لم يعد يخفى على أحد وجود حرب دعائية شرسة بين الولايات المتحدة وروسيا، تتجلى أبرز صورها فى أزمة التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضى، والتى تحولت إلى القضية السياسية الأكثر إثارة للجدل فى واشنطن. وتعد مواقع التواصل الاجتماعى الساحة الرئيسة لتلك الحرب، والتى يبدو أن روسيا تحقق فيها انتصارات حتى الآن تثير قلق الأمريكيين، أو على الأقل هكذا يبدو الأمر.
وبعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعى الأشهر مثل فيس بوك وتويتر، هناك معركة تدور على موقع أقل شهرة لكنه على قدر من الأهمية وهو موقع "لينكد إن". وتقول مجلة نيوزويك الأمريكية إن طالما استرعى انتباه الخبراء بشكل متزايد استخدام روسيا لمصانع دعاية سرية لتخريب الديمقراطية، وإغراق تويتر وفيس بوك بحسابات تحت أسماء زائفة. إلا أن معركتها على شبكة لينكد إن لتحييد الأعداء لم يكن ملاحظا إلى حد كبير.
لكن مجلة نيوزويك وجدت أن القوى الموالية لموسكو قد وضعت ضغوطا مستمرة على الشركة لوقف أو إخلاء عدد من خضومه، الكثير منهم لهم سيرة مهنية متميزة فى الجيش الأمريكى أو وكالات الاستخبارات. ولم يقتصر الأمر على هؤلاء الخصوم المتميزين والإضرار بالسمعة المهنية، لكن حملة الكرملين لمحاربة هضومه على السوشيال ميديا ربما تجاوزت الفضاء الإلكترونى وموجودة فى الشوارع.
وتوفر شبكة "لينكد إن" أرصيد ملاحقة ثرية للعملاء الروس، فعلى العكس من تويتر و"فيس بوك"، فإن أغلب المشتركين فيها ويقدر عددهم بـ 500 مليون، أغلبهم من أصحاب الياقات البيضاء، ويستخدمونها للإعلان عن خبراتهم أو السعى للعمل أو التواصل فى أقرانهم فى جماعات النقاش القائمة على الخبرة. ولتعزيز أوراق اعتمادهم، فإن معظم مسئولى الأمن القومى الأمريكيين الحاليين والسابقين يقومون بنشر السير الذاتية التفصيلية وتوصيات من زملائهم، وهو ما يوفر المصدر للاستخبارات الروسية لجمع معلومات مفصلة عن منتقديها الأقوياء والتشكيك فى حقيقة من لديهم إنجازات.
ونقلت نيوزويك عن مراقب قريب من الكرملين فى جامعة لإحدى دول الاتحاد السوفيتى السابق، الذى رفض الكشف عن هويته لحماية نفسه، قوله إن الخدمات الخاصة الروسية تستغل بالتأكيد لينكدإن لجمع معلومات شخصية عن أهداف محددة وربما تجنيدهم وابتزازهم. ويعملون بهويات مزيفة، فى حين أن الدعاية الروسية وحملات التصيد يتم تطبيقها على نطاق واسع على الشبكة.
وتذهب المجلة الأمريكية إلى القول بأن الحملة الموالية لموسكو قد اتسعت مؤخرا وفى بعض الحالات انتقلت خارج فضاء الإنترنت، كما يزعم بعض أعضاء لينكدإن الأمريكيين الذين كانوا ينتقدون هجمات روسيا السرية على الغرب. وأشار أحد مسئولى الأمن القومى الأمريكى السابقين الذى كان يواجه دعاية الكرملين على لينكد إن إنه تعرض لاعتداء قرب منزل تقاعده فى فرنسا. ويشك بدرجة كبيرة أن مهاجمه على صلة بروسيا. فهو لا يزال يعمل كمستشار فى الدفاع والشئون الخارجية لعملاء خاصين، وكان يكتب عن جماعات تابعة للمخابرات الروسية فى فرنسا وبلجيكا لها أسماء وأماكن على لينكد إن، وأكد أن تلقى مكالمات هاتفية مع تهديدات بالقتل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة