كرم جبر

سر اختفاء البرادعى

الإثنين، 03 يوليو 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان طبيعيا أن تكشف 30 يونيو الغطاء عن سياسيين مزيفين مثل البرادعى، وتسدل عليهم الستار.. لم يكن أبدا صاحب رسالة ولا قضية، بل باحثا عن المناصب والغنائم والمنافع، ولاعبا رديئا فى سيرك الأحداث، فوقع وانكسر زيفه وبانت حقيقته، فعالج أكاذيبه بمزيد من الأكاذيب، ومارس لعبته المفضله وفر إلى موطنه الأصلى فى فينا، حيث الحياة الناعمة والأجواء الهادئة.
 
لم يكن ممكنا أن تكون نهاية البرادعى أفضل من نهاية جندى يفر من الميدان وقت القتال، لم يأت من أجل الحرية والديمقراطية، وإنما ممارسا لأسوأ أنواع الانتهازية السياسية لركوب حكم مصر، وكلما كان يظهر كانت تخيم فى سماء الأحداث سحابة سوداء.. لم تحمل كلماته وتصريحاته إلا الشر، وكأن بينه وبين بلده «تار بايت» أو ثأرا قديما، ربما لأنه تخيل أنه الوريث الشرعى للحكم، بعد أن أرسلته أمريكا ليكون رئيسا بأوراق اعتماده صادرة من البيت الأبيض، وكبرت الأطماع فى رأسه، عندما تصور أنه معبود الشباب والمعبر عن آمالهم وطموحهم، رغم أن «شباب الثورة» كانوا يعتبرونه مزحة مسلية، واعترف أحدهم فى تسريباته قائلا: «حنجيب البوب رئيسا لمصر وربنا يسامحنا».
 
البرادعى ترك مصر بمحض إرادته بعد أن تأكد أن بينه وبين كرسى الحكم سد منيع، سافر ممرورا وظل ينشر أحقادا مسمومة من موطنه الأصلى فى أوروبا، ومنها على سبيل المثال ما صرح به فى مؤتمر «حالة الاتحاد الأوروبى» فى فلورنسا إيطاليا بعد رحيله قائلا: «ما يحدث فى مصر مخالف تماما لما وافقت عليه كخارطة طريق، ما وافقت عليه: 1. إجراء انتخابات رئاسية مبكرة 2. خروج كريم للسيد محمد مرسى 3. نظام سياسى يشمل الجميع بما فيهم الإخوان المسلمون وغيرهم من الإسلاميين.
سر الاختفاء السريع للبرادعى هو البرادعى نفسه، فهو يرسم لنفسه عالما افتراضيا ويعيش فيه مع نفسه، ولم تحدث له حتى الآن نوبة صحيان، متخيلا أن الثورة الثالثة قادمة، وأن الجماهير ستذهب من جديد لاستقباله فى المطار، كما حدث فى فبراير 2010، تحمله فوق الأعناق وتهتف باسمه، وهذا «الخيال المريض» وارد لشخص مثله، لم يقدم لوطنه أى شىء وأراد أن يحصل على كل شىء، دون أن يدرك أن أنصاره قد انفضوا من حوله، وأن الرأى العام لا يحمل له ولأنصاره إلا الكراهية والاستهجان.
 
خطيئة البرادعى التى ستظل بقعة سوداء فى سجله الأسود، هى بيان الاعتذار لجماعة الإخوان الإرهابية الذى أصدره منذ ستة أشهر، فى وقت كانت فيه تفجيراتهم تحصد أرواح الأبرياء، ومحاولة تبرئة ذمته وأنه كان الحكيم المفوه والناصح الأمين، باللجوء إلى السلمية فى فض اعتصام رابعة والنهضة، ورغم أنه كان فى قلب الأحداث وعالما بالتفاصيل، وأن استمرار الاعتصام يقود إلى ضياع الدولة، وسقوط ضحايا وإراقة دماء، إلا أنه يلجأ لنفس أساليب الخداع الزائف، ليس له قضية إلا البرادعى وليس له وطن إلا البرادعى.
 
يا خيبة من يحلم بالزعامة دون أن يمتلك مقوماتها، فيزداد ارتباكه وسوء تقديره واندفاعه، وتترسخ فى أعماقه عقد اليأس والإحباط، فيقدم على مغامرات طائشة، تدفعه بسرعة إلى مرحلة الانتحار السياسى، وكانت عودة البراعى انتحار سياسى، لأن الأوطان فى أوقات الأزمات، تحتاج من يدعمها لا من يقوضها، ومن يدافع عنها لا من يهدمها، ومن ينكر ذاته لا من يشهر أطماعه، والبرادعى الذى لم تكن له أياد بيضاء على بلده، فى أى وقت وفى أى مرحلة، واراد أن يقطف ثمارا لم يزرعها، هكذا هى شخصيته المرتبكة، ورسائله الغارقة فى الانتهازية السياسية.. لم يكن سندا ولا عونا، عاد لمصر عودة مشبوهة، ورحل عنها وقت الشدة، ويظهر من حين لآخر محاربا فوق أحصنته الخشبية.
 
لم يمتلك مقومات الزعامة، وبعد مجيئه المشئوم لمصر، اكتشف أنصاره قبل معارضيه، تردده وضعف شخصيته وانقياده وراء الآخرين، وأن زعامته من ورق وخطابه السياسى فارغ وتافه، علاوة على التلعثم ورداءة مخرجات الألفاظ، وأن ومواقفه مجرد أكاذيب. سقط القناع وظهر الوجه الحقيقى.. لن يخرج من كهف الاختفاء، وإن حاول فسوف تطارده اللعنات.
 
أصالة وغادة وكهربا.. الغلطة بعشرة!
قد يكون الثلاثة أبرياء فى وقائع الكوكايين والفيديو وشذى الحضرى، ولكن على المشاهير أن يدركوا أنه لا حصانة لحياتهم الخاصة، وأن ضريبة الشهرة هى السير على الصراط المستقيم.. الغلطة بعشرة والسهام منصوبة والاتهامات جاهزة.
 
منصات اطلاق الاتهامات ليست تحت السيطرة، ولا يمكن للبرئ أن يرد اعتبار بالقانون والمحاكم، وإلا اضطر أن يقاضى شعب فيس بوك بأكمله، وما أدراك ما شعب فيس بوك، أعدادهم غقيرة وبالملايين، تعبيراتهم منفلتة وأحيانا قذرة وفضائحية، متنمرون ومتحفزون وعدوانيون، يسهرون الليل وينامون النهار، ويختفون خلف أسماء وهمية وحسابات مزيفة، ويندفعون كالقطيع دون عقلانية أو تفكير.
 
لماذا يتحفز الرأى العام ضد المشاهير خصوصا الفنانين؟
لأن وسائل الإعلام تتسابق فى نشر اجورهم، فتخلق حالة من الحقد والحسد، فى نفوس من يبحلقون فى تلك الملايين الطائرة، بنظرات تتمنى زوال النعمة، والناس جُبلوا فى السنوات الأخيرة على الكراهية وسوء الخلق، ويبتدعون أساليبا للتنفيس أقوى من كل أسلحة الاغتيال المعنوى، مُحلاة بالشماتة والتشفى والشتائم والبذاءات.
عادى جدا أن يترك شخصا خطيبته، أو يثبت خطأ ضبط متهم بمخدر، أو يُبث فيديو تافه للقطات مسيئة، ولكن لأنها لأصالة وكهربا وغادة عبدالرازق، انعقدت المحاكم ونُصبت المشانق، وعلى كل مشهور هذه الأيام أن ينفخ فى الزبادى، ويبتعد عن الشبهات.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة