«حرام إن الوضع فى مصر يكون بهذا الشكل، وعدد المكتبات بهذه القلة، لو عايزين نكون زى إسرائيل محتاجين ننشئ 10 آلاف مكتبة، ولو عاوزين نبقى زى إيران محتاجين ننشئ 5 آلاف مكتبة، ولو عاوزين نبقى زى الأردن محتاجين ننشئ 2000 مكتبة».. هكذا تحدث السفير عبدالرؤوف الريدى، رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة، أمام لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب.
ورغم المحاولات تظل المكتبات فى مصر تعانى من مشكلة مالية طوال الوقت، وإن كانت تظهر بعض الشىء فى القاهرة والجيزة، فإنها تتراجع فى المحافظات الأخرى، وتصل لحد الاختفاء فى المراكز والقرى المصرية.
لا يزال تفكير الدولة يقوم على أساس أن إنشاء مكتبة عامة شىء إضافى ترفيهى، وهناك أولويات أكثر أهمية منها تحتاج إلى اهتمام، ويبقى الأمر كذلك حتى نفاجأ بجحافل الإرهاب الخارجة من ظلمات الأماكن عديمة المكتبات وعديمة الثقافة، وحينها نسأل عن البيئة التى ينشأ فيها الإرهابيون.
ما أريد قوله إن هناك علاقة وثيقة بين صناعة الإرهاب، وغياب المكتبات العامة والتشجيع على القراءة فيها، خاصة بعد انتشار القنوات الفضائية التى تقدم للجميع وجبات ترفيهية سريعة، ولا تتوقف عند بناء أرضية ثقافية حقيقية يستطيع الإنسان أن ينطلق منها، لتكوين رحابة عقلية، أو بناء تصور حقيقى.
بالطبع هناك إشكالية كبرى يجب مناقشتها مع وزارة المالية تقوم على أساس أن الوزارة تذهب إلى أن «انتشار المكتبات يجب أن يكون اعتماده الأساسى على المنح والتبرعات»، وهذا ليس صوابًا تمامًا، وليس خطأ تمامًا، لكنه عملية متوازنة بين الدولة والمجتمع المدنى، بشرط أن تكون البداية من الدولة، ثم يكمل الناس ما بدأته الدولة.
الموضوع أكبر من وجود مبنى يحتوى كتبًا ومواد تثقيفية.. إنه اعتراف بدور المعرفة فى بناء المجتمع، والدول الساعية إلى مكانة متميزة تعرف قيمة ذلك، وتدرك أن الفارق بين أصحاب المستقبل والعاجزين عن تحقيقه هو المعرفة المنظمة التى يمكن الاستفادة منها.
بالطبع هناك سبل كثيرة لإيجاد المكتبات فى المدن الصغيرة والقرى، فليس شرطًا أن تكون فى مبانٍ كبيرة وضخمة وبراقة، لكن من الممكن إلحاقها بمؤسسات قائمة بالفعل، بشرط استقلاليتها، مثل أن تلحق بمدرسة، على أن يعرف الجميع أنها مكتبة عامة يمكن لكل أفراد القرية والقرى المجاورة أن يطلعوا على ما فيها.
هناك سبل كثيرة يمكن من خلالها أن يصير الكتاب موجودًا فى شوارع المدن والقرى المصرية، مما يساعد على إنارة العقول، والبعد عن الجهالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة