تحت هذا العنوان كتبت منذ ربع قرن دراسة نشرت فى كتاب، والكتاب يروى كيف يكافح المواطنون المصريون الأقباط من أجل الوطن ووفق نظرية «الحرمان النسبى»، يتوقع الأقباط حصولهم على بعض الحقوق لاستكمال مسيرة المواطنة فى وطن قائم على المساواة والقانون، ولكن منذ ثورة 1804 وصولا إلى ثورة 30 يونيو مرورا بثورات 1882، 1919، 1952، كان التوقع أكبر من التضحيات، مما كان يجعلهم دائما، رغم رفضهم لكونهم أقلية، إلا أنهم فى لحظات الشعور «بالاضطهاد»، يتصرفون كما لو كانوا أقلية؟!!
حيث تغلب عليهم «خيبة الأمل»، خاصة بأنهم كانوا من الأعمدة الرئيسية لثورة 30 يونيو، إلا أنهم دائما يدفعون الثمن، بالطبع أبناء القوات المسلحة والشرطة يسبقونهم فى دفع الثمن لكن المواطن القبطى يدفع الثمن مرتين، مرة مع أخيه المسلم كوطنى وأخرى كمسيحى بشكل عقيدى، الأمر الذى يؤدى بقطاع كبير من الأقباط إلى القلق المشروع، وعدم الشعور بالأمان، والانكفاء مرة أخرى داخل «السور المضمون الكنيسة»، حتى لو كان شكلا هناك من يهاجم قداسة البابا فهذا دليل على العودة الية كنائب عنهم لدى السلطات.. هكذا كشف الحادث الإرهابى الأخير الذى استهدف زوار دير الأنبا صموائيل عن كثيرا من الآلم والجراح فى جسد الوطن، خاصة فى الجزء المسيحى من الجسد.
دون أن نقفز على الدم الطاهر الذى رفضت أرض الصحراء أن تشربه حزنا وألما، وبعيدا عن كل ردود الأفعال الإعلامية، وضرورة الكشف عن الجرح المتقيح، دون إسقاط قلب الحقيقة وهى أن الإرهاب «الممنهج» ضد المواطنين المصريين الأقباط منذ حادث البطرسية وحتى حادث الأنبا صموائيل، مرورا بمارجرجس طنطا والمرقسية بالإسكندرية، تستهدف الوطن، الدولة، من خلال المواطنين المصريين الأقباط، ويعلن الإرهابيون ذلك صراحة.
الاستهداف الممنهج الإرهابى ضد المواطنين المصريين الأقباط، يستهدفهم بالإساس لمواقفهم الوطنية تجاة 30 يونيو والرئيس السيسى جنبا إلى جنب مع الهوية الدينية.. وأعتقد ليس هناك فصل تعسفى بين «السياسى والدينى»، فهما وجهان لعملة واحدة، لأن الكنيسة المصرية كنيسة وطنية، يسبق لاهوت الوطن فيها لاهوت العقيدة فى مسمى «الكنائس الثلاثة: تبدأ تسميتها بـ«القبطية» وبعدها الإشارة للعقيدة «الأرثوزكسية-الكاثوليكية- الإنجيلية» والاستهداف الدينى واضح وفق أى معايير لأن حوادث البطرسية ومار جرجس طنطا والمرقسية بالإسكندرية، وأخيرا دير الأنبا صموائيل كانت تستهدفهم وهم يصلون، أو فى طريقهم للصلاة فى الدير.. بل ووفق شهادة اللواء عصام بديوى محافظ المنيا بمداخلة ببرنامج «على مسؤوليتى» للزميل أحمد موسى أكد أن الإرهابيين حاولوا أن يستنطقوا الضحايا بـ«الشهادتين» ولكن الضحايا رفضوا!!
بعد فض الاعتصامات والتخريب والحرق الذى قام به الإرهاب الإخوانى، بلغت خسائر الوطن فى المنيا %80 من محاكم وأقسام شرطة ومؤسسات دولة، وتم التمثيل بأجساد ضباط وأفراد الشرطة فى سمالوط ومطاى، كما بلغت نسبة خسائر المواطنين المصريين الأقباط فى المنيا أيضا %70 من الخسائر على مستوى الجمهورية من كنائس ومؤسسات أعادت القوات المسلحة بناء %90 منها حتى الآن، وبلغت أحداث العنف الطائفى فى المنيا من يناير 2014 وحتى يناير 2017 «89» حادثا، ولكن رغم كل الضربات التى طالت الإخوان والجماعة بالمنيا إلا أن الأفكار التكفيرية تعشعش فى «23» قرية كلها فى الغرب ومتاخمة للجبل الغربى.
والآن ماذا بعد حادث دير الأنبا صموائيل:
للأسف حتى الآن لا يقاوم الإرهاب حقيقة إلا مصر، ولعل كلمة الرئيس السيسى فى مؤتمر السعودية مؤخرا وردود الأفعال التى دفعت مجلس الأمن الدولى يعتبرها وثيقة رسمية قدر ما كانت تكريما لنا، على قدر ما جعلت الدول الراعية للإرهاب تكثف جهودها الشريرة ضدنا، وأيضا موقفنا الثابت من الحل السلمى فى سوريا جلب علينا أيضا غضب ممولى الإرهاب فى سوريا، وأخيرا أعتقد أن المساندة الفنية من القوات المسلحة المصرية لقوات الجنرال حفتر التى مكنته من تحرير بنى غازى كانت الدافع المباشر للانتقام من مصرة عبر استهداف مواطنيها الأقباط، وإن كان الرئيس قد أكد فى خطابه الأخير على ضرورة معاقبة الدول الراعية للإرهاب، فهناك ضرورة على معاقبة المسؤولين المصريين الذين أدى تراخيهم على عدم اليقظة واستخدام الإجراءات الوقائية لتفكيك الخلايا الإرهابية والتوقع المسبق للعمليات.
صدق السيسى حينما أكد أن الهدف الأساسى من الاستهداف الممنهج للأقباط هو محاولة فك الترابط التاريخى والمصيرى الإسلامى المسيحى، ولكن يا سيادة الرئيس المواطنين المصريين الأقباط تحملوا ويتحملون جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة والشرطة وجميعهم يدفعون الثمن فى وطنية ونبل، ولكن ما لا يتحمله الأقباط أن تكون التحديات الداخلية لهم أشد ألما وجرحا، وليتسع صدرك كما تعودنا أن تعرف أن مثلا مدينة العدوة بلا كنيسة، وبعض القرى مثل «اللوفى» بسمالوط ممنوعين من الصلاة أو بناء كنيسة من قبل المتطرفين، إضافة إلى عدم تطبيق القانون على الفتيات القبطيات القاصرات اللاتى يدخلن فى علاقات عاطفية مع شباب مسلم، ويتواطؤ بعض صغار المسؤولين الأمنيين مع الشاب المسلم ولا يتم تسليم الفتيات القاصرات لأهلهن.. كل تلك الوقائع تزيد من الاحتقان.
سيادة الرئيس السيسى الذى لا يتوانى عن بذل أى جهد من أجل شعبة أتمنى أن يصدر قرارات: أولا، ترخيص كنيسة فى العدوة بالمنيا، وتحويل ملف الأقباط من المحليات والأمن إلى رئاسة الجمهورية لثقة المواطنين المصريين جميعا فى مؤسسة الرئاسة، ثانيا، إنشاء نصب تذكارى فى مكان الحادث يحتوى على أسماء الشهداء. ثالثا، الشروع فى تأسيس المجلس الأعلى المصرى لمكافحة الإرهاب الذى وعدت به من قبل، هذه هى المطالب العاجلة التى من شأنها احتواء الاحتقان.
عدد الردود 0
بواسطة:
بسوم
مقال رائع
مقال فيه الملخص و المفيد