أحمد حسن يكتب: فى انتظار الكاتب المخلص لفنه لنتجاوز نجيب محفوظ

الأربعاء، 30 أغسطس 2017 09:00 ص
أحمد حسن يكتب: فى انتظار الكاتب المخلص لفنه لنتجاوز نجيب محفوظ أحمد حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يظل سؤال هل تجاوز السرد الحالى سرد نجيب محفوظ مرتبطا بسؤال قديم كان قد طرحه الناقد الكبير رجاء النقاش فى مقال شهير له بمجلة المصور نشر عام 1969، إن لم تخن الذاكرة، وكان يتساءل فيه: هل أصبح نجيب محفوظ عقبة فى طريق تطور الرواية العربية؟ 

 

وكان رجاء النقاش وقتها يشعر أن الفرق شاسع بين محفوظ ومجايليه لا سيما بعد أن أصدر فى الستينيات روائعه المبهرة اللص والكلاب والطريق والسمان والخريف وثرثرة فوق النيل والشحاذ وميرامار، وهى الأعمال الروائية التى كان يطلق عليها الدكتور محمود الربيعى السلسلة الذهبية وأفرد لها كتابا نقديا مهما لدراستها وكان بعنوان قراءة الرواية كشف فيه عن عبقرية محفوظ الفنية وأدائه السردى البارع ورؤيته الإبداعية للواقع المعيش ولما وراءه من أسئلة وجودية وكونية كبرى.

 

وإذا كنا الآن نعيد طرح هذا التساؤل الممتد فالأمر يحتاج إلى إعادة تأمل بعد أن جرت مياه كثيرة فى نهر السرد العربى وتغيرت الرؤى وتطورت التقنيات وتغير مفهوم العالم نفسه من فكرة الصلابة وهيمنة السرديات الكبرى إلى فكرة السيولة وصعود السرديات البديلة، وأصبح أغلب الروائيين يعيدون صياغة مفاهيم جديدة للكتابة الروائية يتجلى فيها السرد باعتباره لعبا يعنى بتقديم طرائق جديدة ويفيد من التقدم التكنولوجى المتسارع، وأصبح سؤال التجريب هو السؤال الأحق بالتأمل وليس سؤال التجاوز مع أهميته لأنه من الظلم بمكان أن نقارن المشروعات الروائية التى ما زالت فى طور التشكل والسعى لإثبات الوجود بمشروع إبداعى باذخ ومكتمل امتد لأكثر من ستين عاما.

 

وبالطبع قد نرى عملا روائيا هنا وآخر هناك يتفوق على بعض روايات محفوظ مثلا، لكننى أظن أننا بحاجة إلى وقت كبير ليأتى روائى مقتدر يخلص للفن إخلاص نجيب محفوظ له وهو أمر شديد الصعوبة، لأن محفوظ لم يكن روائيا فحسب بل كان فيلسوفا عظيما استطاع أن يعالج الحالة الإنسانية منذ فجر البشرية البعيد إلى لحظته الراهنة، ويكفى أن أحيل القارئ الكريم إلى ملحمة الحرافيش ليعيد قراءتها، وقراءة ما كتب عنها من نقد أدبى بديع يكشف عن الاقتدار السردى لمحفوظ وقدرته على توظيف تقنية تعدد الرواة ببراعة، ونرى ذلك جليا فى دراسة بالغة القيمة للدكتور سيد فضل بعنوان صوت الراوى فى ملحمة الحرافيش وهى تكشف برهافة ولماحية عن المستوى غير المسبوق الذى وصل إليه محفوظ فى السرد الروائى، وقدرته الباهرة على المراوحة بين نوعين من الرواة مختلفين اختلافا لافتا لكنهما يعبران عن اكتمال دائرة الرؤيا المحفوظية ورؤيته العميقة للوجود البشرى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة