أمام باب جامعة القاهرة، بالقرب من ميدان الجيزة، كم هائل من الكتب المتنوعة فى مجالاتها والتى تحوى كل التخصصات على كل رصيف الشارع، والتى جذبت انتباهى وأثارت فضولى لمعرفة صاحب هذه الكتب، الذى أرسل إلى انطباع عنه فى غيابه بأنه شخص عاشق للقراءة.
فالكم الكبير والتنوع الهائل من الكتب لا يمكن أن يملكه إلا شخص يعرف الجوهر الحقيقى للعلم، فتجولت بين الكتب المختلفة لأبحث عن صاحبها، التى امتلأت حياته بقصص من الكفاح والمغامرات بدأها بعشق للقراءة ونهاها بوجوده بين الكتب المختلفة ليدق أجراس الثقافة على أبواب من يسير حوله .
وأكد على حرصه على القراءة وتفرعه فى كل المجالات مما دفعه لبث هذا المخزون الثقافى فى عقول القراء، وأن حبه للقراءة الحقيقية التى بنيت على حجر الثقافة، تدفعه للانحياز لزبائنه من أهل العلم أكثر من أهل الشكل، " فى النهاية أنا بياع هبيع كل الأنواع من الكتب الثقافية والشكلية، لكن لقيت ان قراء كتير بيشتروا كتب مبنية على عناوين براقة تجذبهم وبيبحثوا عن الشكل وليس المضمون، وإن نسبة قليلة من الزبائن هى التى تتجه لشراء الكتب الثقافية وده خلانى أنحاز لأهل العلم الباحثين عن الثقافة بتخفيض سعر الكتب لهم، وأحيانا أبيع الكتاب بثمنه وأحيانا أخسر فيه علشان أشجعهم، لكن الباحثين عن الشكليات، ببيع لهم الكتب وأنا كسبان " .
مشواره العلمى
وقال عن حياته العلمية " كنت فى كلية صيدلة واترفدت منها لانى لم أقبل إهانة دكتور ليا واتحرمت من امتحان المادة سنتين، قلت لنفسى مش عايز أكون دكتور وحولت كلية آداب قسم انجليزى وقلت ليسانس من بكالوريوس مش فارقة لكن أهم حاجة أحس انى راضى عن نفسى وكلية أداب خرج منها علماء "، ومن هنا بدأ يغير منطقه ويحاول بأقصى طاقته أن يحقق مزيد من النجاحات ليثبت لوالده الذى استاء من قرار تحويله من كلية الصيدلة وتخليه عن لقب دكتور أنه قادر على النجاح فى أى مجال، ثم استرسل فى حديثه قائلا : " حبيت أدخل كلية 4 سنين عشان أخلص بسرعة واختلط بالحياة العملية وأشوف الدنيا " .وأكد على فضل كلية الآداب عليه عندما كان رئيس اتحاد الطلبة وبعدها أمين مساعد للجامعة فى تكوين عقله وإمداده بدافع أدبى ونفسى كبير مع مداومته على القراءة المستمرة، وبثت فيه ذكاء غير طبيعى استثمره فى النجاح المالى.
مشواره العملى بعد الجامعة
"بعد الجامعة كنت واد مجبتهوش ولادة زى ما بيقولوا" هكذا علق عم منصور على رحلة نجاحه فى الحياة العملية وعمله فى أكثر من صيدلية بمساعدة زملائه من كلية الصيدلة، وبعد مرور 10 سنوات على تخرجه من كلية الآداب وصل لمصدر قوة مادية غير عادية شاركت فى 5 صيدليات ومحل تصوير ومحل زجاج وشركة ومحل ذهب وكنت بحسب الهواء الداخل والخارح هينفعنى بإيه لاستثماره لحد ما بقيت مليونير بلعب بالفلوس لعب ودخلت ولادى مدارس لغات واشتريت عربية مارسيدس وعندى فيلا " حتى اعتقد أنه قادر على فعل كل شئ بفضل ذكائه وقدراته، وقال أنه لم يتذكر أهم شئ وهو عودة الفضل لصاحب الفضل وهو الله سبحانه وتعالى.
مرحلة البحث عن السلطة
ثم انتهى من مرحلة جمع المال للبحث عن السلطة ونسى منصور الحقيقى الشخص العاشق للقراءة، حتى قرر أن يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب فبدأ يتعرف على عضو آخر ليتعلم منه كيفية الوصول للسلطة، يوم يلو الآخر صار صديق له، حتى نصحه باستثمار ماله فى شراء مصنع يجلب له أكبر قدر من المال وانجرف خلف نصيحته، حتى سقط فى الفخ الذى أعاده لعالمه الحقيقى الذى نشأ عليه " بعت اللى ورايا وقدامى لشراء المصنع عشان أكسب أكتر واتفرغ للمجلس ، واللى اشتريت المصنع منه طلع نصاب وبيعنى كل حاجة عشان أسدد قروض البنك" وفى هذه المحنة كانت مكتبته هى الكنز الوحيد الذى يخرجه من هذا المأزق وعاد مرة أخرى بين مملكته التى لا تفنى " الكتب ".
عودته مرة أخرى لعالم الكتب
"بدأت أشوف الدنيا بمنظور تانى وأرجع منصور بتاع زمان ونسيت انى بيه ودكتور"، هذه كانت نظرة منصور للحياة مرة أخرى . ووصف الكتب بأنها كنز غير منظور وأن طباعتها كنز لا يعلمه إلا القليل. وأكد على اهتمامه بالقراءة فى كل المجالات وخاصة بعد عمله فى هذا المجال لأن تسويقه للكتب يتطلب منه خلفية معلوماتية حتى يستطيع إفادة القارئ بما يريد، " الزبون اللى بيشترى بيقرأ بدماغى فلازم أكون ملم بكل فروع العلم، وبعض الزبائن بيناقشونى فى الكتاب فلازم أقرأ عشان أفيدهم"
وقارن حياته وقت المال وبين الكتب، قائلا: إنه فى الوقت الذى امتلك فيه المال كان خادم له ولا يشعر بطعم الحياة وتحول لمجرد آلة تفكر وتدبر فى كيفية حصاد المال الأكثر، وكان يملك كثير من النعم لا يشعر بها لأنه مشغول فى جمع المال، أما وجوده بين الكتب جعله يرى الدنيا من منظور آخر يبحث عن الكيف وليس الكم ثم اختتم كلامه بجملة " الرضا بما تملك وإن كان قليل هو منوط السعادة على أرض الواقع، والقراءة كنز لا يفنى" . فحياة عم منصور مثل السمكة التى إذا خرجت من ماء البحر انتهت حياتها هكذا هو إن خرج من بحر العلم ارتطم بأمواج الحياة و تعيده إليه مرة أخرى.
أمام باب جامعة القاهرة، بالقرب من ميدان الجيزة، كم هائل من الكتب المتنوعة فى مجالاتها والتى تحوى كل التخصصات على كل رصيف الشارع، والتى جذبت انتباهى وأثارت فضولى لمعرفة صاحب هذه الكتب، الذى أرسل إلى انطباع عنه فى غيابه بأنه شخص عاشق للقراءة،
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة