كانت الدول الكبرى وذيولها فى المنطقة تقوم بدور الحكم فى حلبة الملاكمة بعد أن وضعت الدول العربية المستهدفة فى مباراة غير متكافئة مع مناهج جديدة لقلب أنظمة الحكم وإثارة الفوضى وتفجير المجتمعات من الداخل وضخ مليارات الدولارات للطوابير الخامسة والسادسة والعملاء داخل البلدان المستهدفة مع زرع الفكرة الشيطانية عن التطرف وتشكيل الميليشيات الإرهابية كوسيلة سريعة لتقويض المجتمعات.
وكنا بدورنا محشورين فى تلك الحلبة الجهنمية بعد أن نلنا ضربة قاضية بانهيار مؤسسات الدولة ودعم جماعة الإخوان الإرهابية لاعتلاء حكم مصر، ثم الثورة عليها وإسقاطها شعبيا، فكان الحدث وسط المخطط التآمرى العالمى لتفتيت المنطقة، وكأن الملاكم المغمور استطاع الإطاحة بالبطل المصنف عالميا بالضربة القاضية وأطاح بكل أحلام وثروات المراهنين والمقامرين على إسقاط بلدنا.
وعلى الفور بدأت الآلة الاستعمارية العالمية فى الدوران، وبدأت أكبر عملية لعزل مصر وقطع خطوط اتصالها بالعالم الخارجى وتحطيم مجالاتها الحيوية وحصارها اقتصاديا بكل معنى الكلمة، حتى تقبل حكومة ثورة 30 يونيو بالسماح لجماعة الإخوان الإرهابية بالعودة إلى المشهد أو تقاسم الحكم، حتى يكون هناك مبرر للالتفاف على البلد وإغراقها فى نفس مخطط الحرب الأهلية والفوضى بطرق ملتوية مختلفة.
بدأت سياسة التركيع الغربية الجهنمية لمصر، بتجميد كل أشكال المنح والقروض ووقف كل أشكال التعاون الاقتصادى مع حكومة ثورة 30 يونيو، مع الضغط على مصادر الدخل الأساسية للبلد، وفى الوقت نفسه دعم متواصل لكل فصائل الإرهاب والتطرف ومدها بالسلاح والدعم اللوجستى، أملا فى قدرتها على الإطاحة بالحكومة ونشر الفوضى وعقاب المصريين على تجرؤهم فى الإطاحة بذيول الاستعمار. وعندما تأكدت قوى الاستعمار أن المصريين قادرون على مواجهة الإرهاب فى الشوارع والتوحد مع قوات الجيش والشرطة، وسقط خيار الرعب العام فى خلخلة المجتمع، انتقلت الحرب إلى مستوى أشرس، وتلقينا ضربة السياحة أو مؤامرة خنق أحد أهم الموارد الاقتصادية عندنا، فسعينا إلى فتح أسواق جديدة واجتذاب سائحين من مقاصد غير تقليدية.
وفى وقت متزامن سعى أعداؤنا إلى ضرب تحويلات المصريين بالخارج لمنع وصول الموارد بالعملة الأجنبية إلى مصر وكذا إطلاق حملة مسعورة ضد الصادرات المصرية للأسواق العربية والعالمية، وأيضا دعوة المستثمرين فى مصر إلى سحب استثماراتهم منها بدعوى عدم الاستقرار وارتفاع نسبة المخاطر، فكان نشاط الوزارات المعنية بالاستثمار إلى فتح أسواق جديدة ومخاطبة الدول التى تتأثر بشائعات السوشيال ميديا حول الصادرات المصرية من الخضروات والفاكهة إلى تطبيق الاشتراطات الصحية العالمية قبل اتخاذ أى إجراءات، وفى الوقت نفسه تهيئة الجبهة الداخلية.
كانت عملية تهيئة الجبهة الداخلية لمواجهة الحرب الشاملة التى نواجهها ليست بالتوعية السياسية فقط، وليست بدعوة كل منابر الإعلام الوطنى إلى مخاطبة المصريين بالمعلومات والحقائق بالطريقة التى يفهمونها، وإنما وهذا هو الأهم، بإطلاق حزمة كبيرة من المشروعات العملاقة التى تستطيع جذب ملايين العاطلين إلى سوق العمل وضخ سيولة فى القطاعات الاقتصادية كثيفة العمالة وفتح أبواب الأمل أمام المواطنين عندما يرون ثمار التنمية أمام عيونهم يوما بعد يوم، رغم الحرب الشرسة على الإرهاب.
كان الملفت فى تلك الملحمة، أن كل محاولة لهزيمة المصريين بعملية إرهابية، يتم الإعلان عن مشروع عملاق أو كشف بترولى ضخم أو التعاقد على صفقات تسليح نوعية لجيشنا أو افتتاح مصانع جديدة ومحطات كهرباء ومشروعات للطرق.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة