الجبناء يهربون من الخطر والخطر يفر من الشجعان، ووراء كل شهيد قصة بطولة رائعة، دفاعا عن تراب الوطن، لم يكونوا صيدا سهلا ولم يستسلموا، وقاتلوا حتى النفس الأخير، وألحقوا خسائر فادحة فى صفوف عدوهم الخسيس.. حاول أن يثير فى قلوبهم الخوف، فارتد الذعر إلى قلوب الإرهابيين، وهم يفرون كالفئران الجربة، هربا من مقاتلى مصر الشرفاء، أبناء المصريين الطيبين.
الإعلام لا يحتفى إلا بالجنازات، ولا يسلط الضوء على البطولات، ولا يسلط الضوء على قصص تستحق أن تُخلد فى وجدان التاريخ، ولا يعرف شبابنا التائه فى ظلمات السوشيال ميديا - مثلا - شيئا عن ابن جيلهم أحمد عبد التواب، ولو عرفوا لجعلوه قدوتهم ومثلهم الأعلى، ويحفز فيهم روح العزة والكرامة والكبرياء.. افتداهم بروحه ليعيشوا فى أمان وسلام.
أحمد عبد التواب مقاتل مصرى شاب ذهب لتأدية الواجب فى سيناء، وواجه بسلاحه سيارة إرهابية مصفحة تصفيحا كاملا، كان مقررا أن تنفجر فى كمين حراسته فى منطقة كفر الرفاعى، لم يستغرق الأمر لحظة واحدة حتى ترجل المقاتلان حسام جمال الدين وأحمد عبد التواب، وجريا نحو السيارة بأقصى سرعة للتعامل معها وإيقافها بأى طريقة.
الجندى أحمد عبد التواب قفز فوق مقدمة السيارة المصفحة، يحاول أن يدخل ماسورة سلاحه الميرى فى المزغل أو الفتحة التى يرى منها السائق الانتحارى الطريق ويبدأ فى إطلاق النيران عليه.. الجندى يعلم أنه على موعد مؤكد مع الاستشهاد، لكنه فعلها وظل يطلق النار على الإرهابى الخائن وضحى من أجل زملائه، وانفجرت السيارة المصفحة، وتناثرث دماؤه الطاهرة، تروى تراب الوطن بالعزة والكرامة والكبرياء.
لا يعرف الشباب الغاضب شيئا عن أبناء جيلهم العظماء مثل أحمد عبد التواب، وأخذتهم السوشيال ميديا نحو كل ما يعكر صفو الانتماء، ولو عرفوا قصة هذا البطل وزملائه الشجعان لعلقوا صورهم على صدورهم.. ولا يعرفون أن الجندى حسام جمال الدين لم يخشَ مصفحة أخرى للموت، مكسوة بأعلام داعش السوداء، فاتجه إلى جانب السيارة وراح يطلق النار عليها، يريدها أن تنفجر على أبعد مسافة عن الكمين، لضمان حياة زملائه حتى ولو كانت حياته هو ثمنا لذلك.. نجحا وتمكنا من تفجير السيارة المفخخة على بعد ٧٥ مترا عن الكمين.. ودفعا حياتهما ليعيش ٢١ مقاتلا كانوا هم أيضا على موعد نادر من البطولة والإقدام.
لا يعرف أبناء الجيل الغاضب شيئا عن أن العقيدة العسكرية المصرية، لها ثوابت راسخة فى التاريخ، أبرزها أن القائد أول من يتقدم وآخر من يقول آه، وعندما حاصرت السيارات المصفحة الكمين من الشرق والغرب، وصعد الإرهابيون إلى أسطح البيوت المجاورة وصوبوا أسلحتهم المختلفة تجاه الكمين ومقاتليه، وعددهم٢٠ مقاتلا بعد استشهاد ثلاثة جنود، فقام الملازم أول أدهم الشوباشى بتوزيع دفاعاته فى خط دائرى، وبدأ فى حصد أرواح الإرهابيين الذين يتحركون جماعات لا فرادى، مما سهل عليه تصفيتهم، إلا أن الموجات الإرهابية استمرت وتتابعت وسقط الجندى الرابع ضمن مجموعة الدفاع أسفل المبنى بعد نفاذ ذخيرته وحصوله على ٦ خزن إضافية، استشهد وهو رابض على دشمته ومتمسك ببندقيته.
والشهيد الخامس كان يعانى من إصابة فى ذراعه اليمنى أصلا، ورغم ذلك طلب من القائد أن يعطيه السلاح، مؤكدا أنه يعرف جيدا كيف يتعامل معه بيد واحدة، وأخذ البندقية وانخرط فى المعركة، حتى فاضت روحه الطاهرة إثر طلقة استقرت فى رأسه.. هدف الإرهابيين ليس تصفية مقاتلى الكمين فحسب، بل احتلال الكمين وتفخيخ الطريق بالكامل، مع وجود مجموعات تصوير للتغطية الإعلامية لمعركة إعلان قيام ولاية سيناء.. لكن هيهات لهم ذلك.
وتحولت الأرض إلى بركان يطلق نار الغضب على الإرهابيين الجبناء، ففروا كالجرزان الجربة، يبحثون عن شقوق يختبئون فيها، وذهب الشهداء إلى جنات الخلد، فرحين بشهادتهم ودفاعهم عن وطنهم.
فى فرنسا مات ضابط إطفاء فرنسى، بعد صعوده لبناية عاليه، وتمكن من إنقاذ بعض الأطفال، نشروا قصة بطولته وطبعوا صورته على التيشيرتات، والأقلام، والكرسات، البالونات، ووزعوها مجانا على أطفال المدارس، فأصبحت قصة بطولته نموذجا يحتذى، ومثلا وقدوة لأجيال المستقبل، التى تتلمس طريقها نحو حب بلدها، وغرس روح الولاء والانتماء.
لدينا فى مصر قصص رائعة لبطولات الشهداء، لكنها قيد النسيان.. الطفل الذى فقد أباه فى معركة الشرف، من حقه أن يزهو وسط زملائه بلقب ابن بطل وليس فقط ابن شهيد، ويجفف دموع الأحزان بالسيرة العطرة لوالده، وأن تقول أم كل شهيد ابنى ترك لنا الفخر والعزة والكبرياء.
من واجبنا أن يتسلح أبناء الجيل الغاضب من الشباب، بالوعى الوطنى الصادق، أملا فى تحفيز الحماس الملتهب فى وجهته الصحيحة، فيعرف أن كل شهيد يسقط فى ميدان العزة، ينزع من أيدى الإرهاب الغادر، مدفع رشاش يستهدفه ويضرب أمنه واستقراره، أملا فى العودة إلى سنوات الخراب والفوضى والضياع.. لكن هيهات فشبابك يا مصر هم الدرع الواقى للمستقبل من غزوات الشيطان.
لم تفعّل مصر حتى الأسلحة اللازمة لمقاومة الإرهاب، وأهمها أن يكون الشعب خط مواجهة فاعلا فى الأحداث، فلا يكتفى الناس بالفرجة على أولاد الشيطان، وهم ينكلون بجثث شهداء الشرطة فى البدرشين، فالشعب الآن غاضب ومتحفز لخوض الحرب الشاملة ضد الإرهاب، الذى يقتل أولادهم، ويغتال زهرات شبابهم، والغضب الساطع فى جنازات الشهداء، سوف يصبح بركانا تقذف حممه وحوش الدم والخراب.. لا تنتقدوا صبر الشعب على موجه الإرهاب.. روح 30 يونيو سوف تعود لتقتلع الإرهاب، حدث مع الإخوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة