الشخصيات جميعها فى "سورة الأفعى" مصابة بـ"خلل ما" أو ينقصها شىء ما.. هل للأمر دلالة معينة؟
انتماء الأبطال إلى الأرض جعلهم كذلك، الأرض المبتورة، المجروحة، البعيدة عن السماء. حلم الفردوس المفقود؛ الحب، السلام، السعادة، هى الأشياء التى تحركنا جميعًا فى حياتنا، وهذا النقص كان بمثابة الدافع لفعل الحركة، محاولة الاكتمال، فى أى طريق، خير أو شر. فى اللحظة الراهنة، نحن مبتورون من سياق التاريخ، الحضارة. ربما أكثر ما ينقصهم هو المدينة؛ قاهرة أخرى لا تسقط مآذنها، إسكندرية أخرى غير مبتورة الأكتاف، أسوان أخرى غير المنسية هناك، أرض يستطيع المرء أن ينتمى إليها، ويشيدها، أرض يمكن الإيمان بها.
فى شخصياتك لا أحد مقدس تماما ولا أحد مدنس للنهاية.. هل هذه طريقتك فى فهم الإنسان أم أن ذلك كى تضفى على الشخصيات بعدا دراميا؟
أبطال سورة الأفعى هم أبناء عالمهم، الأرض التى وضعها الله عليهم، أرض الغرائز والشهوات، فى هذه الأرض يدور الإنسان حول النقائض، لا أحد مقدس تمامًا، ولا أحد مدنس تمامًا، ربما فى مدينة فاضلة قد نجد ذلك، شرًا كاملا، أو خيرًا كاملا، لكن فكرة الكمال بعيدة بعد الفردوس. من يستطيع فهم الإنسان حقًا؟ هل هو الكائن الدموى الذى يقتل الملايين فى حرب لا معنى لها؟ أم هو الأب الذى يحاول النجاة بصغاره بعيدا عن الموت؟ وماذا لو أبدلنا الأدوار؟ ووضعنا هذا مكان ذاك؟ لا أصدر حكمًا علينا بالشر المطلق، نحن لسنا شياطين، لكننا نتاج حروب خضناها منذ بداءة التاريخ، من أجل البقاء، وحروب وثورات معاصرة تركت ندوبا على وجوهنا، حولتنا إلى وحوش، أو إلى صورة من هذا التاريخ.رغم الإشارة إلى ثورة 25 يناير وأزمنة أخرى.. لكنك تضفى على الزمن طابعا أسطوريا.. هل قصدت ذلك؟
اهتممتُ بروح عالمى الروائى، الغرائبية التى تجعل الغربان تتابع الحكاية، حتى أن أحدها يجلس على كتف ملاك الموت بينما يقتلع أسنان الناس أو يأكلهم. الزمان لم يكن منفصلا عن هذه الروح، لكنها لم تكن غرائبية تمامًا، الغرائبية التصقت بالأبطال الذين عاشوا فى هذه الأزمنة، وهذه الأماكن. المرور على الحرب العالمية الثانية، وثورة ٥٢، وثورة ٢٥ يناير، جاءت لأن أبطالى عاشوا فى هذا الوقت، لم أكن معنيا بالتاريخ، بل بتاريخ الأبطال المنسيين، والمهمشين، بالجروح والندوب التى نسيها التاريخ على وجوههم وأرواحهم.
فى الرواية احتفاء واضح بالمشهدية وأسلوبك السردى ساعدك على ذلك.. هل ترى أن هذه الرواية تصلح لعمل درامى؟
أعتقدُ ذلك. سورة الأفعى تصلح أن تكون عملا دراميًا أو سينمائيًا، لكنها من نوعية أثقل من اهتمامات السينما فى الوقت الحالى، التى تبحث عن الأعمال الخفيفة، أما إذا كنا نتحدث عن سينما تهتم بأعمال مثل "عرق البلح" لرضوان الكاشف، أو "العطر" لباتريك زوسكيند، فإن سورة الأفعى تكشف عن عالم خصب، متعدد التأويلات، وأبطال غريبون لطالما شغفت السينما بتقديمهم مثل بطل روايتى القواد الأحدب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة