تتعالى الأصوات مرارًا وتكرارًا بأن الدعم بشرائحة المختلفة لا يصل إلى مستحقيه من محدودى الدخل فى هذا البلد، لذا كان الحل العمل على أن يصل للمواطن الذى يستحقه، فتحريك أسعار الطاقة يوفر على الدولة مليارات الجنيهات كانت تصل إلى الفئات الغنية، والتى كانت المستفيد الأول من دعم منتجات البترولية، وفكرة حصر الدعم فى عدد أقل من المواطنين المستحقين له يسهل على الدولة بكل أجهزتها توصيل هذا الدعم للمواطن الفقير، بل زيادة السلع المدعومة وبجودة أعلى.
فكرة إلغاء الدعم على منتجات الطاقة التى يرددها البعض "غير صحيحة" بالمرة، لأن دعم الطاقة واجب على الدولة لمساعدة محدودى الدخل، فكانت فكرة الإصلاح الاقتصادى المسيطرة على الحكومة منذ بدء برنامجها لإنقاذ منظومتها الاقتصادية هو هيكلة الدعم من جديد حتى يصل إلى مستحقيه، بمعنى أوضح "بموجب أن الدعم المقدم من الحكومة لمحدودى الدخل لا يصل إليهم بل يستفيد منه شرائح ذات دخل أعلى فإن هيكلة أسعار منتجات الطاقة الحل الحقيقى لمشكلة عدم وصول الدعم لمستحقيه".
ربما يتساءل المواطن، عن مصلحته أو وجه استفادته من هيكلة منظومة دعم الطاقة سواء الكهرباء أو الوقود، وكذلك عن إمكانية تعرضه للضرر أو التأثر سلبًا بهيكلة منظومة دعم الطاقة، يمكن القول بأنه لو تم إجراء عملية حسابية بسيطة حول الدعم سنجد أن هناك 3 شرائح معفاة من الزيادة فى أسعار الكهرباء وبالتالى الزيادة فى الأسعار تستهدف من لديهم استهلاك أكبر ومن استهلاكه محدود لن يكون هناك أى تأثير عليه.
وبالنسبة للمنتجات البترولية، فإن تحريك سعر الوقود لن يتجاوز 25 % كحد أقصى بمعنى أن تحرك الفرد داخل القاهرة الكبرى قد تزيد فاتورة مواصلاته اليومية بقيمة 2 جنيه فقط، لكن على الأسر فى الأرياف لن يكون هناك تأثر. أما ترويج البعض أن أسعار السلع والخضروات والفاكهة والألبان سترتفع بصورة جنونية خلال الفترة المقبلة، فإن ذلك يعتبر استغلالا للموقف فتكاليف نقل منتجات الألبان والخضار والفاكهة من الأرياف إلى القاهرة ستكون محدودة، لأن الزيادة فى أسعار السولار لم ترتفع بشكل كبير، وإذا حدث تحريك كبير فى أسعار المنتجات السابقة فهذا يعود إلى جشع بعض التجار، وهنا سيكون دور جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين وستعمل الحكومة على خلق وسائل رقابية على الأسعار فى الأسواق.
وفكرة الترويج بأن هيكلة الطاقة كان يمكن الانتظار عليها لمدة عامين أو ثلاثة، هذا ضربًا من الخيال لأن الاستمرار فى الوضع الحالى مع استمرار العجز الكبير فى الموازنة سيؤدى إلى استمرار الدولة فى الغرق بمشكلاتها الاقتصادية وتفاقم المديونيات التى ستتحملها الأجيال القادمة، وحل هذا المشكلات اليوم أمر حتمى وإن احتوى بعض الصعوبة والمعاناة فإن القيام به فى المستقبل ربما يكون مستحيلا ولن يتحمله المواطن.
بالتأكيد المواطن يرى أن راتبه ثابت رغم إجراءات الإصلاح الاقتصادى وإعادة هيكلة منظومة الدعم، لكن هناك بعض الإجراءات التى اتخذتها الحكومة مؤخرًا منها تقديم علاوة اجتماعية لفئتين هما المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بقيمة 7 % وعلاوة أخرى لمواجهة الغلاء بقيمة 7 % بحد أدنى 65 جنيهًا، أما غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية سيحصلوا على علاوة دورية بقيمة 10 % وعلاوة استثنائية بقيمة 10% لمواجهة الغلاء بحد ادنى 65 جنيه شهريا.
أما بالنسبة لحدوث تحرك طفيف فى أسعار السلع جراء هيكلة منظومة الدعم، فإن الدولة أقرت زيادة فى مخصصات الفرد على بطاقة التموين تصل 50 جنيهًا بدلا من 21 جنيه بزيادة 150 %، فمثلا الأسرة المكونة من 4 أفراد ستستفيد بـ 200 جنيه سلع تموينية فى الشهر، هذا بخلاف المعاشات وبرنامج تكافل وكرامة، وهنا نستطيع أن نقول أن هذه الزيادات والدعم تم توجيهه بصورة صحيحة لمستحقيه وليس للفئات الغنية.
وتفاقم مشكلة عجز الموازنة العامة خلال الـ 15 سنة الماضية وخوف الحكومات المتعاقبة من اتخاذ قرار بشأن منظومة الدعم، هو ما أدى إلى تحول مصر من دولة مصدرة للبترول لأحد أكبر الدول المستوردة له فى المنطقة، وكذلك استمرار الأزمة خلق سوق سوداء للمنتجات البترولية، وتنفيذ القرارات الاقتصادية فى الوقت الحالى تأثيره أقل، فلو تم تنفيذ تلك الإصلاحات من 10 سنوات مثلا لأصبح الوضع الاقتصادى أفضل بمراحل.
من أكبر المشكلات التى تواجه منظومة الدعم فى مصر حاليًا هو عدم وجود قاعدة بيانات لمستحقى الدعم، وهذا ما جعل الدعم يضيع طوال السنوات الماضية ويصل لغير مستحقيه فنجد شخص يركب سيارة مرسيدس أو B M W يدخل محطة الوقود ويتحصل على الوقود المدعوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة