التوكل على الله هو تفويض الأمور إلى الله عزّ وجل والثقة بحسن اختيار الله فيما أمر به، والاعتماد على الله فى جلب المنافع ودفع المضار الدينية والدنيوية من حصول الرزق وحصول النصر وشفاء المرضى وتفريج الكرب وغير ذلك من منافع الدنيا، والاعتماد على الله فى حصول المنافع الأخروية كالإيمان والهداية والعمل الصالح والعلم النافع وغيرها.
والتوكل على الله فريضة قلبية وعبادة لا تنبغى إلا لله خالصة، وهى أفضل العبادات وأعلى مقامات التوحيد ومما يدل على أهمية التوكل فى حياة المسلم أن الله يصرف الشيطان عن المتوكلين، فقد قال الله تعالى فى سورة النحل عن الشيطان (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) النحل 99. ولكى يتم المعنى الحقيقى للتوكل لابد من الأخذ بالأسباب التى تعين على تحقيق المراد .
أثر التوكل فى نشر الطمأنينة فى النفس والشعور بالقوة
التوكل عند المؤمن عمل وأمل مع هدوء قلب وطمأنينة نفس واعتقاد جازم بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ويؤمن أنه أوى إلى ركن رشيد وأنه وضع أمله وثقته حيث يجب أن توضع، فيكون لذلك أثر فى نفسه فيظل ثابتا على إمضاء أمره كالطود لا يتزحزح ولا يهاب أحدا من خلق الله، لأن المتوكّل عليه والذى عليه المعوّل هو رب الخلق وهو مالك نواصيهم .
فالعبد الذى يترك الأمر إلى ربه ويرضى بمشيئة الله لا يفزعه المستقبل وما يخبئه له من مفاجآت ويعوض الخوف بالسكينة والطمأنينة إلى عدل الله ورحمته، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) سورة الطلاق 3، أى يكفيه الله ما أهمه وأحزنه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا يضره شىء، وهذه الآية تفتح باب الأمل والرجاء فى قضاء الحوائج فمن اعتمد على الله ووثق به فإن الله كافيه (إن الله بالغ أمره) أى نافذ أمره .
فالتوكل على الله هو زاد روحى للتغلب على الخوف والقلب وهو الذى يعطى المؤمن بسمة أمل أمام أحلك الساعات.
هنيئا للمتوكلين فالبشارات لهم عظيمة منها:
· رجاء أن يكونوا من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما جاء فى الصحيحين فمن أبرز صفاتهم التوكل .
· ترك الشرك ونزاهته عنه لأنه لم يتلفت لغير الله فيقوى بذلك عنده التوحيد.
· يزداد رضا بما يقدر الله وهو الاستسلام التام لله .
· يزول من قلبه أثر الخوف من المخلوق كالذين قيل لهم :(إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) آل عمران آية 173.
· أنه يزداد معرفة بالله من خلال إيمانه العملى بأسماء الله وصفاته كالقادر والرازق والشافى والعزيز فيزداد قربا منه .
· زيادة الهداية والوقاية من كل شر والكفاية من كل حاجة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قال: يعنى إذا خرج من بيته: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: هديت ووقيت وكفيت فيقول الشيطان لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدى ووقى وكفى) .
وأخير نسأل الله العزيز القدير الذى يعطى من يشاء برحمته وجوده أن يمنحنا صدق التوكل عليه، وأن يجعل رجاءنا فيه وحده ويقطع رجاءنا عمّن سواه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة