بعد عام من مسلسل حرائق الأسواق الشعبية بالقاهرة.. أسواق "الرويعى" و"الغورية" و"إمبابة" تتحصن بطفايات صغيرة.. ووصلات الكهرباء تعانى من الإهمال.. وأصحاب المحلات: الوضع كما هو عليه والحكاية ماشية بالستر

الأربعاء، 14 يونيو 2017 07:00 م
بعد عام من مسلسل حرائق الأسواق الشعبية بالقاهرة.. أسواق "الرويعى" و"الغورية" و"إمبابة" تتحصن بطفايات صغيرة.. ووصلات الكهرباء تعانى من الإهمال.. وأصحاب المحلات: الوضع كما هو عليه والحكاية ماشية بالستر متى تنتهى حرائق الصيف فى الأسواق الشعبية
كتبت: منى ضياء - تصوير: حسام عاطف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع بداية الصيف واشتداد حرارة الجو، من المعتاد أن تشهد بعض المناطق على اختلاف مواقعها وطبيعة نشاطها حرائق، إما بسبب ماس كهربائى وهو السبب الأكثر شيوعا، أو لأسباب أخرى مختلفة.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (1)

وشهد صيف العام الماضى حرائق متوالية بالقاهرة والمحافظات، ولكن كان أخطرها وأكثرها اشتعالا وخسائر اقتصادية واجتماعية ضخمة هى حرائق الأسواق الشعبية، ولعل أبرزها حريق الغورية والرويعى بالعتبة فى مثل هذا الوقت من عام 2016، والتى لم تعرف أسبابها حتى الآن.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (3)

وربما بدأت الحرائق هذا الصيف مبكرا عندما أتت النيران على جانب كبير من سوق "إمبابة" الشعبى مطلع الشهر الجارى، ما أفضى لخسائر قدرها أصحاب المحلات بحوالى 30 مليون جنيها جراء البضاعة والمحلات التى احترقت.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (8)

وفى ظل عدم معرفة الأسباب الحقيقية لاشتعال هذه الحرائق التى حدثت فى أوقات متأخرة من الليل مما حال دون وقوع خسائر فى الأرواح، تعد حماية هذه الأسواق ووقايتها أو على الأقل توافر الاستعدادات اللازمة للسيطرة على الوضع فى حالة حدوث أى خطر أمرا هاما للغاية، فى ظل تكدس المحلات بالبضائع القابلة للاشتعال كالقماش والملابس والمواد البلاستيكية، وتلاصق هذه المحلات مع ضيق الشوارع مما يصعب كثيرا من مهمة رجال الدفاع المدنى فى الإطفاء فى مثل هذه الحالات.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (10)

"اليوم السابع" زار سوقى "الغورية" و"الرويعى" اللذين شهدا حرائق مروعة العام الماضى، وسوق "إمبابة" الذى احترق مؤخرا، للوقوف على الاستعدادات لموسم الصيف، وما التغيير فى تجهيز المنطقة لمقاومة خطر الحريق، خاصة وأنه سبق احتراقها من قبل.

 

 

سوق إمبابة

كانت البداية بسوق "إمبابة" أحدث الأسواق المحترقة، خلال الشهر الحالى، والذى تحول إلى خراب ودمار، فى الوقت الذى كان بائعوه ومحلاتهم يستعدون لاستقبال الزبائن والمشترين استعدادا لعيد الفطر المبارك.

 

عند مدخل السوق فى المنطقة التى شهدت الحريق، جلس مجموعة من أصحاب المحلات وسط الركام والمخلفات فى حزن شديد على محلاتهم وبضاعتهم التى احترقت فى وقت الموسم وتراكمت عليهم الديون، فى انتظار من يعوضهم عن الخسارة.

 

"هذه ليست أول مرة يحترق فيها السوق ولنفس السبب وهو كشك الكهرباء" هذا ما أكده  الحاج حسن – أكبر اصحاب المحلات سنا فى السوق، قائلا: " أول حريق كان عام 1987 بسبب صندوق الكهرباء، وقام وقتها المسئولون بإزالة كشك الكهرباء المحترق وتركيب غيره فى نفس المكان بداخل المحلات وبين الأخشاب".

 

وتابع  الحاج حسن : "المرة الثانية كانت منذ 5 سنوات تقريبا بسبب احتراق تكييف فى البنك الموجود بالمنطقة.. وهذه المرة الثالثة التى كانت الأكبر والأكثر خسارة والتى خلفت حريق حوالى 41 محلا وكشكا وعقارا".

 

هذه المرة كان هناك إنذار على حدوث الحريق، حسبما أكد أحد الباعة بالسوق، والذى قال إن كشك الكهرباء الرئيسى أصدر شررا كبيرا قبل الحريق بأسبوع، وقامت إدارة الكهرباء بالحى بإصلاحه، وبعد مرور أيام على إصلاح العطل فوجئنا بتسبب الكشك فى احتراق السوق بالكامل.

 

وقال فارس سيد أحد أصحاب المحلات المحترقة، إن خسارته بلغت 180 ألف جنيه، ويصل إجمالى الخسائر بحسب المتضررين إلى حوالى 30 مليون جنيه، كلها عبارة عن بضاعة مشتراة بالآجل لم يسدد ثمنها، كانوا على أمل بيعها بالموسم وتسديد ثمنها للتجار.

 

ومن الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بالكهرباء فى المنطقة، ولكن اللافت للنظر أنها مشكلة قديمة وتكرر حدوث حرائق من قبل فى نفس المكان ولنفس السبب، ولكن لم يكن هناك أى تغييرات حقيقية تحول دون تكرار الأمر.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (6)

سوق الرويعى

منذ عام تقريبا استيقظ سكان القاهرة على خبر مفزع وهو اندلاع حريق هائل فى سوق الرويعى بالعتبة، حيث اشتعلت النيران فى أحد العقارات بالسوق فى وقت متأخر من إحدى ليالى شهر مايو 2016 وفى يوم أحد، وهو أجازة الباعة وبالتالى كان الأثر محدودا.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (11)

وامتدت النيران لتحرق حوالى  238 محلا ومخزنا حتى تمكنت قوات الحماية المدنية من إخماد النيران التى استمرت لصباح اليوم التالى، وأسفر الحريق عن وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة عدد آخر، وخسائر بملايين الجنيهات لم يتم حصرها على وجه الدقة، ولم يعلن وقتها سبب محدد للحريق، إلا أن قيادات أمنية صرحت لبعض وسائل الإعلام بأن وصلات الكهرباء متهالكة فى هذا السوق.

 

والجدير بالذكر أن هذا السوق يقع بالقرب من وحدة المطافئ الرئيسية بميدان العتبة، ورغم ذلك كانت الخسائر كبيرة بسبب الزحام وصعوبة وصول السيارات لمناطق الاشتعال.

 

وبعد أكثر من عام زار "اليوم السابع" منطقة سوق الرويعى بوسط القاهرة، لنجد الشوارع مكتظة بالباعة الجائلين الذى أخفوا أبواب المحلات من كثرة أعدادهم ولا يزال السير فى الشوارع كما هو، أمرا صعبا للغاية.

 

وتحدثنا مع عدد من أصحاب المحلات المتضررة من الحريق لنجد أن الوضع لم يختلف كثيرا، مازالت العشوائية سيد الموقف، ولم يتم القيام بأى استعدادات للصيف المقبل سواء بتغيير وصلات الكهرباء أو حتى فحصها او تركيب حنفيات المياه المستخدمة فى الإطفاء، والتى يخلو منها المكان تماما.

 

الحاج وحيد العربى صاحب محل قطع غيار سيارات بالمنطقة، أكد لليوم السابع أنه لم يتغير أى شىء منذ اندلاع حريق العام الماضى قائلا: "كل شىء زى ما هو مفيش حاجة اتغيرت.. الدنيا ماشية بستر ربنا".

 

أما سيد فتحى صاحب محل حدايد وبويات بأحد العقارات التى احترقت، فأشار إلى أن الحمل وغيره من المحلات المتضررة ظلت مغلقة حوالى 8 أشهر كاملة حتى بدأت العمل من جديد، ولكن تواجه أصحاب المحلات مشكلة كبيرة تتعلق بقيام الحكومة برفع قضايا لهدم العقارات المتضررة وهى حوالى 4 عمارات تضم أكثر من 240 محلا، رغم قيام أصحاب المحلات بإصلاح العقارات وإعادة تشغيل محلاتهم مرة أخرى.

 

وحول التغييرات التى شهدتها المنطقة وما إذا كان تم تجهيزها لحمايتها من أخطار الحريق، قال فتحى: "مفيش اى حاجة حصلت.. ولا حتى فيه حنفية حريق واحدة فى السوق كله.. وإشغالات الباعة الجائلين زادت". وتابع: "لو النار ولعت محدش هيعرف يسيطر عليها".

 

وتمتلك أغلب محلات السوق طفايات للحريق، لكنها صغيرة الحجم لا يمكنها السيطرة سوى على الحرائق المحدودة لكن فى الحالات الكبرى لن تكون مجدية، بحسب فتحى.

 

عمارة الأندلس كانت أكثر العقارات التى تأثرت بشدة جراء الحريق، ومازال أصحاب المحلات مقام ضدهم دعاوى قضائية لإخلاء العقار أسوة بباقى العقارات التى تأثرت جراء الحريق، ولكن قام العديد من أصحاب المحلات بإصلاحها وفتحها أمام الزبائن، وقال أحدهم – طلب عدم ذكر اسمه-  بسبب القضايا المنظورة بالمحاكم – فإن أغلب المحلات التى عادت للعمل قامت بعمل نظام إطفاء ذاتى قائلا: "قمنا بذلك بالجهود الذاتية وبتكلفة مرتفعة لكن هذه التكلفة لا توازى الخسائر الهائلة التى تكبدناها جراء الحريق".

 

سوق الرويعى الذى تعرض لخسائر هائلة العام الماضى، لم يتغير شيئا عما سبق به، مازال الباعة الجائلون فى كل مكان ودون أى تنظيم، ومازال السوق يخلو من صنابير المياه المستخدمة فى إطفاء الحريق، ولا تزال وصلات الكهرباء العمومية كما هى دون تغيير أو حتى مراجعة.. فهل يمكن أن يصمد السوق الأكثر شعبية فى مصر أمام حريق آخر إذا حدث وقت رواج وزحام؟

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (2)

سوق الغورية

نعود أيضا عاما للوراء.. لم يمر سوى 24 ساعة على وقوع حادث الرويعى الضخم بالعتبة حتى استيقظ سكان منطقة الغورية بحى الحسين على صوت سيارات الإطفاء تهرع إلى المنطقة فى وقت متأخر من الليل للسيطرة على الحريق الذى اندلع بالسوق ودمر حوالى 14 محلا وفاترينة، وخلف خسائر اقتصادية بالملايين، دون ضحايا فى هذه المرة.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (5)

ويعد سوق الغورية أحد الأسواق الشعبية والتى تشتهر ببيع الملابس والمفروشات وتجهيزات العرائس، وتتميز برخص أسعارها لذا تقبل عليها الأسر من القاهرة والمحافظات المختلفة لشراء مستلزماتهم.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (9)

ويقع هذا السوق فى شوارع ضيقة جدا لا تكفى لمرور أكثر من شخصين بجوار بعضهما، وهى مزدحمة طوال الوقت نهارا وليلا، ما يصعب كثيرا من قدرة رجال الإطفاء على الوصول لمناطق الحريق والسيطرة عليها قبل امتدادها لباقى المحلات بالمنطقة، وهو ما حدث العام الماضى، حيث نشب الحريق وامتد لعدد من المحلات المجاورة، وكان إخماده مهمة صعبة بسبب تلاصق المحلات  والعقارات السكنية بالمنطقة.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (12)

عندما تجولنا بالمنطقة التى شهدت الحريق العام الماضى بداخل السوق، لم يكن الأمر مختلفا كثيرا. نفس المحلات المكتظة والأقمشة المتراصة أمامها لم يكن بالشارع كله سوى حنفية حريق واحدة فقط، ولم تشهد أى تغييرات فى توصيلات الكهرباء.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (14)

الحاج عربى فنجرى  صاحب أحد محلات القماش التى تضررت من حريق العام الماضى، أكد لليوم السابع أنه رغم مرور عام على الحريق لم يعرف أحد أسبابه حتى الآن وهو نفس وضع حريق العتبة، كل ما نعرفه أنه خلف دمارا كاملا وخسائر تتخطى قيمتها 5 ملايين جنيه وقتها.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (18)

وقال فنجرى: "بعد الحريق كل المسئولين زاروا السوق ووعدوا بتركيب حنفيات حريق كل 20 متر تحسبا لأى موقف.. ولكن حتى الآن لم يحدث أى شىء"، موضحا انه يصعب على أصحاب المحلات تركيب هذه الحنفيات بجهودهم الذاتية ليس بسبب التكلفة المالية ولكن لوجود اشتراطات ومعايير فنية لا يعرفها سوى المختصون بالحماية المدنية.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (15)

وأشار إلى أن جميع المحلات قامت بشراء طفايات حريق صغيرة الحجم ولكنها لم تؤثر وقت اندلاع الحريق السابق، واستمرت جهود الإطفاء طوال 5 ساعات كاملة لإخماد الحريق وتبريد المنطقة حتى لا تعاود النيران الاشتعال مجددا.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (16)

وكان من اللافت للنظر تغيير سور المدرسة المواجه للمحلات التى تضررت من الحريق، حيث تم تغيير السور الطوب إلى حديد بالجهود الذاتية للأهالى بحسب فتحى، وبخلاف ذلك لم يتغير شئ آخر.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (4)

أحد أصحاب المحلات – طلب عدم ذكر اسمه – قال لليوم السابع: "مفيش أى إجراءات اتعملت من السنة اللى فاتت ولا حنفيات حريق اتركبت ولا فيه إسعاف أو مطافئ قريبة.. كل اللى اتعمل تركيب كاميرات عشان يعرفوا أسباب الحرائق".

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (17)

وحتى توصيلات الكهرباء التى احترقت لم تشهد أى تغيير بخلاف إزالة المحترقة وتركيب جديد فى نفس مكانها، ومازال صندوق الكهرباء الرئيسى فى قلب المنطقة محاطا بأتواب القماش والملابس من كل اتجاه.

سوق الازهر والرويعى للاقمشة (7)

وقال أحمد السبع بائع بأحد المحلات المتضررة، أنه حتى الآن لم يعرف أحد أسباب الحريق، حتى إصلاح أرضيات السوق وتجديدات المحلات تمت بجهود أصحابها دون تدخل من الحى أو أى جهة حكومية، وطالب بتحصيل تأمينات من أصحاب المحلات حتى تكون التعويضات مناسبة فى مثل هذه الحالات، وأن يتم إمداد المحلات بطفايات حريق كبيرة وتركيب حنفيات حريق متعددة بالسوق، حتى يمكن السيطرة على النيران فى حالة حدوث أى حرائق.

 

ولجأت بعض المحلات بالمنطقة إلى تركيب خراطيم مياه طويلة يمكن من خلالها السيطرة على الحرائق، ولكن فى الحالات الكبيرة قد لا تكون مجدية لإخماد لهيب النيران المشتعلة.

 

الآن وقد مر عام كامل على الحرائق الأشهر فى تاريخ أسواق القاهرة الشعبية.. ماذا فعلت الجهات المختصة لتجنب تكرار هذه الحوادث؟

 
سوق الازهر والرويعى للاقمشة (13)
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة