لأيام طويلة، انشغل الناس بفتوى منسوبة للدكتور صبرى عبدالرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حول جواز معاشرة الزوجة الميتة، والتى أشار فيها إلى أن هذا الفعل لا يعد زنا لأنه يحق للزوج تغسيل زوجته.
صبرى عبدالرؤوف
وحرص أستاذ الفقه المقارن، على تبرئة نفسه بعد موجة الغضب التى اشتعلت وتسببت فى إحالته لمجلس تأديب واستنكار مجمع البحوث الإسلامية لهذه الفتوى، وأشار عبد الرؤوف إلى أنه تم تحريف إجابته وأنه أكد خلال الفتوى أن هذا الفعل ترفضه وتعافه الطبيعة الإنسانية لكنه ليس زنا، وأن بعض كتب التراث تحدثت عن جوازه، وأنه نقل الفتوى عن هذه الكتب ولم يخترعها.
ولم تكد تنطفئ نيران هذه الفتوى الشاذة حتى أثارت فتوى أخرى منسوبة للدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بالأزهر حول جواز معاشرة البهائم، الجدل من جديد.
ورغم أن "صالح" ذكرت هذه الفتوى فى معرض انتقادها لفتوى جواز معاشرة الزوجة الميتة، وتأكيدا لوجود بعض الفتاوى فى كتب الفقه لا يجب الالتفات إليها، إلا أنها وقعت فى نفس الخطأ الذى وقع فيه الدكتور صبرى عبدالرؤوف، حيث أكدت أن بعض الفقهاء فى كتب التراث القديمة أجازوا معاشرة الرجل بالبهائم فى حالة عدم القدرة على الزواج ، بما لا يصل إلى المعاشرة الكاملة لكن مجرد احتكاكات لفض الشهوة، مؤكدة أن هذه الفتاوى يجب تجنبها وعدم الالتفات إليها، ومشددة على أنه يجب تنقية كتب التراث من هذه الفتاوى الشاذة.
واعتذرت الدكتورة سعاد صالح عن هذه الفتوى بعدما أثارت الجدل و انشغل بها الناس أياما، وقالت :"غلطت إنى ذكرت هذا الرأى واعتذر عن ذلك، لأنه لا يجب أن تقال كل الفتاوى الموجودة فى الفقه على الملأ" ، مؤكدة أن هذه الفتاوى يمكن أن يستغلها البعض ضد الإسلام.
وخلال نفس الحوار، الذى أجراه معها الزميل كامل كامل ونشر على موقع وصحيفة اليوم السابع، أثارت الدكتورة سعاد صالح جدلا أكبر عندما أكدت جواز ترقيع غشاء البكارة للفتاة المغرر بها، مؤكدة أنه لو لم تسترها، سيكون مصيرها إما أن تقتل أو تنحرف وتسبب ضررا لعائلة بأكملها، وأن الأفضل لها أن تجرى عملية ترقيع لغشاء البكارة.
ورغم أن هذه الفتوى ليست جديدة وسبق وأثارت الجدل على فترات عديدة، إلا أنه لا نعرف لماذا الإصرار على إثارة مثل هذه الموضوعات، وهل من المنطقى أن يثير علماء الأزهر الذين نعول عليهم تجديد الخطاب الدينى مثل هذه الفتاوى الشاذة، التى تضر ولا تنفع، وتشغل الناس بقضايا وأمور غير منطقية ولا تتناسب مع الفطرة الإنسانية، وتطلق فتاوى عفا عليها الزمن، وتسيئ للإسلام وكأنه دين لا يرى من الإنسان إلا النصف الأسفل ولا ينشغل إلا به، ويتفنن فقهاؤه فى ذكر فتاوى تعافها الفطرة السليمة ولا يقبلها الإنسان السوى.
فهل صادف علماؤنا الأفاضل رجالا شهوانيين لدرجة التفكير فى معاشرة الزوجة الميتة، أو معاشرة القطط والكلاب جنسيا، وهل تنتظر الفتاة التى تنوى ترقيع غشاء البكارة فتوى حتى تقوم بهذا الفعل؟ .
هل هذا هو تجديد الخطاب الدينى الذى نحتاجه، لربط الدين بالواقع، والوصول إلى عقول الشباب وحمايتهم من التطرف والأفكار الشاذة، وهل هذه هى اللغة والأفكار التى يمكن أن تبنى جسرا للتواصل والثقة بين علماء الأزهر وبين الشباب، لتحميهم من الإلحاد أو الانخراط فى الجماعات المتطرفة؟.
لماذا نعيب على الشباب إذا ما رأينا منهم أفكارا شاذة وأفعالا لا تناسب مجتمعاتنا وعاداتنا وشرائعنا، بينما نجد فقهاء وعلماء دين يرتكبون نفس الأخطاء ولكن بطرق أخرى، يهدمون بها الدين ويسيئون له، ويفقدون الشباب أى ثقة فى عقلية المؤسسات الدينية وعلماءها.
مشايخنا الأفاضل ما تفعلونه وتثيرونه، تشويه وليس تجديدا للخطاب الدينى ، فأنتم كمن تنبشون فى القبور وتحاولون إحياء فتاوى تجاوزها الزمن، وتثيرون جدلا ينتهك عقولنا ويدمر شبابنا ..فكفاكم إساءة للدين وارحمونا يرحمكم الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة