محمد مختار جمعة

الإسلام يتحدث عن نفسه

السبت، 03 يونيو 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإسلام قطعة ذهب لا تحتاج أكثر من أن نجلى ما علق بها أو ران عليها من بعض الغبار المتطاير أو حتى المتراكم، لأن المعادن النفيسة لا تصدأ ولا يصيبها العطب مهما كانت عوامل الزمن وتداعياته وأحداثه وتراكماته.
 
فعلى الرغم مما أصاب صورة الإسلام من جرّاء الجماعات الإجرامية المتطرفة من أمثال داعش، وبوكوحرام، والقاعدة، وجبهة الخذلان، وأعداء بيت المقدس، وجند الشيطان، وجماعة دعم الخراب والدمار المسماة زورًا وبهتانًا وافتراء دعم الشرعية، تلك الجماعات المأجورة لصالح قوى الشر، على الرغم من ذلك كله، فإن الإسلام بفضل أبنائه المخلصين وعلمائه المتخصصين قادر على محو آثار ذلك كله، وأن يتحدث عن نفسه، وأن يعبر عن حقيقته العظيمة السمحة الحضارية الإنسانية النقية، المتسقة مع فطرة الله، التى فطر الناس عليها، القائمة على أنه حيث تكون المصلحة فثمة شرع الله، وعلى أنه دين الرحمة والأمن والأمان والسلام للعالم كله، حيث يقول الحق سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، ولم يقل سبحانه: رحمة للمسلمين وحدهم، ولا للمؤمنين وحدهم ولا للموحدين وحدهم، إنما للعالمين كل العالمين، حيث كرم الله عز وجل الإنسان على إطلاق إنسانيته فقال سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ».
 
دين لا يعرف الأذى، فالمسلم الحقيقى فيه هو من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم، ولما سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن امرأة صوامة قوامة غير أنها تؤذى جيرانها، قال (صلى الله عليه وسلم): «هى فى النار»، وهو القائل (صلى الله عليه وسلم): «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن « قالوا: من يارسول الله؟، فقال (صلى الله عليه وسلم): «من لا يأمن جاره بوائقه»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤذِ جَارَهُ».
 
دين يحفظ للإنسان كرامته، فينهى عن الغيبة، والنميمة، والتحاسد، والتباغض، والاحتقار، وسوء الظن لهو دين عظيم، وذلك حيث يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ»، وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
 
دين يمنع الظلم والغش، ولو مع أعدائه، ويحرم سائر الممارسات الاحتكارية لهو دين عظيم، وذلك حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ، وَأَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرِؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ»، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم): «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ».
 
ويقول (صلى الله عليه وسلم): «من غشنا فليس منا»، وفى رواية «من غش أمتى فليس منا»، وفى صحيح مسلم «من غش فليس منا» بحذف مفعول غش ليشمل كل ألوان الغش، وينهى عن غش جميع البشر مسلما كان المغشوش أم غير مسلم، إذ لا يليق بالمسلم بأن يكون غشاشًا.
دين يعمل على تحقيق الرحمة للإنسان والحيوان والجماد لهو دين عظيم، وذلك حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟»، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ(صلى الله عليه وسلم): «أَفَلَا تَتَّقِى اللَّهَ فِى هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِى مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؟، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ».
 
دين ينهى عن كل ألوان الفساد والإفساد والتدمير والتخريب، ويعصم الأموال والأعراض والأنفس، لهو دين عظيم، وذلك حيث يقول الحق سبحانه: «وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا»، ويقول الحق: «وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأَرْضِ مُفْسِدِينَ»، وحيث يقول سبحانه: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ»، وحيث نهى نبينا (صلى الله عليه وسلم) سيدنا معاذ بن جبل عن أى ظلم أو إجحاف بأموال المستضعفين أو أخذ كرائم أموالهم فقال له: «يامعاذ، إِنَّكَ تَأْتِى قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».
 
وأخيرًا نستطيع أن نقول إن الإسلام قضية عادلة ودين عظيم وأنه وإن تعرض للهجوم من أعدائه فإن المخلصين من أبنائه قادرون بإذن الله (عز وجل) على تجلية الغبار عنه وعرضه عرضًا صحيحًا من خلال البلاغ الواضح المبين، الفاهم لفقه المقاصد، وفقه الواقع، وفقه المتاح، وفقه الأولويات، فهمًا يؤهل صاحبه للوفاء بواجب هذا الدين العظيم بما يحمله لصالح الإنسانية جمعاء من سبل السعادة والرقى وما يحمله لمن يعمل به من خير الدارين الدنيا والآخرة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة