وائل السمرى

سودانى على شط النيل

الأحد، 21 مايو 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انكسرت موجة الحر قليلا مع دخول منتصف الليل، وأصبح الجو «عليلا» بحق، نسمات باردة تأتى من حين لآخر، فتوقن أن المكوث فى البيوت الآن لا يمكن وصفه سوى بالعقاب، الانسيابية النسبية لحركة المرور جعلت السير بالسيارة أشبه بنزهة كاملة الأوصاف، لم تخفض السيارة من سرعتها إلا حينما صعدت مطلع كوبرى أكتوبر من ناحية ميدان عبدالمنعم رياض فى اتجاهى إلى الدقى، وهنا انتبهت إلى أن صوت أم كلثوم الذى يفوح من سيارتى عاليا بعض الشىء، ترددت قليلا: هل أخفض الصوت أم أتركه؟ هل أسبب إزعاجا للمارة بهذا الصوت أم أسبب ارتياحا؟ سرعان ما استبعدت تلك الأسئلة من ذهنى بسؤال آخر: من هذا الذى قد ينزعج بصوت الست وهى تقول: يا حبيبى ونبض قلبى ونور حياته.. يا ابتسام ليلى وخياله وذكرياته»؟ فتركت الصوت على حاله متغاضيا عن وخز خفيف من ضمير أسكرته النشوة.
 
لم يدم هذا الوخز الضميرى الذى يشبه الدغدغة سوى لحظات قليلة، فعلى الجانب الآخر من الطريق الذى أصبح أكثر بطئا بفعل تدافع السيارات من كل جانب، سارت بجوارى سيارة أجرة حملت ثلاثة شباب هم عبارة عن ابتسامة سمراء بهية، لم ألحظ هذه السيارة فى البداية من شدة سكرتى بصوت الست، ثم تنبهت على صوت «كلاكس» السيارة وتلويحات الشباب الذين يستقلونها، أحدهم أخرج نصف جسده من السيارة صائحا، الله يا مصر الله يا مصر، النيل وأم كلثوم الله.
 
معرفة أن هؤلاء الشباب سودانيون لم تكن صعبة ولا عسيرة، يميزهم كل شىء، وأكثر ما يميزهم هى تلك الابتسامة التى تشبه «الماركة المسجلة» بسمة أعرفها وأحبها، بسمة لم يسر إليها عفن السياسية ولا خبث النوايا، فرحت بهم والله كما لم أفرح، رفعت الصوت أكثر مستجيبا لنداءاتهم، فسارت السيارتان مترنحتان بفعل «ما تعذبناش ما تشوقناش.. وتعالى نعيش فرحتنا هنا»، هكذا سرنا، وكلما شهدت حارتى انفراجة نسبية أبطأت من سيرى لكى لا يبتعد الصوت عن أصدقاء اللحظة الحانية، وكلما ابتعدت قليلا عن رفقائى فى الهيام بـ«النيل والست» لحقت بى سيارتهم، وكأننا فى مطاردة حامية، حتى تفرقت السيارتان بفعل اختلاف السبل، وفى قلبى نشوة حقيقية ويقين لا يتزعزع بمحبة هذا الشعب الصادق.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة