مطلوب تدمير سوريا وتفتيتها إلى أربع أو خمس دويلات متشاحنة، الأمريكان والإسرائيليون اتخذوا القرار وشرعوا فى التنفيذ لضمان أمرين، الأول طرد الروس من قواعدهم فى طرطوس وحميميم ومنعهم من الوصول للبحر المتوسط وكذا حرمانهم من التمدد فى الشمال الأفريقى وقلب القارة السمراء، والأمر الثانى ضمان الجولان بحوزة إسرائيل إلى الأبد ووأد أية اتفاقات للسلام مع الشعب السورى، لأنه وفق المشروع الاستعمارى الجديد لن يكون هناك شعب سورى بل مجموعة إثنيات وعرقيات متصارعة من علويين وسنة وقبائل بدوية وأكراد ومسيحيين، فضلا عن قطع مسارات الاتصال والتعاون بين ملالى طهران وامتدادهم فى لبنان ممثلا بحزب الله.
الأتراك لديهم مصلحة فى تدمير سوريا أيضا وفى إبقاء الحرب العالمية الثالثة مشتعلة هناك، فهم طامعون فى ضم شريط حدودى من الأراضى السورية بعمق ثلاثين كيلومترا لمنع أى تواصل بشرى أو اتصال جغرافى بين أكراد العراق وسوريا من ناحية وأكراد تركيا من ناحية ثانية وبالتالى منع إقامة الدولة الكردية المستقلة أو حتى إعلان منطقة حكم ذاتى كردية مثلما يطالب حزب العمال الكردستانى، بالإضافة طبعا للأطماع التركية المعلنة فى النفط السورى والذى تحصل عليه بتراب الفلوس من وكلائها فى داعش صنيعة وتدريب الأتراك بإشراف الأمريكان.
أما العرب المستعربة فى بعض دول الخليج فهم يقومون بدور الممول بالأمر الأمريكى المباشر للخطط الجهنمية الخاصة بمشروع تدمير سوريا، ولا يخفى هؤلاء الصهاينة العرب فى الدوحة وأخواتها أنهم يمولون داعش وجبهة النصرة وعشرات التنظيمات الإرهابية الأخرى التى تدير ماكينة الحرب على الأراضى السورية، ويحاولون إظهار الأوامر الأمريكية والإسرائيلية لهم على أنها موقف سياسى تقدمى يعتمدونه لضمان مصالحهم تارة لردع بشار الأسد ونظامه الذى يقتل السوريين أو لوقف تغلغل الإيرانيين فى سوريا ومنع تواصلهم مع حزب الله وكأن تدمير سوريا سيمنع تواصل طهران وأتباعها فى لبنان بعد أن تحول الجنوب اللبنانى إلى شبكة مصانع للسلاح تحت الأرض، أو كأن بشار الأسد كان يقصف القرى والتجمعات السكنية قبل تمركز المرتزقة والإرهابيين وسطهم.
وحدها الإدارة المصرية، باستثناء عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وهى تعلى من شأن وحدة التراب السورى ومصلحة الشعب السورى المتماسك والموحد على كامل أراضيه، لم تتلوث أيدى مصرية بالدم السورى ولم يشارك المصريون فى الحرب العبثية هناك رغم الإغراءات والضغوط ولم يستجب صانع القرار المصرى سواء فى مجلس الأمن أو فى أروقة المفاوضات حول سوريا لأى قرارات مشبوهة بل كان منحازا دائما إلى مساعدة السوريين وحمايتهم والعمل على عودة المهاجرين منهم وقبل كل ذلك وقف الحرب العبثية وطرد المرتزقة الأجانب وجمع السلاح من الأفراد.
وفى الأسابيع الأخيرة نجحت الإدارة المصرية بالتفاهم والتنسيق مع الجانب الروسى فى عقد اتفاقيتين مهمتين لوقف الحرب فى الغوطة الشرقية وفى ريف حمص، الأمر المرشح للبناء عليه بمزيد من اتفاقات الهدنة وإنهاء الحرب وعودة الحياة لطبيعتها، ولذلك لم يكن مفاجئا أن تتواتر الأنباء عن تسليم عناصر متفرقة من داعش أنفسهم وأسلحتهم وعائلاتهم إلى السلطات فى سوريا، فهل تعرفون ماذا يعنى ذلك؟ يعنى تقويض المشروع الصهيو أمريكى فى سوريا وبالتالى كان لابد من معاقبة مصر بقرار رمزى من واشنطن.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة