- رغم مميزاتها الكثيرة.. أوبر تعيش على مخالفة القانون
- أوبر والشركات المماثلة بدون تراخيص تجارية أو أوراق رسمية فى العالم
- الشركة نجحت فى جعل خرق القانون أمراً اعتيادياً وروتينياً
- السماح لأوبر بالاستمرار رغم خرق القانون يوجه رسائل للشركات باتباع نفس الأساليب
-
أوبر جهزت موظفين وإجراءات وأنظمة برمجية بهدف خلق كارثة سياسية لأى شخص يشكك فى أسلوب عملها غير الشرعى
- إغلاق الشركة لن يؤدى لخسائر.. بالعكس سيؤدى لتطويرها من أجل احترام القانون
- آلاف الرحلات لأوبر وكريم فى مصر يوميا بدون ضرائب أو تأمينات
- الجميع فى مصر ينتظر آلية تعامل الحكومة ومجلس النواب مع الشركتين وأمثالهما للحصول على حق الدولة
تتيح خدمة "أوبر" و"كريم" وغيرهما من الشركات المماثلة توصيلك إلى أى جهة تريدها سواء كنت ترغب فى الذهاب إلى صفط اللبن والوراق وإمبابة أو إلى التجمع الخامس والرحاب ومدينتى، فى سيارات خاصة مكيفة ومريحة ونظيفة، وبسعر مناسب دون إرهاق نفسك فى التفاوض حول الأسعار.
هذه الشركات، التى أبهرت العالم، هى مجرد تطبيقات، لا تمتلك أى سيارات أو سائقين لكن تقوم بتعريف الراكب بالسائق عبر التطبيق الخاص بها، تثير الآن جدلا عالميا، فهى أفكار مبتكرة، عابرة للحدود، تحقق أرباحا بالمليارات، رغم أنها قائمة على اختراق القانون، ويناضل القائمون عليها طوال الوقت من أجل عدم الالتزام بالقواعد.
فى مصر تخطط الحكومة لتقنين أوضاع استخدام السيارات الخاصة مثل أوبر وكريم، وفى إبريل الماضى وافق مجلس الوزراء فى على مشروع قانون تنظيم خدمات النقل البرى للركاب فى السيارات الخاصة "أوبر وكريم"، وينتظر فى دورة الانعقاد المقبلة لمجلس النواب مناقشة وإصدار القانون، غير أن ذلك فقط لن يحل المشكلة، فيجب أيضا تعديل قانون المرور الذى لا يسمح باستخدام السيارات الملاكى لتحميل الركاب.
اوبر
وحرك سائقو التاكسى الأبيض فى مصر دعاوى قضائية للمطالبة بمنع أوبر وكريم والنماذج المماثلة لهما بأنها شركات تعمل بدون تراخيص أو إطار قانونى، وتتقاضى مقابل دون أن تؤدى حق الدولة، ولكن فى مقابل ذلك لم يحاول سائقو سيارات الأجرة الخاصة تطوير وتحسين الخدمات التى يقدمونها، وحتى حجة "عدم الالتزام بالقانون" التى يتذرعون بها هم أنفسهم يمارسونها يوميا من خلال التلاعب فى "التعريفة"، بالإضافة لمشاكل تتعلق بالنظافة والمعاملة وعدم تقديم خدمة تساوى ما يدفعه الركاب.
آلاف الرحلات يوميا فى مصر بدون ضرائب أو تأمينات.. وغياب المعلومات عن الجميع
وبالبحث عن عدد رحلاتهما فى مصر، لا تجد أى معلومات، كما تخفى الشركتان أى معلومات تتعلق بعدد الرحلات وأرباحهما فى مصر، والإجابات والمعلومات دائما مقتضبة وناقصة رغم أن مصر هو السوق الأكبر للشركتين فى الشرق الأوسط، لذا آلاف الرحلات يوميا ومئات الآلاف يوميا بدون ضرائب أو تأمينات أو تأمين على الركاب والسائقين.
أوبر2
الجميع فى مصر ينتظر آلية تعامل الحكومة المصرية ومجلس النواب مع الشركتين وأمثالهما، هل تنجح الحكومة فى تحصيل حقوق الدولة من شركة تصف نفسها على موقعها الإلكترونى بأنها لا تمتلك أى سيارات أو سائقين لكن تقوم بتعريف الراكب بالسائق عبر التطبيق الخاص بها، وهو نموذج يصفه الكثيرون بأنه غير شرعى قائم على مخالفة القانون لكنه يعتبر هدية من الله فى نظر الكثيرين أيضا.
جدل عالمى حول مخالفة أوبر والشركات المماثلة لها للقوانين
ويثار الآن جدل عالمى حول هذه التطبيقات ومخالفتها القانون، أدى لمئات القضايا المرفوعة ضدها، بالإضافة للفضائح التى اندلعت مؤخرًا وهزت الشركة وترتب عليها رحيل ترافيس كالانيك المؤسس لأوبر، التى تقدر قيمتها السوقية بـ68 مليار دولار.
رحلات أوبر
وفتحت الفضائح التى تشهدها شركة أوبر الباب أمام طرح أسئلة ومنها: هل تنهار أوبر؟، وهل يجب محاسبة أوبر والشركات المماثلة لها؟، وهل تتحول إلى غول قائم على مخالفة القانون لا يستطيع محاسبته أحد؟، أم أن هناك خططا لتقنين أوضاعها؟، وما انعكاسات ذلك علينا؟، وهل سيتم تحويل مثل هذه النماذج لعمل شرعى إلى القضاء على الابتكار فعلا كما يقول القائمون عليها؟.
مكتشف ثغرة الخصوصية بـفيس بوك يكتب: هل حان الوقت لإغلاق أوبر
بنجامين إدلمان، البروفسور المساعد فى كلية هارفارد للأعمال، ومكتشف ثغرة سماح فيس بوك للمعلنين بالإطلاع على أرقام الهواتف المحمولة للمستخدمين وعناوينهم ومعلوماتهم الشخصية، كتب مقالا بعنوان "هل حان الوقت لإغلاق شركة أوبر؟" بمجلة هارفارد بيزنس ريفيو، شرح فيه أنه رغم رحيل المؤسس لأوبر بسبب الفضائح، فإن الحل ليس فى رحيل رئيس الشركة، وإنما فى إغلاق نموذج أوبر القائم على "فساد حتى النخاع"، والتى نجحت فى جعل خرق القانون أمرًا اعتياديًا وروتينيًا، كما أنها تتوصل فى الوقت المناسب للتلاعب بالقوانين من أجل الإبقاء على أسلوب عملها، وتركها يوصل رسالة للشركات الأخرى أن الاستراتيجية الذكية تكون بتجاهل القانون.
أوبر فى أمريكا
وقال إدلمان فى مقاله: "الفضائح المتزايدة للشركة تكشف عن مشكلة حقيقية فى "أوبر"، أكبر من مجرد أنها ثقافة من صنيعة قيادة فاسدة، هى نموذج عمل قائم على خرق القانون، وأوبر هى وليدة لاشرعية مقصودة، ولن يكون سهلاً عليها الامتثال للقواعد فمشكلة أوبر، بهذا الشكل، أكبر من مجرد فضائح تتعلق بالتحرش، أو حول طريقة القيادة.. وبالتالى رحيل مؤسسها ترافيس كالانيك مؤخرًا لن يحل المشكلة"، فالعطل الأخلاقى كما يصفه "إدلمان" هو فى اللاشرعية منذ بدايتها
أوبر تعيش على مخالفة القانون
فى المقال المنشور بالنسختين الإنجليزية والعربية، تابع إدلمان: "خلال فترة إطلاق الشركة عام 2010، لم تكن أوبر تمتلك شيئا لم يكن متوفرًا لسيارات الأجرة العادية، فكانت بالفعل معظم أساطيل السيارات بالولايات المتحدة تستخدم أنظمة توجيه مزودة بنظام لتحديد المواقع، ولم تكن أوبر وحدها التى أدركت أن تصاريح سيارات الأجرة باهظة التكلفة ليست ضرورية للحجز المسبق للرحلات، لكن تميزت أوبر أنها أتاحت للركاب طلب السيارات عبر الهواتف الذكية "وليس الاتصالات الهاتفية"، وتوفير الكثير من تكاليف تجهيز السائقين بنوع واحد من الهواتف، لكن حتى هذه الميزة قلدها فيها الآخرين وفعلوا ذلك.
أوبر أمريكا
ما الذى يميز أوبر إذن؟
لكن الميزة الأكبر لسيارات أوبر عن سائقى الأجرة – كما شرح إدلمان - استخدام سيارات لا تحمل أى رخص خاصة أى استخدام سيارات عادية غير تجارية، وبفضلها تجنبت الشركة وسائقوها "التأمين التجارى والتسجيل التجارى، ولوحات السيارات التجارية، ورخص القيادة الخاصة وإجراءات التدقيق الأمنى فى خلفية السائق والفحوصات الصارمة التى تخضع لها السيارات التجارية وغيرها من المصاريف التى لا نهاية لها.
وهذا التوفير فى المصاريف، أكسب الشركة ميزة تنافسية من ناحية التكلفة على سيارات الأجرة وخدمات النقل التقليدية مكنها من تقديم أسعار أقل للمستهلكين
فساد أوبر حتى النخاع
وأوضح إدلمان، أن أوبر نجحت فى جعل خرق القانون أمرًا اعتياديًا وروتينيًا عبر الاحتفاء بما تقوم به من تقويض لقوانين خدمات سيارات الأجرة، رغم أنه ليس من السهل دفع الناس لارتكاب الجرائم، ورغم اعتقال اثنين من مسئوليها التنفيذيين الأوروبيين بتهمة العمل دون ترخيص، وبما أنّ أوبر بنَت ثقافة تحتفى بخرق القانون، ليس مفاجئاً أن تواجهها الفضيحة بعد الأخرى، فكيف لمدير فى "أوبر" معرفة أى القوانين يراعى وأى القوانين يخرق؟".
شركة ليفت أول من دعت لنقل الركاب فى سيارات خاصة.. وأوبر هاجمتها ثم تبت سياستها
وكانت شركة ليفت أول من دعت السائقين لنقل الركاب بسياراتهم الخاصة، حيث كانت أوبر فى بداياتها توفر خدماتها فقط من خلال سيارات سوداء مرخصة وحاصلة على التصاريح اللازمة، لكن عندما بدأت ليفت تقدم خدمات أرخص باستخدام سيارات عادية، كان على أوبر الرد.
أوبر فى المانيا
واستدل أدلمان، بتصريحات سابقة لـ"كلانيك"، الذى كان ينتقد فى 2013 أسلوب شركة ليفت أول من استخدمت السيارات الخاصة لنقل الركاب، وقال إن ذلك غير قانونى وإنه عدوانى وغير مرخص له، وقال أيضاً فى مؤتمر Fortune Brainstorm Tech فى يونيو 2013: "كل رحلة تقدمها شركة ليفت مع السائقين غير النظاميين هى جنحة جنائية"، مشيرًا إلى افتقارها للتراخيص التجارية والتأمين التجارى.
باعتراف مؤسس أوبر .. كل رحلة من رحلاتها "جنحة جنائية"
لكن بدلا من التزام أوبر بالقانون، قررت تبنى وتوسيع أسلوب عمل "ليفت" الذى وصفه مؤسس الشركة بأنه غير قانون وعدوانى وغير مرخص العمل به، وبالتالى فإنه باعتراف الشركة نفسها فإن كل رحلة من رحلاتها هى جنحة جنائية، لافتقارها للتراخيص التجارية والتأمين التجارى.
باقى الشركات – لكى لا يفوتها القطار- بعدما رأت ما فعلته أوبر، تبنت نفس الاتجاه، وبهذا غير الشركة قطاع المواصلات فى العالم.
كيف تدافع الشركة عن عدم شرعيتها؟.. الإجابة: بخلط الأوراق
واستطرد "إدلمان": "تستخدم الشركة أهم أسلحتها للدفاع عن عدم شرعيتها، إذ أنها جهزت موظفين وإجراءات وأنظمة برمجية تهدف لتحريك ركاب وسائقين للضغط على المنظمين والمشرعين، بهدف خلق كارثة سياسية لأى شخص يشكك فى أسلوب عملها، لديها كتيبة محامى الشركة تحضّر حججا عن ما تم تقديمه فى النزاعات السابقة، كانت كل دائرة قضائية تتعامل مع أوبر بشكل مستقل وتبدأ معها من صفحة بيضاء معتمدة على فريق قضائى متواضع الإمكانات فى معظم الأحيان. فى تلك الأثناء كان المروّجون لأوبر يقدمون الشركة على أنها تجسيد لفكرة الابتكار، ويُظهرون منتقديهم على أنهم دمى فى أيدى سائقى سيارات الأجرة وعالقون فى الماضى".
أوبر فى انجلترا
وبهذه الأساليب استطاعت أوبر خلط الأوراق، وتعرف دائما كيف تُبطئ أو توقف تنفيذ القوانين، فتتوصل فى الوقت المناسب للتلاعب بالقوانين من أجل الإبقاء على أسلوب عملها، وبينما بدأ يُنظر إلى رؤية الشركة على أنها الوضع الطبيعى الجديد، نسى الجميع أن استراتيجيتها فى الأساس غير قانونية.
السماح لأوبر بالاستمرار رغم خرق القانون يوجه رسائل للشركات باتباع نفس الأساليب
يقول إدلمان إذا سمحنا لنموذج مثل أوبر بعمل غير قانونى بالازدهار فى مجال ما، فإنّ الرسالة التى ستصل إلى شركات أُخرى فى نفس المجال وفى مجالات أُخرى هى أنّ الاستراتيجية الذكية تكون بتجاهل القانون وطلب المغفرة بدل طلب الإذن، وتمنى حصول ما هو فى صالحهم".
كيف يتم إصلاح مشكلة أوبر؟
عندما تكون لديك فضيحة رشوة –كما حدث فى سيمنز سابقا- أو فضيحة جنسية، يمكن إحداث تغيير فى الشركة من خلال تغيير القيادة، لكن هل هذا هو الحل لإصلاح "أوبر"؟.. هل إذا تغيرت القيادة -كما فعلت أوبر واستقال مؤسسها ترافيس كالانيك مؤخرا- واستمرت المخالفات القانونية فإنه سيتم الإصلاح؟.
الحقيقة لا، وهو ما يوضحه إدلمان، فى مقاله إذ يقول: لأن أصل المشكلة فى أوبر يكمن فى نموذج عملها فتغيير القيادة لن يحل المشكلة، ما لم يتم استهداف النموذج نفسه ومعاقبته فإنّ خرق القانون سيستمر، وأفضل طريقة لفعل ذلك تكون بمعاقبة أوبر "وغيرها ممن يسلكون طرقاً مماثلة" على ما ارتُكب من تجاوزات، وفرض القانون بالقوة وبلا رحمة أو شفقة.
سيارات أوبر فى أوروبا
كيف يمكن معاقبة أوبر؟
بما أنّ أوبر قدّمت منذ نشأتها مليارات التوصيلات فى آلاف الدوائر القضائية، يمكن بسهولة أن تصل العقوبات والغرامات عليها لمئات الدولارات على كل توصيلة".
أعلنت أوبر فى الأسبوع الأول من يوليو الجارى، أنها أتمت 5 مليارات رحلة بواسطة تطبيقها الإلكتروني المتاح لسكان أكثر من 50 دولة حول العالم، وذلك منذ بداية عملها فى 2010.
وتابع أدلمان قائلا: "بما أنّ معظم الدوائر القضائية لا تعمل بقانون التقادم، لذا فلا شىء يمنع من رفع إدعاءات على الخروقات السابقة، وبالنتيجة، ستتجاوز الأموال المطلوب من الشركة دفعها ما لديها من سيولة وقيمتها الشرائية، وحتى إذا قامت بضع مدن فقط بالملاحقة القضائية وحققت نجاحًا متوسطًا فالأحكام الناتجة قد تتسبب فى إفلاس أوبر وتُظهر لجيل من رواد الأعمال أنّ ابتكاراتهم يجب أن تمتثل للقانون"
اوبر فى اليايان
إغلاق الشركة لن يؤدى لخسائر.. سيطورها من أجل احترام القانون
ويرد إدلمان، على من سيدافعون عن أوبر بقولهم إن إغلاق الشركة سيؤدى لخسارة المستثمرين والسائقين، موضحًا أن هناك دليلاً يرى عكس ذلك، وهو خذ شركة نابست التى كانت شركة شديدة الابتكار، تجلب للمستمعين بسهولة جميع الأغانى، ولكن كان أسلوبها أساسه غير قانونى، وفى النهاية، أُجبرت نابستر على الإغلاق تحت ضغط من الفنانين ومن شركات التسجيل.
لكن بإغلاقها لم تعد الحياة إلى ما قبل وجودها، فقط حصلنا بدلا عنها على آى تيونز وباندورا وسبتويفاي، والتى تعمل فى إطار قانون حقوق الملكية.
وأشار إدلمان، إلى أنه يعود الفضل لأوبر فى التخلص من أوجه قصور مهمة، عن طريق التوظيف الذكى للتقنية الحديثة لتحسين الخدمات، لكن ذلك ليس كافياً، إذ تتطلب المساهمة فى المجتمع العالمى احتراماً للقانون وامتثالاً له.
سيارات أوبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة