يحاول عدد من الإنجليز منع عرض مسرحية وليم شكسبير ريتشارد الثالث وذلك بعد قرار عرضها بجوار قبر الملك، ويرى البعض أن الملك تم تشويه صورته على يد شكسبير نظرا لرؤية سياسية كانت سائدة فى وقته.
وهنا يجب الإشارة إلى أن هذه المسرحية تمت كتابتها سنة 1591 وفيها تناول شكسبير صعود الملك ريتشارد إلى السلطة وفترة حُكمه القصيرة اللاحقة.
وريتشارد الثالث (1452-1485) هو ابن الملك ريتشارد يورك والشقيق الأصغر للملك إدوارد الرابع، انتزع التاج من ابن أخيه إدوارد الخامس وسجنه مع شقيقه ريتشارد فى برج لندن، حيث قتلا هناك، وكانت حرب الوردتين لا زالت مستمرة فى عهده، وهو آخر حكام بيت يورك، هزمه هنرى تيدور، ليتوج ملكًا تحت اسم الملك هنرى السابع.
وقد حكم ريتشارد الثالث إنجلترا من عام 1483 إلى 1485، ودام حكمه سنتين فقط، وذلك حين قتل فى معركة حقل بوسورث، والتى دارت أحداثها فى 22 أغسطس 1485 بين عائلة يورك التى ينتمى لها وبين أسرة لانكاستر الإنجليزيتين، وهى إحدى الحروب العديدة التى دارت بين العائلتين واستمرت مدة ثلاثين عاما وسميت بحرب الوردتين نسبة إلى شعار لانكستر الوردة الحمراء وشعار يورك الوردة البيضاء، وكان النصر من حليف أسرة لانكاستر وفيها قتل الملك ريتشارد الثالث آخر ملوك عائلة يورك والأخير من سلالة بلانتاجانت العريقة التى ترجع جذورها إلى عام 1145.
وفيما يتعلق بمذبحة البرج الشهيرة فهى تقص على "أنه بعد وفاة أخيه الأكبر إدوارد الرابع ملك إنجلترا عام 1483، تم توريث الملكية إلى ابن أخيه إدوارد الخامس البالغ من العمر 12 عاما، ثم قام ريتشارد بحجز إدوارد الخامس مع أخيه الأصغر سنا فى برج لندن الواقع على ضفاف نهر التايمز تمهيدا لتتويجه ملكا على إنجلترا، لكن ما حدث هو أنه فى اليوم الذى يسبق تتويج إدوارد الخامس ملكا على إنجلترا قام عمه ريتشارد بمكيدة تظهر فيها تطلعه للاستيلاء على السلطة، حيث أعلن فيها بطلان زواج أم الولدين الملكة إليزابيث وودفيل وأن أبناءها التسعة جميعهم غير شرعيين (اثنان من زوجها السابق وسبعة من الملك إدوارد الرابع).
واستطاع ريتشارد بدهائه الحصول على موافقة مجلس اللوردات ومجلس العموم بعدم أحقية الأبناء بالحكم وأصدر بذلك حكما بإعدام الأخوين الأمير إدوارد الخامس وأخيه الأمير ريتشارد عام 1483، ثم أعلن نفسه ملكا على إنجلترا فى 6 يوليو 1483.
وبعد موته فى المعركة الأخيرة اختفت جثة ريتشارد الثالث ولم يعرف أحد مكان دفنها.
وفى سنة 2014 وبعد أبحاث متواصلة استمرت عامين، نجح الخبراء والباحثون البريطانيون فى الكشف عن ظروف وملابسات مقتل الملك ريتشارد الثالث أحد أشهر ملوك بريطانيا وذلك بعد 529 عاما على وفاته.
ورجح العلماء أن يكون الملك الذى كان يبلغ 32 عاما قد حوصر من قبل جنود أعداء ظلوا يضربونه على رأسه حتى الموت وذلك بعد أن فقد خوذته الواقية.
وتم استخدام ماسحات ضوئية طبية لتصوير بقايا جسده والتى كشفت عن إصابة الملك بـ 11 إصابة فى المعركة التى دارت فى "بوسورث فيلد" عام 1485 تسعة منها فى الجمجمة واثنان فى فخذية بينما لم يكن به أى جروح على يديه أو ذراعيه أو صدره وهو ما يؤكد أنه توفى بينما كان لا يزال يرتدى درعًا واقيًا.
وأظهرت الصور الطبية بأن الملك توفى بعد أن تعرض لضربتين شديدتين على مؤخرة رأسه، واحدة من سيف، والأخرى من سلاح يشبه فأسًا كان يستخدم فى القرون الوسطى.
ويعتبر هذا الدليل الطبى على ظروف مقتل ريتشارد الأكثر تفصيلًا منذ أن اكتُشفت بقايا جثته تحت موقف سيارات فى " ليستر" عام 2012.
وتشير الدلائل إلى أن الملك كان يعانى من انحناء فى عموده الفقرى إلا أن الماسحات الضوئية أكدت أنه لم يكن أحدبا مثلما روج البعض، لكن ذلك لم يؤثر على بسالته فى المعركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة