قال تعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم».
إن المتابع الدقيق لما تمر به الأمة الإسلامية اليوم يجد أنها تعانى من أشد أنواع الأمراض خطورة وهو مرض الإرهاب بأنواعه، الأمر الذى يوجب على جميع العلماء النهوض وبقوة لمواجهته وحماية المجتمعات الإسلامية من خطورته. ولعل ما يحدث على أرض الواقع من محاولات مستميته من قبل الجهات الغربية من أجل إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، لهو إرهاب فى حد ذاته فلا يعقل أن دينا حرم سفك الدماء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال أو إتلافها وترويع الآمنين وتخويفهم، كما حرم القتل والغدر والخيانة والسرقة والزنا والقذف وشرع الحدود المغلظة والعقوبات الرادعة لقطاع الطرق، بل اعتبر إرهابهم وفظاعاتهم محاربة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم وإفسادا فى الأرض لا يعقل بعد كل ذلك أن يكون راعيا للإرهاب يوما من الأيام. إننى لأتساءل وأتعجب: هل يجوز بعد كل هذه الأوامر والنواهى وهذه التشريعات أن يوصم الإسلام بالإرهاب؟! وهو الذى يعتبر كل عمل إرهابى جريمة فى حق الله ورسوله وفى حق الإسلام والمسلمين وأوطانهم وفى حق الإنسانية جميعا؟!، بل ويعتبر من يأتى شيئا من تلك المحرمات إرهابيا مفسدا فى الأرض مخالفا شريعة الإسلام.
ورغم أن الإسلام دين سلم وأمن فإنه تعرض جراء ما عاناه ويعانيه المسلمون من ضعف مادى، إلى الإرهاب فاحتلت أراضيه وانتهكت مقدساته واستنزفت ثرواته، واعتُدى على تاريخه وحضارته، ولغته، وقيمه، ومع كل هذا وصم بالإرهاب!
ومن العجب العجاب أنه مع هذه الآية وغيرها من النصوص من كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، نرى كثيرا من الناس يربطون بين العنف والإرهاب وبين الإسلام، ولعل الذى أوقعهم فى هذا الفهم الخاطئ التصرفات غير القويمة التى تظهر على أيدى فئات محسوبة على الإسلام، تروع الآمنين باسم الإسلام وتعد قتل الناس، ولو كانوا من المسلمين، من الجهاد المشروع، وكلا الفريقين غير معذور، فعلى غير المسلمين الرجوع إلى جهة مؤهلة إن أرادوا معرفة حقيقة الإسلام، وعلى رأس هذه الجهات الأزهر الشريف، ليكتشفوا أن دين الإسلام براء من العنف والإرهاب للمسلمين وغير المسلمين على السواء، فعن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه» فمجرد إخافة الإنسان موجب للعن من قبل الملائكة ولو كان على سبيل المزاح، فدين كهذا كيف يسمح بإرهاب الناس أو قتلهم؟!!.
إن ديننا الحنيف الذى دعانا للتعايش السلمى مع جميع البشر عد ترويع الآمنين من أعظم الجرائم على الإطلاق، وأوجب فى هذه الجريمة أشد العقوبات لتكون رادعة عن الإقدام على الفعل، «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم»، ولا يقتصر هذا الحكم على تخويف وإرهاب المسلمين بل يتعداهم إلى غيرهم فعن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة