السؤال الذى يطرحه هذا المقال، ربما لا يكون محل اتفاق بين البعض، سواء كانوا صحفيين أو قراء أو أساتذة إعلام أو رجال دولة، فهؤلاء لأسباب كثيرة يرون أن الصحافة الورقية ستبقى، وأن هناك إمكانية لتطويرها من خلال طرح صيغ وأشكال جديدة من الصحف الورقية، وتقديم مضامين غير تقليدية قادرة على جذب اهتمام الجمهور.
ويرى أنصار بقاء الصحافة الورقية أن بعض الدول تشهد رواجًا للصحافة الورقية، ويقدمون عن حق أرقاماً ومؤشرات إحصائية لزيادة المطبوع فى دول كالهند والصين واليابان، لكن الحقيقة أن هذه الدول تبدو كحالات استثنائية، لأن المطبوع فى بقية دول العالم يتراجع، وتختفى صحف كثيرة، والأهم أن أغلب الصحف الورقية فى العالم تعانى من مشكلات مالية، نتيجة ضغوط المنصات الإلكترونية، وكسبها كل يوم لمزيد من القراء، مما يقلص دخل الصحف الورقية من الإعلانات، التى تهرب إلى السوشيال ميديا والإعلام الرقمى.
لذلك، فإن حال الصحافة الورقية كالرجل المريض الذى ينتظر الموت، لكن أسرته وأصدقاءه لأسباب عاطفية يتمنون له الشفاء والعودة للحياة، ولا شك أن المشاعر والعواطف أمور بالغة الأهمية فى تقرير مصير الإنسان والأشياء التى ارتبط بها، من هنا فإن الروابط العاطفية بين كبار السن «الأجيال فوق الخمسين سنة» والصحافة الورقية، تجبرهم على الدفاع عن الصحافة الورقية بالحق أو بالباطل، وتجعلهم يتحدثون عن أمور غير منطقية، تمامًا كما يرى كل محب أن حبيبته هى أجمل وأرق بنات الأرض.
يقولون مثلاً: إن الصحافة الورقية لن تموت لأن كل وسيلة إعلام جديدة لم تقض على الوسائل الأقدم، فظهور الراديو لم يقتل الصحافة، كما أن ظهور التليفزيون لم يقض على الصحافة الورقية أو الراديو، وكل هذا صحيح، لكن الانتقال إلى الإعلام المرقمن يخلق عوالم جديدة وفرصاً غير مسبوقة. إنه يعنى احتواء كل ما قبله، ودمج الصحافة الورقية مع الراديو مع التليفزيون فى منصة واحدة، يستطيع المواطن أن يصل إليها، ويستفيد من خدماتها فى المنزل ومكان العمل وعلى الشاطئ وفى المواصلات العامة.
قناعتى أن موت الصحافة الورقية مسألة وقت، ولذلك لا بد من الاستعداد لمرحلة ما بعد المطبوع، وقناعتى أيضا أننا فى مصر تأخرنا كثيرًا، لأن كثيرًا من الصحفيين والقراء ورجال الدولة لم يستوعبوا فكرة رحيل المطبوع، وحاولوا علاج ظاهرة تموت، والمؤكد أن موت الصحافة المطبوعة لا يعنى نهاية مهنة الصحافة، لأن الأخيرة بمعنى جمع ونشر الأخبار والآراء والصور والرسوم باقية ومستمرة، لأنها تسد احتياجات إنسانية وضرورات مجتمعية، وكل ما سيتغير هو أن وسائل ممارسة الصحافة ستختلف، ستظل هناك كل أنواع وأشكال الصحافة عدا المطبوعة، أو بعبارة أخرى ستكون هناك صحافة، ولكنها لن تطبع على ورق أو توزع بشكل مادى، وسيدخل الكتاب المطبوع المرحلة نفسها، أى سيختفى لصالح الإلكترونى.
فى إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد موت الصحافة الورقية، لا بد أن تقوم كل الصحف الخاصة والحزبية والحكومية «القومية» بمراجعة ونقد ما تقوم به وتقدمه من خدمات للجمهور، وعليها أن تحاول الإجابة على أسئلة كبيرة مثل: لماذا نخسر القراء وبالتالى نخسر الإعلان؟ وكيف يمكن وقف نزيف الخسائر والعودة إلى الربح أو حتى نقطة التوازن بين الكسب والخسارة؟ أعتقد أن الإجابة الوحيدة المتاحة التى تفرضها تكنولوجيا الاتصال واحتياجات وعادات أغلبية القراء حاليًا «المجتمع المصرى أغلبيته أقل من 40 سنة» هى التحول إلى منصات إخبارية إلكترونية، وإطلاق منصات جديدة ومبتكرة، لكن التحدى هو كيف يمكن تحقيق هذا التحول بتكلفة مالية معقولة، وكيف يمكن ابتكار أشكال ومضامين إخبارية جديدة ومشوقة تصل للجمهور عبر الهاتف الجوال؟
إن التحول المطلوب ليس هو إطلاق منصات إلكترونية قديمة وباردة، تخلو من التفاعل والقدرة على ملاحقة الأحداث، على النحو الذى قامت به منذ سنوات أغلب الصحف والمجلات المصرية، عندما أتاحت نسخها الورقية المطبوعة على الويب من دون أى تغيير، لكن المطلوب هو الحفاظ على حرية المنصات الإلكترونية بأنواعها، وإطلاق منصات جديدة، تفاعلية ومبتكرة، وموثوق بمصداقيتها، بحيث تكون قادرة على منافسة المنصات الإلكترونية العربية والدولية، ومن ثم يمكنها جذب إعلانات ووقف نزيف الخسائر.
ولا شك أن هذا التحول يتطلب عملية إعادة تأهيل وتدريب واسعة لكل الصحفيين ورؤساء التحرير وكتاب الرأى، بحيث يتعلموا مهارات الانتقال إلى الرقمنة الإعلامية، وكيفية العمل والإبداع عبر المنصات الإلكترونية، وكيف يتفاعلون مع الجمهور؟
والحقيقة أن إعادة تعليم وتدريب الصحفيين مهمة شاقة وصعبة للغاية، لكن لا بديل عنها لإنقاذ المؤسسات الصحفية الورقية والصحفيين أنفسهم، لقد تأخرنا فى مصر عن هذه التحولات، لكن الفرصة ما زالت موجودة، خاصة أن هناك بعض التجارب الرائدة فى مجال الصحافة الإلكترونية، مثل «اليوم السابع» و«مصراوى» وغيرهما، ممن سبقوا الجميع واستقلوا قطار الإعلام الجديد المنطلق بأقصى سرعة، وعلى الجميع أن يتعلموا من هذه التجارب، وأتصور أن ظهور منصات إلكترونية إخبارية جديدة، أو تحول بعض المنصات الورقية التقليدية إلى إلكترونية سيصب فى مصلحة صناعة الصحافة والجمهور، لأن المنصات الإلكترونية الناجحة كـ«اليوم السابع» تحتاج إلى من ينافسها حتى تحافظ على نجاحها فى مواكبة التطورات فى تكنولوجيا الصحافة والإعلام المرقمن.
عدد الردود 0
بواسطة:
نشات رشدي منصور / استراليا
يا استاذ. ::: محمد. شومان. ::: الصحافة الورقية لن. تمت.
منذ. قرابة. الأربعين. عاما. أثيرت. ذات. القضية. وكتبت. حينها. مقالا. يحمل. ذات العنوان في. جريدة. التلغراف. المهجرية. واسعة. الانتشار. بين. الجاليات. العربية. وأوضحت. ان موت اي. صحيفة. يرتبط. بالإعلانات. وهي. المورد. الاساسي. الذي. يتوقف. عليه. امتداد. عمر. اي مطبوعة. كما. ان. احتمال. قلة المبيعات. امر. وارد. ولكن. في. ضوء. التطور. الذي. يمس كافة الاتجاهات. ومنها. صناعة الصحافة. والبحث. عن. افضل. الطرق. لوصول. الصحيفة. للقارئ. بأقل التكاليف. هو مربط. الفرس. .. لجريدة. المستقبل. التي. سوف. تخرج. عددا من النسخ محدودة يستطيع. القارئ ان. يحصل. علي. نسخة. منها. من. الإكشاك في. الحال. نظير. العملة. كما. في حالة. الحصول. علي. اي. مشروب. مثلج. .. في. تلك. الحال. تصل. تكاليف. الطباعة. للحد الادني. كذلك. عدم. وجود. وسطاء. بين. الجريدة. ولا سيارات. نقل. او. بائعين. من الباب. للباب .. ماهو راي. سيادتك. .. علي. فكرة انني. دخلت. عالم. الصحافة. في. عمر. التاسعة ونشرت. في. كبريات الصحف. مئات المقالات. واعتقد. انني. اقدم. كاتب. عربي. في الشرق. الاوسط الا اذا كان. هناك. من. اقدم. مني. "" 64. عاما. ويزيد. ولك. تحياتي. متمنيا. من سيادتكم. الراي ..