يخطئ من يظن أن الدور المصرى فى قيادة الأمة العربية والتصدى لقضايا القارة الأفريقية انتهى إلى غير رجعة بفعل ما كان يكرس له مستشارو السوء فى الأربعين عاما الماضية، فللقاهرة تأثيرها البلغ إذا تحركت وقدرتها على جمع شتات أمتها عندما تتوافر على رأس إدارتها الشخصية الواعية بحتمية التحرك وفق دوائر الأمن القومى المصرى، الدائرة العربية والأفريقية والإقليمية.
القاهرة وعبر تاريخها القديم والحديث كانت دوما العنصر الجامع غير المفرق والداعم الذى لا يتخلى عن أشقائه العرب والأفارقة فى المحن والملمات والمغيث بالمدد وعناصر القوة حال التعرض للعدوان، ذلك لأنها دولة قديمة عريقة محفورة فى قلب التاريخ، تترتب على وجودها ودورها الوقائع والأحداث ولم تكن يوما مثل الدويلات المصنوعة بالتلفيق والتدليس فى أروقة اجتماعات أجهزة المخابرات الكبرى وصقور الاستعمار الناهب للأرض والثروة.
يحضرنى هذا الكلام المعلوم بالضرورة عن الدور المصرى الجيوسياسى عبر التاريخ، بعد الكلمة التى ألقاها الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الثانية والسبعين، ففى تلك الكلمة أكد السيسى للعالم بعبارات قاطعة ما يمكن أن تنهض به مصر لتحقيق الأمن والسلم الدوليين ولنصرة الشعوب العربية المظلومة، وكذا ما لن تسمح باستمراره من أوضاع جائرة وحقوق مهدرة وحقوق عربية مسلوبة.
لم يعتمد السيسى خطابا يكتفى باستعراض مشكلات بلده وما أكثرها، أو يطالب بدعم بلاده على طريق النهوض الاقتصادى والسياسى، بل انطلق من مسؤوليته التاريخية كرئيس لمصر الكبرى واعيا بما يعنيه هذا المنصب من مهام ومسؤوليات عربية وأفريقية وإقليمية لا يمكن التخفف منها أو التخلى عنها، ولعل إصراره على حلحلة موقف الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والعربية، لإنجاز سلام عادل يعيد للفلسطينيين والعرب حقوقهم وفق حدود الرابع من يونيو 1967، ما يؤكد أن القضية الفلسطينية مازالت هى القضية المركزية لمصر الكبرى، حتى لو تلاعب بها الصغار وخانها الأشقاء وحتى لو تخلى عنها بعض أبنائها الفلسطينيين وارتضوا التنعم الملطخ بدماء الشهداء تحت نير الاحتلال.
ومن الدعوة لمفاوضات سلام والعمل على إنجاحها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى حل الأزمة السورية المستحكمة وفق حل سياسى يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية وصيانة مؤسساتها وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية لتشمل كل أطياف المجتمع السورى ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه.
ومن وقف الحرب العالمية فى سوريا إلى وقف العدوان على الدولة ومواجهة محاولات تفتيت الدولة وتحويلها مرتعاً للصراعات القبلية ومسرح عمليات للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح والبشر، حيث أكد السيسى بوضوح وحسم، أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية أو المناورة بمقدرات الشعب الليبى الشقيق.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة