إيمان رفعت المحجوب

بل هم يخلطون التاريخ بالدين !

الخميس، 27 يوليو 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عاتبنى قرائى باليوم السابع فى تعليقاتهم على مقال لى منذ أيام " فليخبر الأزهر تلاميذه "، بزعمهم أن طلبى إلى الأزهر ان يخبر تلاميذه عن كفاح جيشنا العظيم و حربه ضد الإرهاب المتوشح بوشاح الدين خلط للدين بالسياسة وأن هذا مرفوض ! و كأن القصة لا أصل لها ! أو كأن كل ما يحدث هو من بنات افكارى وأن هؤلاء الإرهابيين لا يستترون خلف عباءة دينية و لا أنهم يرفعون شعار الإسلام هو الحل أو يحملون رايات سود، وقد كتبوا عليها لا اله إلا الله محمدٌ رسول الله أو كأنهم لا يعتبرون انفسهم يجاهدون فى سبيل الله ضد جيشنا " جيش الكفار " الذى حق قتاله ويصدقهم فى ذلك ضعاف العقول !!

 والأهم و الذى جعلنى اناشد الأزهر أن يعلنها صراحةً و يكشف ستر هؤلاء و يدعم جنودنا وجيشنا صراحة ً فلا يترك لهؤلاء الضالين المضلين فرصة العبث بالعقول والتغرير بالبسطاء بعض ما قال الشيخ الطيب فى حديث له سابق على التلفاز بتاريخ ١٨ أو ١٩/ ٧ /٢٠١٣ ضمن سلسلة احاديث له فى رمضان من ذاك العام على ما اذكر و الذى عَلَقَ بذاكرتى مما دفعنى للتقدم بهذا الطلب فى مقالى، عقب أحداث سيناء مخافة ان يكون يُستغل هذا التأويل و يساء تفعيله ، فرأيت ان من واجب الأزهر الحسم بوضوح فيما يخص كفاح جيشنا ضد هؤلاء المتأسلمين المضَلَّلين كى لا يحسبوا انفسهم و يحسبهم الناس على ذات المحمل .

 

مضمون حديث الشيخ الطيب ان الله سيحاسب الناس يوم القيامة على نواياهم ، فما نووا الخير ؛ وإن لم يوافقه الفعل ؛ فخير وهم مأجورون ، و إن وافقه ، و صلح الفعل ، فلهم فى ذلك اجران اجر النية و اجر ما ترتب عليها من صلاح العمل ، والى هنا كان الكلام واضحاً مفهوماً ، حتى تطرق الحديث بسؤال المذيع الى قتال معاوية لعلى رضى الله عنه فقال الشيخ الطيب ما معناه ان لعلى و صحبه أجرين ، اجر النية الحسنة والعمل الحسن و لمعاوية و صحبه أجراً ، اجرَ النية الحسنة فى القتال ؛ على حد تعبيره ؛ وإن لم يصلح عملهم لأنهم اجتهدوا الى الخير وان لم يبلغوه و ان ضلت حساباتهم .

 ما قد يبلغ من هذا الحديث كأنما يؤجر القاتل ويثاب كالمقتول وان معاوية برىء من دم المسلمين ودم على كرم الله وجهه و كذا دم عمار و الله اعلم، وهما ممن قال فيهم رسول الله (ص) اشتاقت الجنة الى ثلاث على و عمار وسلمان و فى رواية ان النبى (ص) قال لعمار "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية "، بيد ان معاوية رد هذا بقوله "انما قتله من جاء به" ! وفى الروايات انه حين حول معاوية الخلافة الى ملك عضوض وأخذ البيعة لابنه يزيد بعد موت الحسن وإذن معاوية ليزيد بن المقفع ؛ إذ كان قد وعده بالخلافة من بعد ابنه يزيد ؛ فوقف ابن المقفع قائلا : " امير المؤمنين هذا مشيرا الى معاوية فإن هلك فهذا مشيرا الى يزيد و من ابى فهذا مشيرا الى سيفه " ! كانت حجة معاوية فى ذلك ما قاله "انى خفت ان ازر الرعية من بعدى كالغنم المطيرة ليس لها راع " ! أى ان معاوية فى كل ما فعل كان له وجهة نظر وتبرير.

 وقطعا لكل عمل تبرير ومبرر حسن عند صاحبه ولكل قاتل تبرير ومبرر حسن أمام نفسه وامام ضميره وأمام الناس ! وبذلك أصبح الكل حسن النية وأصبح الكل حسن ولذلك قالوا ان الطريق الى جهنم مفروشٌ بالنوايا الحسنة ! هذا دون ان نسأل كيف يَقْنَع بعض الشيوخ و يقنعون بعضاً من الناس ان طائفتين من المؤمنين تقتتلا و يقتلا بعضيهما بعضاً و يكون كلاهما على حق و انْ نوايا كليهما صَلُحَت ! شئٌ بديهى جداً ان لا ! وهل ضيع دماء المسلمين فيما بينهم غير النوايا الصالحة الحسنة ! وهل ضيع المسلمين و اخشى ان اقول الإسلام و سمعته فى الدنيا غير هذه الفتاوى و النتيجة دماء تهرق و تسيل من مسلمين أو غير مسلمين او أى بشر وأنَّ هذا دين!

انما سالت هذه الدماء و من قبلها دم عثمان ، و دماءٌ كثيرة سالت بعد ذلك و ستسيل دماء اكثر ما بقينا و بقيت الدنيا لأسباب السياسة و الدنيا لا علاقة لها بدين ، و هل نحكم نحن على النوايا و هل نتكهن بحساب رب العالمين ! فى هذا اسباغ للدين على امور السياسة و الدنيا ، وخطير ان نصبغ تاريخ المسلمين ؛ من اصاب منهم ومن اخطأ ؛ بصبغة دينية وان نخلط التاريخ السياسى بتاريخ الدين و بالدين ونظل نسير فى هذه الطريق نجددها كلما هرمت وما تهرم ! نمشيها من بدايتها فى كل عصرٍ وكل جيل ما دمنا نعتبر التاريخ و السياسة كجزء لا يتجزأ من مناهج الدين التى ندرسها و من ثم علينا تبرئة التاريخ و تبريره انتصاراً للدين فنزيد العقول تشويشاً و اضطراباً القاتل و المقتول مصيبون مثابون و كلاهما فى الجنة ! ونظل هكذا فيما نعيشه من ارهاب الى ابد الآبدين ! اذ منحنا الفرصة لكل الافاقين الكذبة ان يتوشحوا بوشاح الدين و يمارسوا الاعيب السياسة و الحكم زاعمين انهم بالسلف هم مقتدون وبحسن النوايا هم مزدانون فاستباحوا القتل و الإرهاب بإسم الدين و بإسم رموز الدين ليفسدوا الدين و السياسة والدنيا كلها معاً و لذلك وجب التنوية و وجب النداء استدعاءً لدور الأزهر على اساس انه الصرح المنوط به تعليم تعاليم الدين و الذى من واجبه تجريدها وتنقيتها و الفصل بين ما هو دين و ما هو سياسة و تاريخ مارسه المسلمون من بعد نبيهم و توضيح الفرق ، فعلمى ان الدين الذى اتى به نبى الإسلام تم يوم ان قال النبى (ص) "اليوم اتممت لكم دينكم" وان كل ما بعد ذلك اعمال بشر و كلام بشر اصابوا وأخطأوا و حسابهم على الله لم يكن احدهم عن الله وكيلاً ممن يدعون و ندعى وان الوحى قد انقطع بوفاة النبى وأن لا قرآن نزل من بعده وان لا قدسية بعدهما لبشرٍ او فعلٍ او قول و من واجب الازهر ايضاح ذلك لكل من يثقوا به ...

· استاذ بطب قصر العيني.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة