كثيرة هى وجوه الفنانين التى نألفها ونحفظ ملامحها عن ظهر قلب وفى أحيان كثيرة نردد بعض من جملهم الحوارية أو "لازماتهم" الشهيرة فى الأفلام، ولكننا للأسف نجهل أسماء الكثيرين منهم رغم أنهم "ملح الفن"، ومن يعطون لكل فيلم أو عمل درامى روحه الخالصة، بعيدا عن أسماء الأبطال الذين نحفظهم عن ظهر قلب.
النجدي
ملامحه تشبه ملامح الكثير من المصريين وتحديدا الصعايدة ملامح حادة وواضحة ووجه نحيل وجسد نحيف وهى الملامح التى جعلت العديد من المخرجين يحصرونه فى أدوار القروى الساذج أو شيخ الغفر أو عامل فى "لوكاندة".. أو صديق البطل والذى يساعده أو يدعمه فى كل قراراته، ونجمنا أو مشخصاتى اليوم هو الفنان القدير "عبد الغنى النجدى"، والذى شارك فى مئات من الأفلام السينمائية، حيث تنوعت الشخصيات التى قدمها ما بين الشرطى أو القروى الساذج أو البائع المتجول.. والتى رغم أنها لم تكن أدوارا محورية إلا أنها لفتت إليه الأنظار والنجدى لم يكن مجرد ممثل بل هو مشخصاتى شديد الموهبة ظلمه تصنيف المخرجين والمنتجين له.
وكان نجمنا أيضا يقوم بتأليف النكت ويبيعها لكبار فنانى الكوميديا والمونولوجات فى مصر وعلى رأسهم إسماعيل يس، وشكوكو، وكان لديه "تسعيرة" خاصة به يبيع بها نكاته، وهى جنيها واحدًا لكل نكتة، من أشهر إفيهاته "مشتاجين دوى دوى يا دميل"، فى فيلم "الفانوس السحري"، و"وسمعتى كلامه ليه يا مهشتكة"، وهى الجملة التى قالها فى فيلم "بين السما والأرض"، لينتقد بها سيدة تبدى ندمها على خيانتها لزوجها، وينادى على بيع السمك قائلا: "دمبرى دمبري".
النجدى هو ممثل ومؤلف مصرى، ولد فى قرية المشايعة التابعة لأحد مراكز محافظة أسيوط عام 1915، بدأ العمل فى السينما من خلال فيلم (شارع محمد على) فى عام 1944، والفيلم تدور أحداثه حول (نعيمة) الراقصة التى تسكن مع زوجة أبيها، العالمة التى تعشق المال، تتعرف (نعيمة) على المطرب (إسماعيل جابر) ويربط الحب بين قلبهما، لكن زوجة الأب تعترض على هذا الزواج حيث إن فقر هذا المطرب المبتدئ لا يُمَكنها من الحصول على المال، وتختار لـ (نعيمة) زوجًا ثريًا وتضغط عليها لقبوله فتضطر (نعمية) للزواج من هذا الثرى القروى (شعبان) جسده النجدى الذى يسئ عشرتها، لكن (نعيمة) تتركه وتهرب، فتزل قدمها وتنكسر مما يمنعها من الحركة لمدة طويلة، فينفض من حولها المعجبون لتعود إلى شارع محمد على لتلتقى بإسماعيل الذى بدأ نجمه يعلو فى الغناء ويقف إسماعيل إلى جوارها.
وكان هذا الدور بمثابة فاتحة الخير عليه حيث توالت أدواره الثانوية بعد ذلك ومن أهمها دوره فى فيلم "العتبة الخضراء" وتبدأ أحداثه بوصول شاب من الصعيد، يتسم شكله بالسذاجة، يجسده إسماعيل ياسين يلتقى فى القاهرة بشاب وسيم فيصادقه، وهو فى الحقيقة محتال، يشعر المحتال أن الشاب الصعيدى قد اطمأن إليه يوهمه بأن فى إمكانه أن يبيع له ميدان العتبة الخضراء، يصدق الشاب الصعيدى ويضع كل أمواله فى مسألة شراء ميدان العتبة الخضراء، وعلى الجانب الآخر هناك مطربة شابة تحلم بالشهرة والمجد الفنى، إلا أن علاقتها بمؤلف سينمائى فى بداية حياته الفنية ويكافح من أجل إثبات وجوده فى المجال الفنى تتسم بالتوتر، تقع المطربة فى حبائل المحتال الذى يوهم الشاب الصعيدى بشراء ميدان العتبة الخضراء، فتنسى حبها إلا أنها تنتبه أن المحتال يخدعها فتعود لحبها للمؤلف الشاب، أما الصعيدى فيكتشف أنه وقع فى قبضة رجل محتال انخدع فى مظهره، ويتم القبض على المحتال وأعوانه.. والفيلم من ﺇﺧﺮاﺝ فطين عبد الوهاب.
شارك النجدى فى 14 مسلسلا، وهى "عيون"، و"مبروك جالك ولد" عام 1980، "طائر الأحلام" عام 1979، "هروب" عام 1976، "عندما يشتعل الرماد" عام 1973، "المدينة الهادئة" و "الرجل الثالث" عام 1972، "الرجل الغامض" عام 1971، "جراح عميقة" و"الرجل ذو 5 وجوه" عام 1969، "مفتش المباحث" عام 1968، و"الأبواب المغلقة" عام 1966، و"عزوز وزوربا" و"المطاردة"، وقدم النجدى أدوارا أخرى لفتت اليه الأنظار فى الزوجة الثانية، والجريمة الضاحكة، والمجانين فى نعيم، وشارك عبد الغنى النجدى فى كتابة القصة والسيناريو لفيلم (أجازة بالعافية) والحوار لفيلم (بنات بحري)، وساهم أيضا فى كتابة أغانى فيلم (السر فى بير). توفى فى عام 1980 عن عمر يناهز 65 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة