يفتتح اليوم فى القاهرة ملتقى القاهرة الدولى الثالث لفن الخط العربى، الذى تقيمه وزارة الثقافة، وينظمه صندوق التنمية الثقافية، ولا خلاف على أن فن الخط يعد من أهم المكونات الأساسية فى الثقافة العربية، غير أن الاحتفال هذا العام يختلف عن الأعوام الماضية، وذلك لأن إدارة الملتقى قررت أن تكرم عددا من الشخصيات المهمة فى علم الخط العربى، وعلى رأسهم الفنان المصرى العالمى أحمد مصطفى، الذى يعد المسلم الوحيد الذى استطاع أن يدخل لوحات تحمل آيات القرآن إلى عمق الفاتيكان، كما أنه المصرى الوحيد الذى تحتفظ ملكة إنجلترا بلوحاته داخل القصر الملكى، والذى حظى بعشرات الجوائز وعشرات التكريمات وعشرات الترجمات لمؤلفاته فى غالبية بقاع العالم، وعشرات اللوحات الموزعة على أشهر متاحف العالم، كما أصبح اسمه علامة بارزة على الموهبة الفذة والبحث الصادق، فكسب بالفن ما لم نكسبه بكل الوسائل، وأضاف صورة جمالية للإنسان المسلم فى العالم الغربى، الذى لا يعرف من الإسلام سوى «داعش» وأخواتها، وقد كتبت عنه فى العام الماضى وقلت إن مصر للأسف لا تعرف عنه شيئا، ولا تستفيد منه برغم حرصه الدائم على أن يكون فاعلا فى بلده، لكن اختلف الأمر الآن بعض الشىء، بحصوله على التكريم الأول فى بلده بعد أن كرمه العالم أجمع.
لسان عربى مبين، ووجه يشع سكينة، وصوت خفيض مهذب يليق بعالم يدرك موضعه فى الكون، ويدرك حكمة الخلق، فيه اجتمعت ألمعية الفنان، وروح الباحث الدؤوب، وعمق الصوفى المتبحر وصرامة الهندسى الحاد، فى لوحاته لغة كونية، لا تنبع من اكتشافه للقوانين الخفية للخط العربى فحسب، وإنما تنبع أيضا من مقدرته الفذة على تجسيد «روح الأكوان» بتدرجاتها وتنوعها وتأرجحها ما بين الظاهر والباطن، هذا ما كتبته فى العام الماضى عنه أيضا، وأنى أنتهز هذه الفرصة الطيبة كى أجدد دعوتى لوزارة الثقافة، بقيادة الكاتب الكبير حلمى النمنم، لتعتنى بهذا الرجل الرائد فى مجاله، بأن ننشئ أكاديمية فنية متخصصة يخرج فيها أحمد مصطفى تلاميذ جددا لهذه المدرسة السامقة، وأن ننشئ متحفا لهذا الرجل الذى يحتفى به العالم فى كل مكان، ونجهله هنا فى مصر «أم الدينا» لنمحو عن مصر وصمة جحودها لأبنائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة