بعد ساعات من ظهور النتائج النهائية للدورة الثانية والأخيرة للانتخابات التشريعية الفرنسية، بدأ القلق يتوغل فى قلوب الفرنسيين ولاسيما النخب السياسية التى خسرت وانهارت امام حزب ماكرون " الجمهورية إلى الامام" ذلك الحزب الذى لم يكمل العام من ولادته ، ولكنه هو الوحيد الذى استطاع الاستحواذ على غالبية المقاعد، وهو ما يثير القلق بين الأوساط السياسية.
ووفقاً لصحيفة لو موند الفرنسية أنه من ابرز ما يؤرق الفرنسيين هى النسبة الكبيرة للإمتناع عن التصويت التى تم تسجيلها للمرة الاولى قى الدورة الثانية والتى بلغت وفقاً لأحصاءات وزارة الداخلية الفرنسية، والتى بلغت 57.4% وهى التى تؤكد على عدم تأيد الشعب لماكرون بشكل حقيقى وأن نتيجة الانتخابات لا تعكس الشعبية الصحيحة للرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون وحزبه الجمهورية إلى الأمام التى حققت وفقا للتقديرات مابين 355 و425 مقعدا من أصل 577.
وبعد ساعات من ظهور اكتساح ماكرون فى البرلمان الفرنسى، أعلن رئيس الوزراء ادوار فيليب، اليوم الاثنين استقالة حكومته قبل إجراء أى تعديل تقنى، غداة الانتخابات التشريعية التى منحت الرئيس الجديد أغلبية ساحقة فى الجمعية الوطنية.
وقالت قناة "فرانس 24" الفرنسية، إن ما حققته الجمهوريون إلى الأمام، يعتبر إنجاز مدهش سيمكنها من الإطاحة بأى معارضة، وهذا على الرغم من عدم حصولها إلا على نحو 15 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين فى الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية يوم الأحد الماضى، (حيث امتنع نحو 51% من الفرنسيين عن التصويت فى واقعة الأولى من نوعها).
وأشارت القناة الفرنسية، إلى أنه من الواضح أن الرئيس الفرنسى الجديد، الذى تعهد خلال الحملة الانتخابية بتغيير واسع فى "النظام"، على وشك استغلال هذا النظام كما لم يفعل من قبله. وبعد ان تاكدت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية فى الدورة الثانية الاحد 18 يونيو، فإن حركته التى لا يزيد عمرها عن 15 شهرا استفادت بالفعل من النظام الانتخابى ذى الدورتين للحصول على إحدى أكبر الأغلبيات البرلمانية التى شهدتها فرنسا فى تاريخها، ما يعطى مؤسس الحركة إمكانية احتكار السلطة فى البلاد.
ومن جانبها أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية غداة الانتخابات، إلى أنه "لم يسبق على مر التاريخ أن حصل حزب سياسى على أغلبية كهذه بعدد أصوات متدن بهذا الشكل"، وأن هذا الانخفاض التاريخى فى معدل التصويت يطلق إشارات إنذار بشأن شرعية الرئيس وحركته أثناء استعدادهما لتنفيذ إصلاحات واسعة فى البلاد.
وهزم حزب الرئيس ماكرون الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية التى بسطت سيطرتها على الحياة السياسية الفرنسية منذ أكثر من 60 عاما.
وجاء فى المركز الثانى بفارق كبير حزب "الجمهوريون" اليمينى وحلفاؤه الوسطيون الذين حصلوا على ما بين 128 و130 مقعدا، بعد حملة رئاسية فشلت بسبب الملاحقات القضائية بتهم متعلقة بالفساد التى أصابت مرشح الحزب فرنسوا فيون، وعقبت الوزيرة اليمينية السابقة فاليرى بيكريس "أنها أكثر من هزيمة، بل إنها تعد نهاية مرحلة".
أما اليسار، فلم يتمكن الحزب الاشتراكى من الحصول على النسبة التى كان يتمتع بها خلال عهد فرانسوا هولاند، حيث كان يشغل نصف مقاعد الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها، لكنه مازال القوة اليسارية الأساسية بتمكنه من حصد 46 إلى 50 مقعدا، متفوقا على اليسار المتشدد الذى أحرز حوإلى 30 مقعدا.
وأقر رئيس الحزب "جان كمباديليس"، مساء الأحد بأن "هزيمة اليسار لا يمكن تفاديها، واندحار الحزب الاشتراكى لا عودة عنه"، وذلك بعدما أعلن استقالته.
وأحرزت زعيمة اليمين الفرنسى المتطرف "مارين لوبن" مقعدا فى البرلمان لأول مرة بعد محاولة فاشلة فى الانتخابات التشريعية عام 2012، إلا أن حزب "الجبهة الوطنية" الذى تترأسه أصيب بخيبة أمل لأنه حصد ستة مقاعد فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة