قبل أيام قليلة من جولة الحسم فى سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تبادل المرشحان مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية ممثلة تيار اليمين المتطرف، وإيمانويل ماكرون المرشح المستقل، الاتهامات فى آخر مناظرة تجمعهما قبل انطلاق التصويت المقرر 7 مايو الجارى، وسط إشادة من الصحف والمراقبين الفرنسيين بأداء المرشح الشاب عكستها استطلاعات الرأى التى كشفت تأييد 63% من الناخبين مقابل 34% فقط اعتبروا أن لوبان ظهرت بشكل أفضل وأكثر اقناعاً.
وأجمعت وسائل الإعلام الفرنسية فى تعليقاتها على المناظرة التى جرت مساء الأربعاء على أن إيمانويل ماكرون بدا أكثر اتزاناً من منافسته اليمينية على الرغم من سيل الاتهامات التى أطلقتها تجاهه وتأكيدها أنه يمثل طبقة رجال الأعمال والنخب الفرنسية التى كانت سبباً فى مشكلات فرنسا ، فضلاً عن قولها إن ماكرون داعماً قوياً لجماعة الإخوان الإرهابية وتيارات الإسلام السياسى.
وخلال المناظرة، واجه إيمانويل ماكرون منافسته فى اتهامها بشأن علاقته بجماعة الإخوان، وطالبها بتقديم ما لديها من دلائل ومقاضاته أمام المحاكم الفرنسية حال ثبوت تلك الاتهامات، وعقب قائلاً: "كونى محترمة.. أنا احترمك، فكونى محترمة مثلى"، محذراً من أن أفكارها وبرنامجها الانتخابى سيقودان البلاد إلى حروب أهلية حال فوزها بسبب سياسة التمييز التى تعتزم اتباعها.
ودعت لوبان فى مناظرة الحسم إلى غلق المساجد والاتحادات والجمعيات الإسلامية بزعم أنها جميعاً "متطرفة"، مشددة على ضرورة ترحيل المسلمين ذوو الجنسيات المزدوجة وكذلك السجناء أصحاب الجنسيات الآخرى ونقلهم إلى بلدانهم.
وفى أول استطلاع للرأى بعد مناظرة الحسم ، كشف معهد إيلاب الفرنسى فى استطلاع نشرته قناة بى إف أم تى فى الفرنسية، إن إيمانويل ماكرون كان هو الأكثر إقناعا على حساب منافسته اليمينة المتطرفة التى لم تحصل على رضا سوى 34% من الفرنسيين.
وأكد نحو 63% من المستطلع آرائهم أن ماكرون كان أكثر إقناعاً بنحو 63% ، فيما أكدت استطلاعات آخرى أن ماكرون سيفوز فى الانتخابات بـ59% أو 60% من أصوات الناخبين.
قالت صحيفة لو فيجارو الفرنيسية اليوم الخميس أن المناظرة التى جرت أمس بين مرشحى الرئاسة الفرنسية، المستقل إيمانويل ماكرون ، واليمينية المتطرفة مارين لوبان، والتى تعد المناظرة الاخيرة قبل انطلاق الجولة الثانية والأخيرة للإنتخابات، كانت فى مستوى من العنف لم يسبق له مثيل، وأن النقاش تحول إلى حوار للأصماء، معتبرة أن زعيم حركة "إلى الأمام" هيمن على منافسته فى القضايا الاقتصادية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى الهجوم الشديد من ناحية لوبان على ماكرون منذ اللحظات الأولى من بدء المناظرة حيث وصفت زعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة ماكرون بأنه " مرشح العولمة المتوحشة والهشاشة والوحشية الاجتماعية وحرب الجميع ضد الجميع والتخريب الاقتصادى وتجزئة فرنسا من جانب المصالح الاقتصادية الكبرى" وعندها رد ماكرون على لوبان بأن "استراتيجيتها هى ترديد الأكاذيب".
وقالت "لوفيجارو" إن المتابع لهذا النقاش لاحظ منذ الدقائق الخمس الأولى حدة العنف غير المسبوق فى مثل هذه المناظرات فى تاريخ الرئاسيات الفرنسية.
وخلصت الصحيفة اليومية الفرنسية إلى أن هذا النقاش عكس حالتين، أولهما حالة الغضب والسخط التى عكستها مرشحة الجبهة الوطنية المتطرفة وحالة العقل وتقديم الحلول التى عكسها مرشح حركة "إلى الأمام".
وقالت المحللة السياسية الفرنسية فانيسا شنيدير، فى كلمة لها مع صحيفة لوموند الفرنسية اليوم الخميس، بعد ساعات من المناظرة الأكثر عنفاً كما وصفتها الكثير من وسائل الاعلام، أنها تأسف لما جرى أمس وأنه لم يكن ينبغى أن يظهر أحد القادة المحتملين لفرنسا فى هذه العدوانية غير الموضوعية لما يؤثر سلبا على ثقة شعبه به.
وأشارت شنيدر إلى أن القلق الذى كان ينتاب البعض حول جدوى مناظرة تضم أحد عشر مرشحا، يبدو أنه كان فى محله، بعد النقاش الحاد الذى لا يظهر سوى صراع من أجل كسب ثقة ناخبين.
وتلاحظ الكاتبة أنه من الصعب تذكر أى شيء حول برامج المرشحين، لأن المناظرة سادتها المداخلات العنيفة والفولكلورية، بل وأحيانا غير الواقعية، إذ استهدف كل منهم الآخر لتلويث وضعه وإظهاره فى موقف ضعف وعدم كفاءة.
كانت المناظرة قد جرت بين المرشحين للرئاسة الفرنسية في أجواء شديدة السخونة، أمس الأربعاء، وهاجمت خلالها المرشحة لوبان المتشددين، والمتطرفين، ودعت لطردهم، وخصت بحديثها ما وصفتهم بمزدوجى الجنسية، مشيرة إلى إنه يوجد فى فرنسا 11 ألف من الأصوليين يعيشون على أراضيها ويجب طردهم.
وفى المقابل، قال ماكرون، إن محاربة الارهاب أولوية فى برنامجه الانتخابى، دون أن يشير إلى ضرورة تبنى مواقف عدائية من الأقليات المسلمة، موضحاً أنه سيعمل ـ حال فوزه ـ على تعزيز الأمن والملف الاستخبارتى وتعزيز الاجراءات التى تحدد من حرية الانشطة الجهادية.
وأضاف المرشح الشاب: "أريد أن أكون دقيق أريد إعادة أنشطة الاجهزة الاستخبارتية، ويجب أن تكون فى جميع الأراضى الفرنسية، ولا ينبغى أن تقتصر على الاستخبارات السيبارنية فقط، ويجب أن تكون الاجراءات بالتنسيق مع مؤسسة رئاسة الجمهورية".
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لفرنسا، قالت لوبان إنها الأقدر على الدفاع عن مصالح فرنسا فى عالم وصفته بعالم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والرئيس الروسى فلادمير بوتين وعالم "يدير ظهره للتجارة الحرة".
وأكدت لوبان إنها الأفضل للحديث مع ترامب وبوتين وبريطانيا، مشيرة إلى إن أوروبا سيحكمها امرأة فى حال فوزها بالانتخابات.
وحول سياستها إزاء الاتحاد الأوروبى، أكدت لوبان إن اليورو عبئ على فرنسا، مضيفة إنها قد تلجأ إلى فرض قيود على سحب الأموال لبضعة أيام، إذا حدث تهافت على سحب الأموال من البنوك، مشددة إنها تريد أن تعود فرنسا الدولة التى تحظى باحترام الجميع، وزعمت لوبان إنها فى وضع أفضل من ماكرون للدفاع عن مصالح فرنسا فى عالم جديد.
فيما قال ماكرون، لمنافسته اليمينة المتطرفة إنه سيكون رئيس فرنسا "قوية" فى قارة أوروبا لحمايتها، مشيرا إلى أن ما تقترحه بإلغاء عملة "اليورو" فى فرنسا ما هو إلا "حرب عملات".
وأكد ماكرون، أنه سيتبنى سياسة خارجية تتبنى الخط "الديجولى – الميترانى"، مشددا إنه سيواصل العمل مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة