بعد 10 سنوات.. مهرجان وهران للفيلم العربى يصمد ويستمر رغم التحديات.. سينمائيون يجاهدون لتحقيق إنجاز لمشروعاتهم.. أفلام المهرجان ترصد أزمات الوطن العربى.. وإقبال جماهيرى كبير على "مولانا"

الأحد، 30 يوليو 2017 05:57 م
بعد 10 سنوات.. مهرجان وهران للفيلم العربى يصمد ويستمر رغم التحديات.. سينمائيون يجاهدون لتحقيق إنجاز لمشروعاتهم.. أفلام المهرجان ترصد أزمات الوطن العربى.. وإقبال جماهيرى كبير على "مولانا" مهرجان وهران للفيلم العربى
رسالة مهرجان وهران : علا الشافعي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علا الشافعى

 

10 سنوات في عمر مهرجان هل تكون كافية؟ للتأكيد على رسوخ الحلم وثباته، عشر سنوات تكفى لنقول نعم لدينا مهرجان يحتفى بالفيلم العربى وبصناع السينما العربية الذين يعانون الأمرين لإنجاز حلمهم، واقع عربى أليم ومشهد سياسى شديد التعقيد والبؤس.. كيف يلتفت أى مسئول لأهمية الفن وحتميته؟ هذا هو لسان حال معظم السينمائيين العرب، الذين يكافحون ويجاهدون حقاً لإنجاز مشروعهم السينمائى.. ولكن إذا كان هناك مهرجان استطاع أن يصمد ويستمر وسينمائيون لا يزالون يجاهدون ويسعون لتحقيق إنجاز مشروعاتهم، وجمهور يملأ الصالات بحثا عن حلم ما أو متعة فنية أو حتى لمجرد الاستمتاع فهذا يعنى أن هناك أمل .

فاعليات المهرجان
فعاليات المهرجان

 

نعم هناك أمل في أن ينصلح الحال وأن يتجاوز مهرجان وهران للفيلم العربي، والذي تتواصل فعاليات دورته ال ١٠ حتى ٣١ من يوليو الجاري ، وهي اللدورة التى تشهد عرض عدد من الإنتاجات العربية الهامة سواء في السينما الروائية او الوثائقية ..عشر سنوات  هي مدة كفيلة ليتجاوز مهرجان وهران للفيلم العربي العديد من سلبياته، بدءا من شكل ليلة الافتتاح وبعض التفاصيل المتعلقة بالبرمجة  والتفاصيل التى تحتاج فقط الي مجرد العناية بها وكيفية التركيز في إنجازها،وسيكون لها مقال مفصل، خصوصا وان وجود هذا المهرجان هو حدث هام يجب العمل علي تطويره .

متحف السينما (2)
متحف السينما (2)

 

١-وهران

وهران أو الباهية كما يطيب لأهلها أن يسموها وهى ثانى أكبر مدينة فى الجزائر وعاصمة الغرب الجزائرى، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط فى أقصى غرب البلاد على بعد 432 كيلومترا عن الجزائر العاصمة، وميناؤها من أشهر موانئ المتوسط وهى مركز تجارى هام وترتبط بداخل البلاد وبتلمسان والمغرب بخط للسكة الحديدية.

وفقا للتفسير الأكثر شيوعا بين العامة، فكلمة «وهران» هى مثنى اللفظة العربية “وهر” وتعنى الأسد، غير أن كلمة وهر لا تعنى أسد حسب لسان العرب والصحاح فى اللغة والقاموس المحيط وغيرها،إضافة إلى أن أغلب المؤرخين لم يردوا هذا التفسير، لذا فإن من المرجح أن يكون الاسم من أصل بربرى، نسبة إلى واد الهاران أو إلى أسود الأطلس التى كانت تعيش فى المنطقة، وورد اسم كل منهما فى التاريخ بهجاءات مختلفة.

الأسطورة تحمل تفسيرا للرواية الأولى وتقول إنه تم اصطياد الأسود الأخيرة لهذا الساحل المتوسطى فى الجبل المجاور لوهران المدعو “جبل الأسود”، وأعطى للمدينة هذا الاسم صائد الأسود السابق سيدى معقود المهاجى تكريمًا لأسدين قام بترويضهما، ولقد تم تنصيب تمثالين برونزيين كبيرين لأسدين أمام مقر البلدية في إشارة إلى اسم المدينة.

 

مجدى احمد على وعزت العلايلي ورغدة
مجدى أحمد على وعزت العلايلى ورغدة

وهى واحدة من المدن الجزائرية ذات الطبيعة الخاصة  فهى بلد الفن والموسيقى، بلد الراى والشاب خالد، وواحدة من المدن الساحلية التى تحمل رائحة الإسكندرية، مدينة تملك انفتاحا على الثقافات المتعددة لا تشعر فيها بالغربة، بل دائمًا هناك وشوش مرحبة، وتحديدا بمجرد سماعهم للهجة المصرية، تجد من يوقفك ليحييك، ويرحب بك والبعض يسألك عن الزعيم عادل إمام وأخباره وصحته.

من تلك المدينة انطلق مهرجان وهران السينمائى للفيلم العربى، وهو واحد من المهرجانات القليلة الذى يملك هويته الخاصة فى احتفائه بالسينما العربية فقط، وإذا كانت وهران هى مدينة الموسيقى والغناء والفنون، فهى أيضا الدليل الحى والقاطع على أهمية الفن والدور الذى لعبه الفن المصرى فى التعريف بالثقافة المصرية وطبيعة الحياة  فى المجتمع المصرى، وبالطبع هو الذى ساهم فى انتشار اللهجة المصرية، وهو أمر لو يدرك مسئولو الثقافة والحكومة المصرية معناه لأدركوا كم هو شىء عظيم، ولتغيرت نظرتهم للسينما والفن المصرى، ليصبح هناك دعم حقيقى لتطوير هذه الصناعة والتأكيد على دورها التنويرى .

 

٢_ فى السينما العربية التطرف سيد الموقف

ترصد  الأفلام السينمائية التى تشارك فى الدورة الـ ١٠ لمهرجان وهران  العديد من الأزمات والمشاكل التى يمر بها الوطن العربى، وينعكس المشهد السياسى بكل تعقيداته.. بل نستطيع أن نقول إن هناك تيمات درامية تسيطر منها التطرف وما نعانيه بسببه أو الاحتلال والسجن وما يولده فى التركيبة الإنسانية والرغبة  الآن بدءا من الفيلم العراقى الوثائقى "الفرقة " للمخرج الباقر جعفر، والفيلم الفلسطينى " اصطياد الأشباح" والواقع السورى المعقد فى فيلم "ليليت" للمخرج غسان شميط.

مجدى احمد على وعزت العلايلي وعلا الشافعى
مجدى أحمد على وعزت العلايلي وعلا الشافعى

ومن الأفلام التى سنتوقف عندها الفيلم العراقى الفرقة وأن تكون ممنوعا من الغناء،ومن الحلم.. الفيلم بكامله صور فى مدينة الصدر الشيعية..تلك المدينة التى كانت فى الماضي هي مدينة الثورة والفن فجأة تحولت الي مدينة لا تسمع فيها الا صوت خطب الأئمة الرنانة،وصوت السلاح ولا تري غير الاستعراضات العسكرية،وكل شئ بات محرما بعد ٢٠٠٣ وسقوط صدام، الغناء محرم، والموسيقى عقابها القتل .. ورغم هذا كان هناك حلم يتشكل مع "فرقة حلم".

مجموعة من الشباب الموهوبين الذين يحبون الموسيقى، ويجرون بروفاتهم فى سرية تامة، بل أنه من المشاهد المؤثرة فعليا عندما يضطر أحدهم أن يخفى العود الخاص به فى صندوق الزبالة حتى يتمكن من نقله إلى سيارته، ويخرجون لإحياء حفلات خارج مدينة الصدر، ولكن يظل الحلم الأثير لديهم هو إقامة حفل داخل مدينتهم الصدر ووسط أهاليهم.

ولكن للأسف يظل هو حلم بعيد المنال، ويبذلون محاولات حثيثية لمحاولة تحقيق الحلم، منها الذهاب إلى شخص كنيته "أبو عزرائيل" وهو واحد من أهم الشخصيات المؤثرة .. الذى يدخل معهم فى نقاش حول الحلال والحرام موضحا أنه لا يملك الفتوى ولكن لو موسيقاهم دينية، لن يمانع من مساعدتهم، أما إذا كانت موسيقى تحرض على الفسق فهى حرام، وهم لا يمانعون أن يعزفوا أغان صوفية..وهو المشهد الذى حمل الكثير من الوجع وعكس القهر كيف تستأذن من أبو عزرائيل لتعزف موسيقاك وتحقق حلمك.

الفرقة” سيناريو وإخراج الباقر جعفر، ويتحدث جعفر عن فرقة “حلم”، تلك  “الفرقة التى ولدت من داخل مدينة الصدر العراقية المحرومة من الموسيقى فى هذا الوقت، ليست فرقة عابرة أو مشروعا مؤقتا، لمجموعة شباب يحبون الموسيقى، نضالهم وإصرارهم دفعه إلى إنجاز هذا الفيلم ، من خلال الخوض فى قصصهم والقصص المحيطة بهم، كالمدينة وحلمهم بأن يقيموا حفلاً موسيقياً داخل هذه المدينة”..والتى هجرتها أصوات قديمة وفنانون كبار لم يتبق من صوتهم شىء حيث تم خرق شرائطهم بعد تحريمها ، وآخرون هاجروا المدينة”.

 

جانب من الفاعليات
جانب من الفعاليات

الباقر جعفر مخرج عراقي شاب، درس صناعة السينما فى المركز العراقى للفيلم المستقل منذ عام ٢٠٠٩، وشارك في ورش سينمائية داخل وخارج بغداد، درس من خلالها كتابة السيناريو، الإخراج، المونتاج وإدارة الإنتاج. صنع جعفر أفلاماً قصيرة وثائقية هي: رفعة علم وغربة الغجر والفيلم التجريبي عدسة ٥٠ ملم، ويعتبر “الفرقة” هو أول أفلامه الوثائقية.

وإذا كان فيلم الباقر من الأفلام الوثائقية التى تعكس واقعا شديد القسوة، إلا أن الفيلم الفلسطينى " اصطياد الأشباح" للمخرج الفلسطينى رائد أنضوني وهو الفيلم الذي سبق وحصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الـ67، وهو الفيلم الذي يحتفي بجماليات وفنيات السينما يخلط مابين الوثائقي والروائي أى أنه أقرب إلى الديكو دراما ينطلق من الخاص إلى العام.

رائد أنضوني مخرج الفيلم تعرض للاعتقال والحبس من جانب الإسرائليين  وهو في عمر الـ ١٥ لذلك قرر أن يهزم مخاوفه ، بتلك التجربة السينمائية المميزة إذ نشر إعلانا صغيرا فى أحد الجرائد يطلب سجناء سابقين اعتقلوا بالسجون الإسرائيلية خاصة فى سجن المسكوبية بالقدس وأيضاً ممثلين.

والفيلم عن حاضر أبطاله، يحاكي ذكريات اعتقالهم في السجون الإسرائيلية، من خلال إعادة بناء جدران زنازينهم لتمثيل ما تعرضوا له داخلها..تخيل أن تشارك أنت في بناء زنزانتك وترسم ملامح سجانك، أو تتبدل الأدوار أن تتحول من سجين إلى محقق ينتزع الاعترافات ويتعامل بشكل غير آدمى، تمكن المخرج أنضوني من تحويل تلك المساحة فى الزنزانة إلى حياة كاملة تتكشف من خلالها حيوات هؤلاء المساجين وأحلامهم التى تكسرت بداخلهم، أو حتى الخوف من الحلم وفقدان القدرة عليه، الأنضونى ومن خلال التشكيل البصري والألوان المحددة من الأزرق إلى الرمادي واللقطات الضيقة والتى تعكس حال تلك الأرواح المحبوسة استطاع أن ينقل حالة إنسانية شديدة الخصوصية كيف وأنت فى كامل وعيك تقرر أن تطارد أشباحك التى تسكن بداخلك حيث أحيانا كانت تتحول الزنزانة الضيقة أو غرفة التحقيق إلى خشبة مسرح  تعكس آلام هذه الشخصيات التى لاتزال حية بداخلهم، وتشوهات نفسية يحاولون هزيمتها بإعادة معايشتها والحديث عنها.

الكثير من مشاهد الانهيار والدموع والآلام نتابعها في رحلة بناء السجن، وهو ما تطلب وجود طبيب نفسي مع الممثلين  أثناء التصوير خصوصا أن "فترات الاعتقال وفقدان السيطرة على النفس والجسد تجعل الخيال هو المهرب الوحيد"، وهو ما عبر عنه أيضا المخرج من خلال شخصيات الفيلم التى  تنوعت مواهبهم بين الشعر والرسم.

 

مجدى احمد على وعزت العلايلي وعلا الشافعى والامير اباظة
مجدى أحمد على وعزت العلايلي وعلا الشافعى والأمير أباظة

 

مولانا يخطف الأنظار وعرض ثان للفيلم

شهد العرض الأول للفيلم المصري مولانا بمهرجان وهران إقبالا جماهيريا كبيرا، وحضورا مميزا لصناع السينما العربية، إذ حضر الفيلم المخرجان المخضرمان الجزائرى مرزاق علواش والتونسي نوري بوزيد وعدد كبير من شباب السينما العربية وصناعها وحرص المخرج مجدي أحمد على أثناء النقاش حول الفيلم على تأكيد أن معظم الدول العربية رفضت عرض الفيلم  ماعدا لبنان وهى الدولة العربية الوحيدة التى عرضته بعد مصر ولكن بعد حذف ١٥ دقيقة من الفيلم، مولانا الذى حصد تصفيق الجمهور لمدة طويلة، ونقاشات جادة حول القضايا التى يطرحها وكيفية تعرية السيناريو للواقع فيما يتعلق باستخدام الدين في السياسة، وهو ما عانت منه الجزائر فى العشرية السوداء .

وبعد هذا الإقبال لن تكتف إدارة المهرجان بعرضه مرة ثانية،ولكن هناك عرض آخر فى مدينة معسكر وهي مدينة تقع قبل وهران.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة