بدأت مختلف المناطق التونسية تشهد حالة من الهدوء بعد أن مرت تونس بوقت عصيب إثر اندلاع احتجاجات شعبية سادت البلاد الأيام الماضية تخللها أعمال عنف وتخريب وسرقة لعدد من المقرات الأمنية وممتلكات عامة وخاصة، قبيل احياء الذكرى السابعة للثورة والتى تتزامن مع بدء تطبيق ميزانية 2018 التى تضمنت زيادات فى الأسعار.
تونس تحتج
وعلى مدار الأيام الماضية تحول الاحتجاج إلى أعمال شغب بعد وفاة رجل أثناء تظاهرة فى طبربة غرب العاصمة، وانطلقت عمليات تخريب لمقرات أمنية وسرقة لمستودعات بلدية وفروع بنكية كما تم سرقة وإشعال الإطارات المطاطية وإغلاق بعض الطرقات.
وخلال الاحتجاجات تم توقيف 803 أشخاص، بحسب ما أفاد العميد خليفة الشيبانى المتحدث باسم الداخلية التونسية، وقال الشيبانى إنه خلال ليلة أمس"لم يسجل أى هجوم على أملاك عامة أو خاصة"، مشيراً إلى اعتقال 16 عنصراً تكفيرياً اندسوا بين المحتجين لإثارة العنف، وكان بعضهم خاضعاً للمراقبة الإدارية والأمنية أو للإقامة الإجبارية، حسبما أعلنت وزارة الداخلية التونسية .
التونسيون
وقدرت حصيلة الأضرار التى سجلت فى صفوف مختلف الوحدات الأمنية من شرطة وحرس خلال الأيام القليلة الماضية بـ97 إصابة كما لحقت أضرار متفاوتة بـ88 سيارة إدارية تابعة لهذه الوحدات بالإضافة إلى حرق مركز الأمن الوطنى بـ"القطار" (ولاية قفصة) ومنطقة الأمن الوطنى بـ"تالة" (القصرين) ومكتب رئيس مركز الأمن الوطنى بـ"البطان"(منوبة)إلى جانب إلحاق أضرار متفاوتة بثلاثة مقرات أمنية أخرى.
مشاورات حكومية
من جانب آخر قال مصدر حكومى، اليوم السبت، إن الحكومة تنتوى زيادة مساعداتها المالية للعائلات الفقيرة ومحدودى الدخل فى أول رد حكومى على الاحتجاجات العنيفة التى اجتاحت البلاد الأسبوع الماضى.
وأضاف المصدر أن المساعدات ستأتى ضمن حزمة من القرارات الاجتماعية الأخرى، وكان اتحاد الشغل ذو التأثير القوى قد دعا مع بداية الاحتجاجات التى قتل فيها محتج إلى رفع الأجر الأدنى وزيادة المساعدات الاجتماعية للعائلات الفقيرة.
كما يعقد الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، اليوم السبت، اجتماعا مع الاحزاب الحاكمة وأهم منظمات المجتمع المدنى لبحث سبل الخروج من الأزمة بعد الاضطرابات الاجتماعية التى غذتها إجراءات تقشف وتخللتها أعمال عنف، وعاد الهدوء اجمالا إلى البلاد منذ مساء الخميس باستثناء بعض احتجاجات نظمها فتية.
الرئيس التونسى
تحذير من التنظيمات الإرهابية
ومن جانبه حذر خليفة الشيباني، المتحدث باسم وزارة الداخلية، من إمكانية استغلال التنظيمات الإرهابية الاحتجاجات الاجتماعية لإيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة، ودفع تونس نحو المزيد من الفوضى. وقال في تصريح إن المتّهمين ثبت تورطهم وضلوعهم في أحداث النهب والسلب والحرق التي جدت في عدة ولايات (محافظات) تونسية خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضد الزيادات في الأسعار.
أعمال العنف
وفى السياق ذاته، أفادت وزارة الداخلية بأنها ألقت القبض كذلك على عنصر إرهابى فى مدينة الهوارية (شمال شرقى تونس)، وقالت إن المتهم نشر صوراً لأمنيين ونعتهم بـ«الطواغيت»، وأعلن تبنيه للفكر «الداعشى». كما ثبت لديها تنزيله فى حسابه الخاص عبر شبكة التواصل الاجتماعى (فيسبوك) تدوينات وصوراً تمجد تنظيم داعش الإرهابي، وتحرض على القتال، وتحرض ضمنياً على اعتراض قوات الأمن، خصوصاً فى إطار الاحتجاجات التى تشهدها تونس حالياً.
ووفق إحصاءات رسمية قدمتها وزارة الداخلية التونسية، فقد عاد إلى تونس نحو 800 إرهابى من جبهات القتال، وهناك نحو 137 إرهابياً منهم تحت المراقبة الأمنية، أو يخضعون للإقامة الجبرية. ووفق متابعين للوضع الأمنى فى تونس، تقدر أعداد الخلايا الإرهابية النائمة بما بين 300 و400 خلية، وهى تنتظر الفرصة المناسبة لمهاجمة الدولة المدنية وإرباك مؤسساتها، خصوصاً الأمن والجيش.
أول موقف رسمى
فى أول موقف رسمى له، قال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، "إنّ جانبا من الاحتجاجات فى مدينة بنقردان مشروعة طالما أنّها تطالب بالتنمية والتشغيل".، وأشار يوسف الشاهد، فى تصريح إعلامى بمناسبة زيارة له إلى المناطق المتضررة من موجة البرد (محافظة جندوبة بالشمال الغربى لتونس)، "أنّ المشكلة الأساسى هو مشكلة معبر رأس جدير من الجانب الليبي، وهذا ما تشتغل عليه وزارة الداخلية"، مشيرا إلى "أنّ فريقا وزاريا سيتحول غدا الجمعة إلى مدينة بنقردان".
احتجاجات الغلاء
وشدّد الشاهد على "أنّه طالما الاحتجاجات كانت مطالبها نبيلة وبطريقة سلمية فإنها تبقى مشروعة"، مؤكدا على " أنّ حكومته تشتغل على خطط عمل استراتيجية خاصة بالمناطق المحرومة".
من جهة أخرى، وزير الداخلية الهادى المجدوب، قال "أنّ أحداث الفوضى التى شهدتها مدينة القصرين (على الحدود مع ليبيا وأين تنشط جماعات إرهابية فى جبال الشعانبي) الأسبوع المنقضى كانت مفتعلة".، وأضاف الوزير "أنّ هنالك عناصر قامت بهذه الفوضى من أجل تسهيل مرور مواد مخدرة وذلك وفق معلومة وصلت للأجهزة الأمنية" .
حكومة الشاهد تتقلب على جمر الأزمات
واعتبر المراقبون، أنه على الحكومة مطالبة بتعديل أوتارها وبسرعة، لأن الوضع لا يتحمل المزيد من التردد والارتباك وغياب الرؤية، ويرون أن الشاهد لم يقدم إلى حد الآن إدارة مختلفة للوضع، كما هناك دعوات لرئيس الحكومة بضرورة تقييم أداؤه وأداء فريقه، وعليه أن يدرك أنه اليوم أقرب للتواصل والاستمرارية منه للقطيعة مع الحكومات التى سبقته. هذا فضلا عن تواصل خيارات وممارسات تعيدنا إلى ما قبل 14 يناير 2011 .
وهناك من يطالب الشاهد بضرورة الإقدام على إعادة هيكلة الحكومة واتخاذ إجراءات تكون بمثابة "رجة" أو "صدمة نفسية" لاستعادة المبادرة أولا وللاستمرار ثانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة