن أى بيانات أو معلومات تفصح عن هوية المتعامل الشخصية».
ما انتهى إليه بيان المفتى مهم أن نأخذه فى اعتبارنا، لكنه غير كافٍ لمواجهة الانتشار السريع لهذه العملة، التى تحولت من مجرد اختراع لشخص مجهولة هويته الحقيقية حتى الآن، لم تتخط قيمتها 0.0001 دولار عند اختراعها وبدء تداولها عام 2009 إلى 19 ألف دولار للعملة الواحدة فى نهاية 2017، فما تحت أيدينا اليوم هو مجرد تحذيرات أطلقها البنك المركزى، وهيئة الرقابة المالية من تداول هذه العملة أو التعامل بها، لكن على أرض الواقع الوضع مختلف، فهناك زيادة فى انتشارها، وهو ما يستدعى أن تعيد مؤسساتنا المالية دراستها بشكل جدى للوصول إلى صيغة للتعامل معها، أخذًا فى الاعتبار أن دولة مثل ألمانيا أعلنت اعترافها بـ«البتكوين»، بهدف تحصيل الضرائب على معاملاتها التى تحقق أرباحًا كبيرة، كما أن هناك بورصتين تم السماح فيهما بتداول «البتكوين»، هما بورصتا شيكاغو وسيدنى، وهناك العديد من المتاجر والشركات التى أصبحت تقبل «البتكوين» مثل «آبل» و«مايكروسوفت» و«جوجل».
من وجهة نظرى أن الأمر خرج عن إطاره الشرعى، ودخل فى نطاق آخر يستلزم مناقشة جادة لبيان الأضرار والإيجابيات، فقد سمعت الكثير من الخبراء الاقتصاديين يتحدثون عن المخاطر الكبيرة لهذه العملة التى لا تحظى برقابة أى بنوك مركزية حول العالم أو أى غطاء نقدى، ولا تضمنها أى جهة فى العالم، إنما تكتسب الثقة من المتعاملين أنفسهم، لكن فى المقابل، علينا ألا نتجاهل هذه التقنيات الحديثة فى المعاملات الإلكترونية التى يمكن أن تكون مستقبل العالم، فقد يكون من المهم بحث إطار يمكن من خلاله السماح بتداول هذه العملة، وفرض ضرائب عليها مثلما فعلت ألمانيا، أو أى شىء آخر يمكن من خلاله ضمان أموال المتعاملين بها، وأيضًا حفظ حقوق الدولة، لأنه من غير المعقول أن تلجأ دولة مثل ألمانيا إلى ما ذهبت إليه إلا بعدما رأت فيه فائدة لمواطنيها ولاقتصادها، وهو ما يجب أن يكون محل عناية ودراسة من جانبنا.
عدد الردود 0
بواسطة:
Sherif Sabri
عملة خطرة
بالاضافة لما ذكرتة فالعملات الالكترونية هي بوابة كبري لغسيل اموال السلاح و المخدرات و مصدر سهل لتمويل الارهاب .. يعني بجانب انها غير مغطاة بذهب او غيره فهي حرام لما تسهلة من جرائم و غسل اموال بالاضافة الي ان الدول التي اعترفت بها لا تتعدي 5 دول و لا تنسي ان الدول الكبري مثل الولايات المتحدة سببت انهيار اقتصادي للعالم عام 2008 و ذلك بسبب التوسع في الانشطة الائتمانية .. فليس معني ان المانيا اعترفت بها .. ان نسلك نفس المنهج لانها من الدول الكبري .. فهم يطبقون البيع بدون ارصدة (short selling) علي اسواقهم و هو عندنا حرام شرعا . و اجلا ام عاجلا ستنهار هذه العملة , هذه قاعدة اقتصادية معروفة حتي و ان اعترف العالم بها فستظل عملة مجهولة المصدر مجهولة ممتلكيها . و الحمدلله ان البنك المركزي عندنا صارم في مثل هذه الامور و يتبع سياسات نقدية أمنة