عالم موازٍ يشكلون فيه كواليسهم الخاصة ويضعون فيه قوانين تعاملهم مع مهنة تجارة المواشى والجزارة التى لا يعتبرونها مهنة موسمية مثلما يعتقد الكثيرون، فهم لا ينتظرون اقتراب عيد الأضحى ليعلنوا عن مهنتهم الدائمة التى احترفوها منذ أكثر من 70 عاما، فينصبون الشوادر وينتقون الأضاحى بعناية، ولكن بالطبع شوادر المدبح بالسيدة زينب لها تحضيرات خاصة، وقوانين لا يعرفها سوى سكان المنطقة والعاملون بها، من زاوية أكبر ترى المشهد مهيبًا أصوات شجارات وأصوات مواشى، ووجوه هائمة تبحث عن مكان بالشارع الكبير لتفترش منه بضعة أمتار تسع أكل المواشى.
الخراف فى الشادر
بخطى سريعة تفرضها عليك طبيعة الشارع المزدحم فى هذه الأيام، سترى عيناك مجموعة من الشوادر المتساوية فى المساحة قوامها الأساسى بعض الألواح الخشبية مربطة بحبال ومثبت عليها "طوالات" لطعام المواشى، ولا يخلو المشهد من "كنبة بلدى" ورثها "المعلم" عن أجداده يجلس عليها ليتابع حركة البيع والشراء.
وفى جولة بعدسة اليوم السابع داخل مجموعة من الشوادر التى قلت أعدادها كثيرًا هذا العام، فى ظاهرة دخيلة على حال المدبح فى هذه الأيام كما أكد العاملون هناك، بدأت بـ "شادر الحاج عيد غنيم" الذى تحدث عن استعدادات العيد هذا العام وقال: إقامة الشادر هذا العام عليه ضوابط كثيرة أهمها دفع 1600 جنيه للتصريح بعمل شادر للماشية خلال الأيام التى تسبق أول أيام العيد.
عيد غنيم مع محررات اليوم السابع
ويكمل عيد غنيم الكهل الأربعينى حديثه لـ"اليوم السابع"، عن مهنة الجزارة التى ورثها عن أبيه وجدوده بالرغم من تخرجه فى كلية الألسن إلا أنه يعاون أبيه فى تلك المهنة التى يتشرف بها ومن بعده أبناؤه أيضًا، ويكمل حديثه عن العلاقة الغريبة بينه وبين ما يضم الشادر من ماشية فيصفهم بـ"الأطفال" التى يراعاها فى التربية والتغذية والمعاملة.
وأضاف: "أن المدبح عبارة عن عائلات معروفة وموجودة منذ أكثر من 80 عامًا يعملون فى تلك المهنة ويتوارثها أبناءهم من بعدهم، تتأمل الماشية الموجودة لتلاحظ وجود بعض العلامات المتطابقة باللون الوردى فى الظهر، وبعد السؤال عن الهدف من تلك العلامات وضح لنا عيد أن تلك العلامات هى واحدة من أسرار عديدة فى عالم الشوادر وتربية الماشية حيث تحتفظ كل عائلة من عائلات الجزارة الشهيرة فى مصر بالعلامة الخاصة بها والتى يتفق عليها بمرور السنين بـ"المحبة"، وكأن آباؤهم لم يورثوا المهنة فقط بل تركوا لهم تلك العلامات لتجعل لهم كيانا وتواجدا خاصا فى سوق تجارة الماشية.
العلامات الملونة
وتختلف تلك العلامات التى تميز ماشية عيد عن ماشية أى تاجر آخر من تاجر لآخر لتجد بعض التجار يقومون بتلوين ظهر ورأس الخروف وآخر يخلط لونين لتلوين الخروف.
ولم يكن الحديث مع عيد غنيم يشمل الناحية الاقتصادية التى تخص البائع فقط، لكنه قدم نصائح للزبون يمكنه الاستعانة بها لشراء أضحية "ممتازة" ليقدمها تقربًا لله عز وجل وكانت تلك النصائح:
أن يختار المشترى الخروف الذى يقف يأكل بنشاط ولا ينطوى فى أحد أركان الشادر
أن تكون "لية" الخروف صغيرة الحجم لأن الخروف ذو "اللية" كبيرة الحجم يؤثر على تصفية اللحم واختلاط الدهون به.
اختيار الخروف السليم الذى لا يشوبه أية عيوب كالعرج أو أى إصابات أخرى.
الخراف
أسرار وحكايات داخل شوادر الماشية فى منطقة السيدة زينب وأيام جهد وعرق يعيشها التجار فى ذلك الوقت، بالتحضيرات الخاصة وجلب الأعلاف لإطعام الماشية وهى التى تضاعف ثمنها بحسب ما أكد"عيد غنيم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة