هل يوجد مرجع يدلنا على الحياة الجنسية للإنسان البدائى؟ كيف كان حال الحضارات الأولى فيما يتعلق بأخلاقياتها الجنسية؟ ماذا عن ظاهرة الزواج بين الأخوة منذ فجر التاريخ، وما تاريخ هذه الظاهرة فى مصر كبلد يزخر تاريخه بأكبر عدد من أسماء الملكات الإناث، والزيجات التى تمت بينهن وبين أشقائهن الذكور؟
ما سبب نشأة «الدعارة» كمهنة هى الأقدم فى التاريخ؟ ما قصة الختان أو الطهور فى التاريخ؟
هذه الأسئلة، ليست وحدها المطروحة فى كتاب «التاريخ الجنسى للإنسان» «الكتاب الذهبى- روز اليوسف»، فمؤلف الكتاب الكاتب الصحفى صلاح حافظ، يطرح قضايا أخرى ذات صلة، وأعتقد أن مسألة «زواج الأخوة» فى تاريخ الحضارات تشد الانتباه بالرغم من أن طرحها فى الكتاب الذى أعادت «روز اليوسف» طبعه قبل أيام ليس جديدًا، فهى وفقًا لحافظ، لم تبدأ كما يتصور الكثير منذ فجر التاريخ المصرى، وإنما بدأت فى مرحلة حديثة نسبيًا، ثم اختفت بعض الوقت، ثم عادت بصورة صارخة، وأصبح زواج الفرعون من أخته شرطًا للجلوس على العرش، ثم اختفت هذه الزيجات تمامًا بعد غزو الإغريق لمصر، ولكن الحكام الإغريق أنفسهم عادوا فأحيوها، وكانت بنتهم كليوباترا آخر ملكة مصرية تتزوج شقيقها.
تعددت التفسيرات التى قيلت حول هذا النوع من الزواج، فهناك من أرجعها إلى جانب دينى، وهناك من تحدث عن أسباب اقتصادية، ويستعرضها «حافظ»، لكنه يتوصل فى النهاية إلى أن العلم ليس لديه جواب، ومن يستعرض التاريخ القديم يخرج منه أكثر حيرة مما بدأ، فكل حضارة لها موقف من زواج الأخوة يختلف عن الأخرى، وكل حضارة كان يتغير موقفها من عصر إلى عصر، فقبل موسى عليه السلام كان اليهود يسمحون بزواج الأخوة من نفس الأب، ويحرمون زواج الأخوة من نفس الأم، وسيدنا إبراهيم طبقًا لسجلات تاريخهم كان أخًا من الأب لزوجته سارة، ثم تغير قانون اليهودية، فأصبح لا يحرم زواج الأخوة فقط، وإنما يحرم زواج الأقارب بصفة عامة، وفى فارس القديمة كان زواج الأقارب مقدسًا، بينما كان محرمًا فى الهند أن يتزوج الرجل امرأة تمت له بصلة قرابة حتى الدرجة السادسة.
يتحدث الكتاب عن الحياة الجنسية عند الهنود وطقوس الزواج وزواج الأطفال وحرق المرأة، وعن الكتاب الهندى الشهير «كاماسوترا» الذى يعد أهم كتاب عن الجنس فى الأزمنة السابقة بالرغم من أن الحضارة الهندية هى من أكثر الحضارات قسوة على النساء، ففيها وحدها مارس المجمع عادة إحراق المرأة حية، إذا مات زوجها، وكان الكهنة يتمسكون بذلك بوجه خاص حين تكون الأرملة ثرية، إذ أن أموالها كانت بعد إحراقها تؤول إليهم، ولم يكن للأرملة مهرب من هذا المصير إلا فى حالة واحدة هى أن يتقدم نحوها رجل وهى على المحرقة، ويمسك بيديها، فعندئذ فقط كان يمكن السماح لها بالعودة إلى عالم الأحياء زوجة لهذا الرجل الشهم، ولما كانت الهند تسمح بتعدد الزوجات فكثيرًا ماكانت وفاة الرجل الواحد تعنى حرق طابور بأسره من النساء، ولما كانت الهند تسمح أيضًا بزواج الأطفال فكثيرًا ما كانت وفاة الطفل بالحصبة مثلًا تجعل «زوجته» أرملة قبل أن تتعلم المشى، ولم يكن الهنود عندئذ يحرقونها، ولكن لم يكونوا أيضًا يسمحون لها بالزواج مرة أخرى، فهى تعتبر من الناحية الرسمية ميتة، وعليها أن تعيش ميتة إلى آخر لحظة فى حياتها.
وغدًا نتابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة